مصر: فتوى حول بيع الآثار تثير جدلا دينيا

صاحبها تراجع عنها.. وقال إنه أسيء فهمها

TT

تسببت فتوى للداعية الإسلامي المصري محمد حسان بشأن تجارة الآثار وجواز تحطيمها في جدل ديني بمصر، قبل أن يتراجع حسان عن فتواه ويقر أنها «قديمة وأسيء فهمها، وهناك من استغلها»، وأنه تجاوزها بعد مراجعة أسانيدها.

وقال حسان في تصريحات له: «الركاز كل ما يخرج من معدن الأرض، وإذا وجد شخص في ملكه شيئا فهذا حقه ورزق ساقه الله إليه وليس من حق أي أحد أن يأخذه منه، وأما إن وجد في أرض ملك للدولة، فلا يجوز أن يتعامل فيه؛ لا بيعا ولا تجارة، ولا سرقة».

ثم تراجع حسان مؤكدا أنه: «لما علم أن الدولة أصدرت قوانين بمنع المتاجرة في الآثار، باعتبارها ملكا للإنسانية، أقر بعدم جواز بيع الآثار، وعلى المواطنين التواصل مع الجهات الرسمية في حالة العثور عليها لأنها ملك للشعب».

وقالت الدكتورة سعاد صالح، الأستاذة في كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر إن «الإسلام فرق بين تجارة الآثار وبين المحافظة عليها»، لافتة إلى أن «الإسلام لا يحض على تحطيم التماثيل وأن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أمر بتحطيم التماثيل وقت الدعوة، باعتبارها صنما، لكن الوضع اليوم مختلف، فوقتها كان المسلمون حديثي العهد بالإيمان وسط مجتمع يعبد التماثيل، لكن بمرور الوقت لم تهدم التماثيل وتسامح الإسلام مع وجودها، والدليل أن عمرو بن العاص رضي الله عنه لما دخل مصر فاتحا لم يهدم المعابد أو التماثيل المقامة في مصر».

أما عن التجارة في الآثار، فقالت الدكتورة سعاد إن «بيع ما هو مملوك للأفراد منها جائز شرعا، أما ما هو ملك للدولة فهذا حرام». وعن ما إذا كان القانون يجرم ما يبيعه الأفراد من آثار سواء ما كان ملكا له أو لغيره، قالت سعاد: «أتكلم هنا عن الشرع وليس القانون، وهذا لا يعني أن لا نلتزم بالقوانين، بل يجب الالتزام بمواده حتى لا يصبح الأمر فوضى».

من جانبه، قال الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، والخبير الفقهي في مجمع البحوث الإسلامية إن الآثار واستخراجها والتجارة فيها، يتناولها الفقه الإسلامي في باب «دفائن أهل الجاهلية»، وفي رأيه، أن التنقيب عنها بحسب الأصل مباح، معتبرا أن هذا هو ما كان يعرف في الفقه الإسلامي بـ«الركاز»، لكن هذا الركاز تنظم التنقيب عنه كل دولة، ولما كانت بعض الدول الإسلامية أصدرت قوانين تحظر التنقيب عن تلك الدفائن فإن قرار ولي الأمر يجعل ما كان مباحا بحسب الأصل محظورا، باعتبار أن تلك الدفائن ليست ملكا لآحاد الناس وإنما ملك للدولة وهي ثروة قومية لا تقدر بثمن مادي معلوم. وأضاف الدكتور إدريس: «التنقيب عن الآثار أصبح محظورا ويعادل الاعتداء على المال العام». أما الشيخ يوسف البدري عضو مجمع البحوث الإسلامية، فاعتبر أن الكنوز أو الآثار يحل بيعها على أن يسدد صاحبها مقدار الخمس من ثمنها كزكاة، في حين يحرم بيع التماثيل باعتبارها حرام شرعا ولا يصح اقتناؤها أو بيعها.. إلا أن البدري أباح للسلطان أن يمنع تلك التجارة برمتها ويحرم المباح لو رأى في ذلك مصلحة عامة على أن يقدم مبررا شرعيا، أو يستخرج فتاوى أجمع عليها أهل العلم تؤيد قراره.