جمعية علماء الاجتماعيات المسلمين في بريطانيا تعقد مؤتمرها السنوي الثالث عن الإسلام والمسلمين وتحدي التعددية

TT

تعقد جمعية علماء الاجتماعيات المسلمين في بريطانيا مؤتمرها السنوي الثالث بعنوان «الوحدة والتنوع: الاسلام والمسلمون وتحدي التعددية». ينعقد المؤتمر للفترة من 20 ـ 21 اكتوبر (تشرين الاول) الحالي باستضافة اكاديمية الدبلوماسية في جامعة وستنمنسر البريطانية. وسبق للجمعية ان عقدت عدة مؤتمرات خلال السنوات الماضية منها مؤتمرها الذي حقق نجاحا كبيرا بعنوان «مسلمو اوروبا في الالفية الثانية» الذي عقد في سبتمبر (ايلول) 2000 وحضره نخبة من المفكرين والاكاديميين والاعلاميين من مختلف الدول الاوروبية. وبمناسبة قرب انعقاد المؤتمر السنوي الثالث التقت «الشرق الأوسط» بالدكتور انس الشيخ علي رئيس جمعية علماء الاجتماعيات المسلمين في بريطانيا وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر وجرى معه الحوار التالي:

* هل انتهت الاستعدادات لعقد المؤتمر وهل ترون ان انعقاده في هذه الفترة مناسب؟

ـ نعم لقد انتهت كافة الاستعدادات للمؤتمر الذي نتوقع له نجاحا طيبا باذن الله. ونعتقد ان هذه الفترة مناسبة بل تحتاج الى المواضيع التي سوف يتطرق اليها المؤتمر، رغم ان العنوان الرئيسي او المحور الرئيسي تم تحديده منذ مطلع هذا العام حيث سيوفر اللقاء فرصة مهمة يتناول فيها المشاركون بالتفسير والتحري المواضيع الرئيسية اي الوحدة والتنوع والتعددية من منظور علوم الاقتصاد والسياسة والعلاقات الاجتماعية والدين وحقوق الانسان اضافة الى الكثير من الامور التي اثارتها الاحداث الاخيرة. وهناك بحث مهم جدا سيقدم حول موضوع «لغة نشر الخوف من الاسلام» او ما يطلق عليه «الاسلاموفوبيا» سوف يعالج اللغة التي يستخدمها بعض الاعلاميين والسياسيين والتي تروج للخوف من الاسلام والمسلمين وتعزز النمطية السائدة والتشويه والاساءة في عرف الامور الاسلامية.

ويقام هذا المؤتمر في اعقاب مؤتمر الامم المتحدة العالمي ضد العنصرية وكراهية الاجانب وصنوف التعصب المتصلة بها، الذي انعقد في درين بجنوب افريقيا. وفي منظور الاعلام قد مُني مؤتمر دربن بالفشل الذريع على عدة اصعدة. ووصلت الوفود الدولية فيه طريقاً مسدودا في معرض مساعيها لصياغة نصوص تعرف صنوف العنصرية وكراهية الاجانب وغيرها من انماط التعصب وتبين قرائنها واطرها، فيما طغى على المؤتمر السجال الحاد الذي ولده، مما حدد فحوى القرارات التي خلص اليها. ورغم ان المندوبين تمكنوا في نهاية المطاف من التوصل الى اتفاق حول صيغة قرار ختامي يدين الاستعمار بالتعسف وممارسة الاستعباد وبتفهم وضع الفلسطينيين، لا بد ان ترقى الشكوك الى جدية تنفيذ بنوده على ارض الواقع.

اما على صعيدنا المحلي في بريطانيا فتشكل احداث الشغب في الصيف الماضي في شمال انجلترا تحديا عميقا لمفاهيم التنوع الثقافي والتعددية والتباين، التي سبق ان تناولها مؤتمر دربن وغيرها من المحافل. كما سيتناولها المؤتمر السنوي الثالث لجمعيتنا. وتثير المرحلة الراهنة قلقا شديدا في صفوف المجتمعات البريطانية المسلمة، اذ يتزايد التأييد للمتطرفين اليمينيين في المناطق التي يوجد فيها المسلمون بكثافة. وسعى هؤلاء المتطرفون في الآونة الاخيرة الى اشعال الفتن الطائفية من خلال افتعال الانشقاقات داخل المجتمعات الآسيوية في بريطانيا واستغلال ثغرات في قانون العلاقات العرقية البريطاني تخول لهم ان يشنوا حملات سياسية صريحة في عدائها للاسلام. وتمثل ردّ الحكومة البريطانية بالحد من فاعلية الحركة العنصرية في مدننا عبر التوكيد على اجرامية من ساهم في اعمال الشغب. كما يعقد المؤتمر في اعقاب الهجمات المروّعة في الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي ومما لا ريب فيه ان الارهاب ظاهرة تؤثر في العالم اجمع. ولكن، حين اشارت اصابع الاتهام الى ما يُدعى بـ«الارهابيين الاسلاميين» سارع سياسيون عدة الى اصدار تصريحات لا لبس فيها تهدف الى طمأنة العالم الاسلامي ان هذه «الحرب» ليست ضد الاسلام. بيد ان هذه التصريحات ترافقت مع ردود فعل اولية في الاعلام وعلى لسان كبار السياسيين على شاطئي الاطلسي، اتسمت بتعابير تنم عن تعصب مغرض. وفي الوقت ذاته تم حثّ غير المسلمين على التمييز بين الاسلام بوصفه دين السلام الذي يتقيد به السواد الاعظم من المسلمين في جميع انحاء المعمورة من جهة وافعال فئة قليلة محلية من جهة اخرى.

