أزهريون ينضمون لدعوة القرضاوي بتحريم تقسيم السودان

أشادوا بها مع 60 عالما إسلاميا واعتبروا من يشارك فيه «آثما شرعا»

سوداني يراجع اسمه في سجلات الناخبين للتصويت لصالح انفصال جنوب السودان (أ.ف.ب)
TT

رحب علماء أزهريون في مصر أخيرا بدعوة الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وستين عالما وداعية إسلاميا من مختلف الدول العربية والإسلامية، بتحريم تقسيم السودان، مؤكدين على أن التصويت لصالح انفصال جنوب السودان عن شماله تحرمه الشريعة الإسلامية، مطالبين بإفشال ما وصفوه بالمخطط المعد من قبل الاستعمار لفصل جنوب السودان عن شماله، ومعتبرين أن كل من يشارك في تقسيم السودان «آثم شرعا».

جاءت دعوة القرضاوي، خلال توقيعه هو وستين عالما وداعية إسلاميا من عدة دول عربية وإسلامية على بيان حرموا فيه تقسيم السودان، وقالوا فيه «إن التصويت لصالح انفصال جنوب السودان عن شماله حرام شرعا»، مطالبين الشعب السوداني بتضافر الجهود لتوحيد جنوب السودان مع شماله، وإفشال مخطط الانفصال المعد من قبل الاستعمار، الذي تروج له جهات وشخصيات تقدم تطلعاتها الشخصية على مصالح الأمة.

وينتمي هؤلاء العلماء إلى دول مصر والمملكة العربية السعودية واليمن ولبنان وموريتانيا وتركيا ونيجيريا والسودان والأردن وفلسطين والمغرب وليبيا وطاجيكستان وماليزيا وأفغانستان وباكستان. وطالبوا في البيان «قادة الأمة وأهل الرأي وأولي العقل باليقظة لمخطط الكيان الصهيوني والصليبية العالمية بتقسيم السودان، وتبعاته المأساوية، والأخذ بزمام القرار الذي يصنع حاضرهم ومستقبلهم»، مشددين على أن انفصال جنوب السودان ليس مسألة حرب أهلية، لكنه مؤامرة عالمية لإقصاء العروبة والإسلام.

وأوضحوا أن مخطط الانفصال لا يستهدف السودان وحده، باعتبار أن جنوب السودان هو بوابة الإسلام والعروبة إلى أفريقيا.

وأشاروا إلى أن «مخطط الانفصال يكشف بوضوح أن توحد القوى الغربية ودعمها حركات التمرد والانفصال بالدول العربية يهدف إلى تفتيت الأمة العربية والإسلامية».

واتفق الدكتور محمد وهدان، الأستاذ في جامعة الأزهر والداعية الإسلامي، مع رأي العلماء بتحريم تقسيم السودان، قائلا: «تقسيم السودان جريمة ومن يشارك فيها آثم شرعا»، مشيرا إلى أن تقسيم السودان يصب في مصلحة أعداء الأمة الإسلامية، من خلال السعي إلى تقسيم المقسم وتفتيت المفتت وتجزيء المجزأ، حتى تكون الدول العربية والإسلامية صغيرة يسهل السيطرة عليها.

وأوضح الدكتور وهدان أن «الغرب نجح في تحقيق أهدافه في العراق، والآن في السودان، وبعدها مصر»، داعيا دول العالم الإسلامي لأن تقف وتمنع تقسيم السودان، لأن الانفصال معناه خراب العالم الإسلامي ومصر.

كما أيد الشيخ حسن الجنايني، الواعظ في الأزهر، كلام العلماء، قائلا: «تقسيم السودان معناه تشتيت للوحدة العربية والإسلامية، لأنه كلما قُسمت الدول أصبحت فريسة سهلة لدى العدو»، محذرا من «مخاطر تقسيم السودان وانفصال جنوبه عن شماله، مما يفتح الباب أمام تقسيمات أخرى في الشرق والغرب».

وطالب الجنايني «الهيئات والمؤسسات الإعلامية والسياسية والبحثية بفضح المخططات الصهيونية والأميركية في المنطقة العربية، خاصة ما يجري الآن في جنوب السودان، وبيان حقيقة المؤامرة التي تحاك ضد الأمن القومي المصري والعربي»، مشيرا إلى أن الحديث عن عدم تأثر حصة مصر من مياه النيل، كما يردد عدد من المسؤولين، هو مجرد تخدير للرأي العام، وسوف تكون له تأثيرات خطيرة في المستقبل القريب.

وأضاف الدكتور علي النجار، الأستاذ في جامعة الأزهر: «لا بد أن نضع أمام أعيننا حكما أو بروتوكولا وضعه الصهاينة في (بروتوكولات حكماء صهيون)، حيث قالوا إن دولتنا ستكون من النيل إلى الفرات، وقد حققوا الجزء الأول بالحصول على الفرات حينما احتلوا العراق، وسعوا جاهدين للجزء الثاني، وهو الحصول على نهر النيل، ولذلك أشعلوا الفتن بين أبناء الوطن السوداني الواحد، وأثاروا أهل الجنوب على الشمال».

وقال الدكتور النجار: «هذا حال الصهاينة دائما في إشعال الفتن بالبلاد التي تظهر في ها الثروات، كما هو الحال في السودان»، لافتا إلى أنه يجب على أهل الحل والعقد في الدول العربية والإسلامية أن يتنبهوا لمثل هذه المواقف، وأن يعودوا إلى قراءة التاريخ، وأن ينصتوا إلى كلام علماء الإسلام الذين يرشدون ولا يبغون شيئا من كلامهم إلا الحفاظ على التراث الإسلامي العريق.

وأكد الدكتور عبد الرحمن البر، الأستاذ في جامعة الأزهر، أحد الموقعين على البيان، أن علماء المسلمين لن يقبلوا بانفصال جنوب السودان، لافتا إلى أن هناك فرقا بين القبول والأمر الواقع المفروض، مشيرا إلى أن كل المحيطين بأمر تقسيم السودان يعلمون جيدا تدخل أميركا ومحاصرة السودان ومخطط تقسيم السودان، كما هو مخطط لتقسيم الأردن والعراق ومصر، كما أكد أنهم كذلك يرفضون استفتاء تقرير مصير جنوب السودان استنادا إلى الشريعة الإسلامية من حيث الشكل والمضمون ومآلات الواقع.

وأشار الدكتور البر إلى أن «الأصل في الإسلام أنه لا يُعرف استفتاء العامة إلا استئناسا، بعد أخذ رأي أهل الحل والعقد من أهل العلم والشورى والرأي، يقلبون الأمر على وجوه المصالح والمفاسد، ثم يفتون فيه بما يجلب للأمة أعظم المصالح، ويدرأ عنها أسوأ المفاسد، ولا مانع بعد ذلك من الاستئناس بآراء العامة لترجيح أحد أوجه الرأي، كما فعل عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، في تولية عثمان، رضي الله عنه، الخلافة بعد عمر، رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين».