مفتي بيهاتش: لم تبن مساجد في داخل المدينة منذ الفتح العثماني

الشيخ حسن ماكيتش لـ «الشرق الأوسط»: نحتاج لمسجد مركزي كبير يتسع لآلاف المصلين

الشيخ حسين ماكيتش مفتي بيهاتش («الشرق الأوسط»)
TT

أعرب الشيخ حسين ماكيتش مفتي بيهاتش عن أمله في إيجاد متبرع أو أكثر لبناء مسجد مركزي كبير في قلب مدينة بيهاتش في الشمال الغربي للبوسنة، والتي استعصت أثناء العدوان على السقوط رغم الضحايا الذين بلغ عددهم الآلاف بين قتلى وجرحى ومشردين.

وقال الشيخ ماكيتش لـ«الشرق الأوسط»: «بيهاتش مدينة كبيرة، فهناك أكثر من 100 ألف نسمة يسكنون في بيهاتش و300 ألف نسمة في المنطقة المحيطة، والبالغة مساحتها 689 ألف كيلومتر مربع وتقع وسط منطقة فلاحية وصناعية، ولا يوجد بها مسجد مركزي، وإنما عدد من المساجد التي بنيت في فترات تاريخية سابقة ولا تتسع للأعداد المتزايدة، فهي شديدة الازدحام أثناء الصلاة وبالأخص صلاة الجمعة، أما في الأعياد فنضطر للصلاة في صالة رياضية، ولهذا نحن في حاجة لمسجد كبير يتسع لآلاف المقبلين على الصلاة، ولا سيما صلاة الجمعة والعيدين وصلاة التراويح واستقبال الحجاج قبل وبعد العودة من البقاع المقدسة، إلى جانب الصلوات الخمس».

وعما إذا كانوا قد وجدوا المكان المناسب لإقامة مسجد كبير سيكون الأول منذ الفتح العثماني للبوسنة سنة 1463، قال: «وجدنا المكان المناسب في وسط المدينة، وقد اشترينا الأرض وتبلغ مساحتها 3 دونمات، وأعددنا تخطيط البناء، والتراخيص اللازمة من البلدية، وإن شاء الله سيبنى المسجد في مكان تحده عدد من الطرق الرئيسية والفرعية، وهو المسجد الأول الذي نسعى لبنائه منذ العهد العثماني فهناك مساجد جديدة في القرى، ولكن في المدينة سيكون الأول».

وعن مساحة المسجد الذي ينوون إقامته في هذا المكان الكبير والواقع في وسط المدينة أفاد بأن «المسجد يقع على مساحة 23 مترا × 23 مترا ويتكون من طابقين، ومنارتين وقبة كبيرة ويتسع لأكثر من 1500 مصل، حيث لا يزيد اتساع المساجد الموجودة عن 400 مصل بشكل مزدحم جدا وفي الغالب يصلي عدد كبير من المسلمين خارج المسجد، ولا سيما في أيام الجمعة، وتبلغ تكلفة إقامة المسجد نصف مليون يورو».

وتابع «أدعو المتبرعين للمساهمة في بناء هذا المسجد المهم والحيوي لحاضر ومستقبل المسلمين في بيهاتش، فالهوية الثقافية تعد أولوية في سلم البقاء الإنساني في عالم يتمايز كلما تقاربت المسافات بين مكوناته التي يتمركز كل منها حول الذات وتدعو بعضها لمركزيتها».

وحول نشاطات المشيخة الإسلامية في بيهاتش، أشار المفتي الشيخ ماكيتش إلى أن «هناك 200 مسجد في عموم إقليم بيهاتش كما يوجد بهذه أكثر من 200 إمام، تقام فيها الصلوات الخمس والجمعة، كما توجد الخلاوي لتحفيظ القرآن الكريم للنشء، وهي نشاطات طبيعية للمساجد لها نظائر في العالم الإسلامي» وتابع «لقد تعرضت هذه المساجد أثناء العدوان، من 1992 وحتى 1995، للقصف والهدم والنسف، وقد بذلنا جهدا مضنيا من أجل ترميمها بمساعدة الأشقاء في العالم الإسلامي، ونحن الآن على وشك الانتهاء من ترميم جميع تلك المساجد».

