أمن الوطن مسؤولية مَنْ؟

TT

كل من يقيم على تراب الوطن ويتفيأ ظلاله وينتفع بخيراته فهو مسؤول عن أمنه، وأمن الوطن واجب مقدس ورسالة سامية وواجب شرعي؛ لأن هذا الأمن هو في صالحك أولا، فبالأمن تأمن على نفسك وعرضك ومالك ومجتمعك وكسبك ومجدك، والأمن من أعظم النعم حتى امتن الله بها على خلقه فقال: «الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف».

ولا حياة بلا أمن؛ فإن الأمن ركن أصيل من أركان السعادة والفلاح والنجاح، حتى قال رسولنا، صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، حتى سأل إبراهيم، عليه السلام، ربه الأمن في الوطن، فقال: «رب اجعل هذا بلدا آمنا».

وكل منا مسؤول عن الأمن، فالراعي عليه واجب حفظ البلاد والدفاع عنها وتأمين أهلها والعدل بين أبنائها، كما قال الهرمزان لعمر بن الخطاب، وقد رآه نائما تحت شجرة بلا حراسة: «حكمت فعدلت، فأمنت، فنمت»، والأمن مسؤولية العالم والداعية والأستاذ والمثقف والكاتب والشاعر، فليتقوا الله في نتاجهم ليكون على منهج الاعتدال والوسطية، فليس عندنا مكان للفكر الإلحادي المنحرف، وأيضا ليس عندنا مكان للفكر الضال البدعي الخرافي، فإن الله أمرنا بلزوم الوسطية والاعتدال في الأمور وتجنب الإفراط والتفريط، كما قال تعالى: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا»، والإعلام مسؤول عن الأمن، سواء المقروء أو المسموع أو المشاهَد، فليحرص على الفكرة الراشدة والرأي السديد وجمع الشمل، وتوحيد الأمة والمحافظة على قدسية الرسالة الخالدة، وأمن الوطن، وتأليف القلوب، وكل فرد من أفراد الوطن تقع عليه الأمانة من موظف وتاجر وطبيب ومهندس وجندي وفلاح.. إلى آخر التخصصات والمواهب؛ لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وصف المجتمع بالسفينة؛ فكلنا مسؤول عن أمن السفينة، وإذا تركنا سفيها يخرق في السفينة غرقت السفينة وغرقنا جميعا، نحن عندنا مشروع إسلامي حضاري تجديدي ينبغي أن نحافظ عليه وأن نصفيه ونجتهد في حراسته؛ لأننا كنا قبل مشروع التوحيد والوحدة قبائل متناحرة متقاتلة يعمها النهب والسلب والفتك والسفك، ولا نريد أن نعود لمرحلة القطيعة والعداوات والتمزق والتفرق، قال سبحانه: «ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم»، وأول مهمة للدولة هي حماية الدين الصحيح بلا غلو ولا جفاء؛ لأن أول إعلان للدولة أنها دولة مسلمة على كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، فلنلتزم جميعا بهذا الميثاق المقدس والعهد الوثيق؛ لأن الإسلام قدرنا وحظنا بين الأمم ورسالتنا بين الشعوب وفخرنا في أنحاء العالم، وهي رسالة سوف نسقيها بالدم متى دعت الحاجة ونادى الواجب، وسوف نقدم لها الجماجم عند الطلب، لا خيار لنا إلا ما شرفنا الله به، حيث جعلنا مهبط الوحي ومهد الرسالة وقبلة العالم ومنطلق النور وأرض محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم.

فإما حياة نظم الوحي سيرها وإلا فموت لا يسر الأعاديا والمواطن له حقوق وعليه واجبات: فمن حقوقه أن يعيش الحياة الكريمة الآمنة، حيث توفر له لقمة العيش، ويعيش الأمن والاستقرار، وتفتح أمامه أبواب العمل والإبداع والإنتاج والمشاركة البناءة المفيدة، وعليه واجب النصيحة ودرء الفتنة والسعي في وحدة الكلمة، ولمّ الشمل، والدفاع عن الوطن، والمشاركة في البناء والتعمير.

بالأمن تقوم التنمية والعلم والمعرفة والبناء والازدهار والإنتاج والعمل الجاد المثمر، وإذا ذهب الأمن انتهت الحياة الكريمة والعيش الرغيد والمجتمع المرحوم المتكافل، فهيا نسهم جميعا في حياة آمنة مستقرة تبنى على المحبة والإخاء والمشاركة ورفع المظالم وإعطاء الحقوق والقيام بالواجبات والاشتراك في المغانم والمغارم، «واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا».