الشيخ الحسيني لـ«الشرق الأوسط»: أجتهد كي يصل صوتي إلى السماء قبل المصلين

حصد المركز الأول في المسابقة الدولية بماليزيا لتجويد وتلاوة القرآن الكريم

الشيخ هاني الحسيني يحمل شهادة تكريم من مصلحة الشؤون الإسلامية في ماليزيا («الشرق الأوسط»)
TT

منذ أسابيع قليلة حصل القارئ الشيخ هاني الحسيني على المركز الأول في المسابقة الدولية الثانية والخمسين لتجويد وتلاوة القرآن الكريم التي تعقد سنويا في ماليزيا، ليكون المصري الوحيد الذي يحصل على هذه الجائزة الأشهر عالميا منذ غابت عنها مصر قبل 15 عاما، بعد أن كانت تسيطر عليها في السنوات السابقة دول جنوب شرق آسيا.

وقال الشيخ هاني لـ«الشرق الأوسط»: «شاركت في عدد من المسابقات في الأعوام السابقة داخل مصر وخارجها، منها مسابقة في إيران عام 2006 وحصلت فيها على المركز الثالث، لكن تعد مسابقة تجويد وتلاوة القرآن الكريم التي تعقد سنويا في ماليزيا هي أقوى المسابقات العالمية وأصعبها، حيث تتطلب شروطا معينة للالتحاق بها، منها أن يكون القارئ حسن الصوت، ويجيد 4 مقامات صوتية، إلى جانب الفصاحة والتجويد، ومع توافر هذه الشروط لدي اشتركت في المسابقة بعد اختياري من جانب لجنة من وزارة الأوقاف المصرية بعد أن تجاوزت 10 اختبارات، والتزمت بالقانون الخاص بها، وكانت لدي ثقة في الله أنني سأحصد لقبها رغم مشاركة 47 قارئا و29 قارئة يمثلون 47 دولة».

وتلا الشيخ الحسيني في المسابقة آيات من سورة الأنفال اختارتها لجنة التحكيم، بداية من الآية الكريمة «وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوا إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ»، وما تبعها من آيات القتال التي تتضمن أكثر من مقام في التلاوة، مما جعل جميع الحضور بقاعة المسابقة يهتفون «الله أكبر»، وهو ما كان سببا في فوزه بالمركز الأول على مستوى العالم.

المسابقة ترعاها مصلحة الشؤون الإسلامية بماليزيا (جاكيم)، وتعقد تحت شعار «توثيق الأخوة يقوي الأمة»، وتتميز بحضور جماهيري وإعلامي كثيف، وتمنح جائزتين سنويا لفرعي الذكور والإناث. ولا ينسى الشيخ الحسيني لحظة تكريمه من جانب ملك ماليزيا ميزان زين العابدين، ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، إلى جانب آلاف المتابعين للمسابقة، حيث قرر الملك مضاعفة قيمة الجائزة له وقيمتها عشرة آلاف دولار تكريما للأزهر ومصر، وكذلك لم ينس إشادة السفير السعودي لدى ماليزيا عندما قال له «شرفت العرب يا شيخ هاني».

يبلغ الشيخ الحسيني من العمر 30 عاما، التحق بالكُتاب وعمره 3 سنوات لحفظ القرآن الكريم، وأتمه وعمره 10 سنوات، ثم التحق بمعهد القراءات القرآنية، وعندما كان في عمر 15 سنة قرأ القرآن في الاحتفال بذكرى المولد النبوي أمام الرئيس حسني مبارك، وبعد تخرجه عمل إماما في أكثر من مسجد، منها مسجدا القللي والسلطان أبو العلا، وأخيرا مسجد جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وبدأت شهرته عندما بدأت الإذاعة المصرية في نقل صلاة الفجر من تلك المساجد، كما اعتمد كقارئ للقرآن الكريم في الإذاعة والتلفزيون المصري منتصف العام الحالي، وقام بتسجيل المصحف مرتلا بصوته وستتم إذاعته قريبا، كما أنه عضو بـ«نقابة القراء» المصريين، وعضو مقرأة بوزارة الأوقاف.