وعن النشاط التعليمي للمشيخة الإسلامية في بيهاتش، أوضح الشيخ ماكيتش أن «المشيخة الإسلامية تشرف على المدرسة الإسلامية الثانوية في مدينة تسازين، وقد أعيد افتتاحها سنة 1993 بمساعدة البنك الإسلامي للتنمية في جدة، وهي المدرسة الإسلامية الوحيدة في إقليم بيهاتش وبها مائتا طالب وطالبة، يدرسون بشكل منفصل، ويوجد نظام المبيت بالمدرسة، أي نظام السكن الداخلي، وكانت هذه المدرسة قبل نحو 100 عام ولكن النظام الشيوعي أغلقها باسم الحداثوية. وطلبة المدرسة والحمد لله من المتفوقين في الكليات التي يلتحقون بها سواء في بيهاتش أو سراييفو أو خارج البوسنة، وبعضهم تخصص في الطب والبعض الآخر في الهندسة، ومنهم من اختار مواصلة دراساته الإسلامية الأكاديمية. وتوجد الأكاديمية الإسلامية في مدينة بيهاتش، والتي تكفلت ببنائها الهيئة السعودية العليا عام 2001 وتضم نفس العدد تقريبا من الطلبة والطالبات، وتنفق عليها حاليا حكومة إقليم بيهاتش مثل بقية الكليات الأخرى».

وعن نشاط المشيخة داخل المدارس الحكومية، والتي سمحت بعد الاستقلال عام 1992 بإدخال مادة التربية الإسلامية، وقنن ذلك رسميا بعد انتهاء الحرب قال مفتي بيهاتش الشيخ حسن ماكيتش: «أدخلت مادة التربية الإسلامية للمدارس الابتدائية والثانوية أثناء العدوان على المسلمين في البوسنة، وقد أشير في القرار الذي تم اتخاذه بهذا الخصوص بأن المادة اختيارية، لكن الطلبة يقبلون على مادة التربية الإسلامية بنسبة تزيد عن 95%، والحمد لله لدينا كوادر كافية لتدريس مادة التربية الإسلامية».

وزف مفتي بيهاتش ما قال إنها «بشرى سارة للمسلمين في بيهاتش، وهي افتتاح مدرسة خاصة لتحفيظ القرآن الكريم بالإقليم، وهي ضمن مشاريع مماثلة للمشيخة الإسلامية في البوسنة، تهدف لإقامة مدارس متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم إلى جانب الجهود التي تبذل على الصعيد التعليمي داخل المدارس الإسلامية» وأردف «الجديد عندنا هو افتتاح مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، قبل شهر تقريبا، والحمد لله لدينا الآن 3 حفاظ وهذا عدد قليل جدا مقارنة بعدد السكان، ونأمل أن تساهم المدرسة في زيادة نوعية لحفظة كتاب الله، وقد بدأ العمل مع هؤلاء الحفاظ والإقبال كبير جدا، وإن شاء الله يكون للمدرسة دور كبير في ترسيخ قيم الإسلام والحفاظ على الهوية الإسلامية في هذه البقاع، وحب الناس» وعن كيفية الحصول على لقب حافظ، أفاد المفتي الشيخ ماكيتش بأن «هناك لجنة تابعة للمشيخة الإسلامية، تقوم بالاستماع لمن يتقدم بطلب الحصول على شهادة حافظ في مدة لا تزيد عن 15 يوما أي بالاستماع لجزئين كل يوم، وإذا تأكدت من حفظه وإتقانه تمنحه شهادة الحفظ، كوثيقة رسمية تخوله ممارسة التحفيظ وتلقين غيره. ولدينا الآن حافظ من بيهاتش على وشك الحصول على شهادته من قبل اللجنة التي يرأسها نائب رئيس العلماء في البوسنة الشيخ عصمت سباهيتش، وتضم عددا من الحفاظ المشهورين مثل الشيخ منصور مالكيتش، وفاضل فضليتش، وجواد تشوشيتش وآخرين». وأفاد بأن هناك نشاطا إعلاميا في التلفزيون المحلي، بشكل أسبوعي، يغطي نشاطات المساجد والمناسبات الإسلامية المختلفة، كما يغطي نشاطات الآخرين، وهو برنامج تابع للتلفزيون، وليس للمشيخة الإسلامية.