* لاحظنا تزايد المد المعادي للاسلام والمسلمين الى درجة ادت الى قيام المسؤولين بالتأكيد على ان هذه «الحرب» غير موجهة ضد الاسلام، ما رأيكم؟

ـ كان لا بد للمدّ المعادي للاسلام ان يتصاعد لا سيما وان اوساط الاعلام العالمية اخذت تبث اكثر الصور والعناوين العريضة تهييجا للمشاعر. ورغم ان معظم الصور والكلمات قد خفت حدتها لاحقا الا انها اثبتت ان ثمة اجواء من العداء والجهل تخيم على فهم الاسلام والمجتمعات الاسلامية. ومما زاد الطين بلة ان بعض السياسيين جاهروا بحقدهم السافر تجاه طالبي اللجوء واللاجئين. ولم يؤد تكالب الاعلاميين اللاهث وراء مضاعفات النبأ الى اعلام جاد او تثقيف مستنير. بل اخفقت شركات الاعلام الغربية التي ما فتئت تجتر قوالب نمطية تخصصها للاسلام والمسلمين، في التصدي لليمينيين الذين نجحوا في تطويع مفردات «الليبرالية» لاغراضهم. الا ان ثمة بوادر تدعو الى التفاؤل رغم كل ما تقدم، اذ ابدى الكثيرون من غير المسلمين تضامنهم وتسامحهم وتفهمهم تجاه جيرانهم المسلمين. وسنت حكومة الولايات المتحدة تشريعا يحرّم التحريض على الضغائن الطائفية، مما حفز الحكومة البريطانية على التسليم بضرورة مثل هذه التشريعات، التي ستلقى ترحيبا واسع النطاق. وقد شهد الصيف الفائت اسبوعا من الحلقات التلفزيونية حول الاسلام قدمته هيئة الاذاعة البريطانية. وتعد هذه الحلقات محاولة للبدء بتقويم التضليل الاعلامي بخصوص الاسلام الذي تقبله الكثيرون من غير المسلمين دون تساؤل يُذكر.

* ما هي الجهود او النشاطات التي قامت بها الجمعية لمراجعة هذه الهجمة الاعلامية؟

ـ قامت الجمعية بجهود مكثفة من خلال اللقاء مع مؤسسات اخرى في الساحة البريطانية حيث شارك العديد من اعضاء الجمعية واعضاء لجنتها التنفيذية في برامج تلفزيونية واذاعية اضافة الى رصد ما يكتب في الصحف والرد عليه. وكان هناك تعاون وثيق بالذات مع FAIR (هيئة مناهضة نشر الخوف من الاسلام والعنصرية).

* ما هي اهداف فير (FAIR) ومتى تم تأسيسها؟

ـ اعلن عن تأسيس فير (FAIR) في اجتماع عقد في مايو (ايار) الماضي بحضور ما يزيد عن 200 شخص ووزير الداخلية السابق جاك سترو.. وممثلين عن الامم المتحدة وعدد من السفارات والمؤسسات ووسائل الاعلام. وتتلخص اهداف FAIR بما يلي:

نشر مستويات افضل من الوعي بالاسلام وقضاياه، ومن ظاهرة «الاسلاموفوبيا» (اي نشر وترويج الخطر الاسلامي او الخوف من الاسلام في وسائل الاعلام المختلفة) ومراقبة النشاطات الثقافية العامة في هذا المجال، ومساعدة ودعم ضحايا التمييز العنصري واعداد الدراسات وتقويمها للهيئات والمنظمات التي تتعامل مع ظاهرة «الاسلاموفوبيا» ودعم والعلاقات الطيبة بين ابناء مختلف الاديان والتجمعات والاعراق.

صورة:

ـ البروفسور مالك بدري يتحدث امام احد مؤتمرات جمعية علماء الاجتماعيات المسلمين في بريطانيا (خاص بـ«الشرق الأوسط»)