يرى الشيخ الحسيني أن «كتاتيب» تحفيظ القرآن كانت الوسيلة الأهم لحفظ القرآن الكريم، وكان إلغاؤها سببا في تراجع حفظ كتاب الله، وأيضا في وجود عدد من الدخلاء على قراءة القرآن الذين يرتلونه وهم لا يحفظونه ولا يعرفون أحكام القراءة ومبادئها، لذا فهو يرى أنه يجب لكي يستعيد القراء المصريون والعرب مكانتهم العالمية أن يعاد فتح هذه الكتاتيب مرة أخرى، لكن بشكل عصري، لتعليم القرآن لكل الأعمار، حيث تتضمن فصولا للأصوات الحسنة يُدرَّب الملتحقون فيها على سماع أصوات كبار القراء، وفصولا أخرى لتعليم أصول وتجويد ومقامات قراءة القرآن الكريم، وهو حلم يدعو إليه الشيخ هاني رجال الأعمال والمؤسسات الإسلامية لتبنيه.

كان لمشاهير القراء تأثيرهم على تنشئة الشيخ الحسيني، حيث تربى على سماع أصواتهم، مثل الشيخ محمود علي البنا، وأيضا الشيخ محمد صديق المنشاوي، حيث أخذ من الأول صوته الرخيم، ومن الثاني الروحانية أثناء التلاوة، أما من الأجيال الجديدة فيبدي إعجابه بالقارئين راغب مصطفى غلوش ومحمد عبد الوهاب الطنطاوي. كما يدين بالفضل للشيخ خالد الجندي أول من اكتشفه وقدمه للجماهير وسانده، كما أنه أول من قدمه على قناة «أزهري» الفضائية عقب فوزه بالجائزة.

برأي الشيخ الحسيني أن وسائل الإعلام عليها دور كبير في حفظ كتاب الله، ويرى أن القنوات الفضائية المتخصصة في القرآن الكريم كان لها دور كبير خلال السنوات الماضية، حيث إنها فتحت بابا أمام أصوات ومواهب جديدة من كل الدول العربية تجيد تلاوة وترتيل القرآن، لم يكن أحد يعرف عنها شيئا، وهو ما يصب في صالح حفظ كتاب الله.

ويحلم الشيخ الحسيني أن يكون إماما للمسلمين عامة، وأن يصلي بالناس في كل مكان على وجه الأرض، فهو يحمل على عاتقة أمانة نشر القرآن الكريم من خلال صوته العذب الذي سوف يُسأل عنه يوم القيامة، كما يأمل في أن يسير أبناؤه على نفس نهجه مع القرآن قائلا «لقد رأيت عز القرآن، فلم أهن يوما ما، لأن القرآن كرامة لحامله، وأتمنى ذلك لأبنائي في المستقبل إن شاء الله».

يطالب الشيخ الحسيني الأزهر بالاهتمام بالقراء وإرسالهم إلى دول العالم، كما يدعوه إلى زيادة عدد البعثات المقدمة لطلاب دول جنوب شرق آسيا بوجه خاص للدراسة في جامعة الأزهر،‏‏ حيث إن هؤلاء الطلبة عندما يعودون إلى بلادهم يكونون خير سفراء للدعوة الإسلامية.

للشيخ الحسيني أسلوبه عند قراءة آيات القرآن الكريم، عنه يقول «عندما أقرأ القرآن أحرص على أن يخرج صوتي لكي يسمعه الله تعالي، فعندما أُسمع الله سوف يسمع كل المصلين، كما أحاول تصوير الآيات باختيار المقام المناسب لها، فهناك فارق بين آيات الترغيب والترهيب، كما أنني أحرص على وجود خلوة لي مع الله في جوف الليل لكي أقرأ القرآن ويصل صوتي إليه، فعن تجربة شخصية أرى أن سر نجاح قارئ القرآن هو قيام الليل، لكي يشهد القرآن له يوم القيامة قائلا (ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه)، كما أن هناك سلوكا معينا يجب أن يلتزم به حامل القرآن هو أن يسكت إذا تكلم الناس وأن يتكلم إذا سكت الناس، بمعنى عدم الخوض في عَرض الدنيا حتى لا يقسو قلبه».

وعن الفارق بين الأجيال الحالية من المقرئين والأجيال القديمة، يقول الشيخ الحسيني «لكل جيل ما يميزه، لكن بصفة عامة تمتاز الأجيال القديمة بأنها ربانية، أما الأجيال الجديدة فأمامها إمكانيات كثيرة تساعدها على الوصول إلى كل مكان مثل الفضائيات والإنترنت»، مبينا أنه يعمل على استغلال شبكة الإنترنت في وصول صوته للكثير من الجماهير مثل موقعي «يوتيوب» و«فيس بوك».