الكاتب السباب الشتام!

TT

بعض الكتاب سباب شتام لا يعرف إلا تصيد الأخطاء وجمع الأغلاط والفرح بالعثرات واكتشاف الزلات، وهذا زير أجوف وطبلة خرقاء، منكوس الفطرة، ومقلوب الإرادة، ومطموس البصيرة يعمى عن المحاسن، ويغفل عن الإصابة، ولا يرى الإنجازات؛ لأن نفسه سقيمة، وأخلاقه عقيمة، في غدته سموم يفرغها على الناس، وفي فؤاده ديناميت يثوره على الآخرين. إن المعاقين نفسيا يجدون لذة في صلب الناجحين على خشبة الموت. وإن الأغبياء الحمقى يحسون بمتعة إذا مرغوا كرامة الشرفاء الأذكياء، الحسود الكنود يرى النعم على غيره تهديدا لأمنه وراحته فيسعى لتدميرها. أين الإنصاف عند بعض الكتاب وهو ينقد خصمه فلا يرى له حسنة ولا إصابة ولا إنجازا؟! حينها يسقط من عين القراء؛ لأنه أصبح معروفا بالحيف والتزوير وكتمان الحقيقة. إنك لن تستطيع بنفسك الضعيف أن تنفخ في وجه الشمس لتطفئها، فالشمس أكبر وأعظم من ذلك، ولن تستطيع بطرف ثوبك أن تغطي وجه القمر، والقمر أجل وأجمل.

الكاتب العياب السباب الشتام النمام ذباب وقع في مجزرة، فهو يحمل القذى ويدور بالأذى ويوزع الوباء على الناس، أما الكاتب العفيف الشريف، فهو كالنحل تمص رحيق الزهور وترشف ماء الورود ثم تنتج عسلا مصفى فيه شفاء للناس.

يا حسرة على أعداء النجاح! صارت قلوبهم أفران غيظ وبراكين عداوة ومزابل حقد وحسد، ولو أنصفوا لاغتسلوا بماء الحب ولبسوا ثياب السلام ووزعوا على الناس ابتسامات الأمان وكلمات الرضا وورد البشرى. دع المفتري الناقم والحاسد الجاحد يلقى جزاءه بفعله ويقتل نفسه بخنجره ويتجرع كأس السم بيده، فهو وحده الذي أسهر ليله بحقده وأتلف أعصابه بحسده، ومزق روحه بانتقامه «وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ». إذا لم تثن على خير فلا تسبه، وإذا لم تشجع ناجحا فلا تثبطه، وإذا لم تساعد عاملا مثابرا فلا تطعنه. عداوتك لأرباب النجاح معناها أنك فاشل، وغيظك من المتفوقين يخبرنا بأنك راسب، فلا تشهد على نفسك بالسقوط والخمول، فإن مزبلة التاريخ تنتظر كل وغد بليد، وكل جبار عنيد.. لعل من حكمة الله أن جعل للأبرار أشرارا يكفرون عنهم السيئات بالسب والشتم لحمايتهم من داء الكبر والعجب. ولا بد للتحف من مناشف ومناديل تمسح عنها الغبار «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا». النقد الآثم للناجحين براءة اختراع وشهادات حسن سيرة وسلوك؛ لأن الرذيل الهزيل يضيق ذرعا بأهل الفضائل، والجعلان تزكم من روائح الزهور، والخنفساء يقتلها ماء الورد.

مر الأسد بغدير فنقنق الضفدع يحذره، فقال له: يا ضفدع، أنت في مكان مهين، أسفلك في الماء وأعلاك في الطين، أما علمت أني كسرت قوافل الجمال، وهابني الرجال، واهتزت لزئيري الجبال؟! ألف تحية للناجحين، وللحساد والفاشلين كرت أحمر مكتوب عليه: «قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ».