الأمير سلمان يوقع التقرير النهائي لنشاطات الهيئة السعودية العليا لمساعدة البوسنة والهرسك

8 سنوات من الجهود الإغاثية والإنسانية للمتضررين من الحرب

الرئيس البوسني الراحل علي عزت بيغوفيتش يقلد الأمير سلمان بن عبد العزيز وسام ابن البوسنة البار بوصفه رئيسا للهيئة السعودية العليا لمساعدة البوسنة والهرسك («الشرق الأوسط»)
TT

أصدرت الهيئة السعودية العليا لمساعدة شعب البوسنة والهرسك، تقريرها النهائي، بتوقيع الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، ورئيس الهيئة. والتقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، سفر ضخم يحوي 257 صفحة، بالإضافة إلى ألبوم صور، وذلك باللغتين العربية والإنجليزية. وقد طبع طباعة فاخرة، وبشكل خاص.

وقال الأمير سلمان في مقدمة التقرير «تستشعر المملكة العربية السعودية، قيادة وشعبا، دورها الحضاري والإنساني تجاه المجتمع الدولي عموما والمجتمع العربي والإسلامي خصوصا، كونها دولة رائدة وصاحبة رسالة عالمية وقبلة للمسلمين قاطبة، وذات وزن اقتصادي وثقل حضاري وثقافي أهلها للحضور في دوائر العون الإنساني الإقليمي والدولي، ونقلها إلى مقدمة الدول التي تأنس برأيها منظمات الغوث العالمية الرسمية منها والطوعية، وتعول على دعمها وتفاعلها في الملمات والكوارث الخطيرة التي تتطلب تحركا إنسانيا عاجلا». وأوضح أن المملكة العربية السعودية «تضطلع بحكم ثوابتها ووضعيتها التاريخية كأرض رسالات، وبما حباها الله به من نعم، بواجبات ضخمة ومهمات جسيمة في مجال صيانة العلاقات الإنسانية ودعم وتطوير روابط التعاون الدولي، من أجل تأمين الدعم الإنساني للمتأثرين بالكوارث الطبيعية والحروب». وتحدث الأمير سلمان في مقدمة التقرير عن الجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية «ويسجل التاريخ المعاصر في سجلاته الرسمية والشعبية وقوف المملكة العربية السعودية مع الشعوب العربية والإسلامية، بل شعوب العالم أجمع في كل المحن والابتلاءات، تضمد الجراح وتوفر الغذاء والكساء والمأوى للمتضررين في مواقعهم داخل بلدانهم، بل وتنقل المصابين الذين تتطلب حالاتهم عناية خاصة أو علاجا سريعا إلى مستشفياتها إلى أن تستقر أوضاعهم». وأشار إلى أن «المملكة العربية السعودية، ملكا، وقيادة، وحكومة، وشعبا، ظلت تستأثر بموقف الريادة، وتملك زمام المبادرة في ما يتعلق بالدعم السياسي والمعنوي والإغاثي لشعب البوسنة منذ بداية المحنة عام 1990، وقدم أبناؤها الكثير من أجل أشقائهم في البوسنة».

من جهته، قال الشيخ ناصر بن عبد الرحمن السعيد، المشرف الإقليمي على مكاتب الهيئة السعودية لمساعدة البوسنة والهرسك في أوروبا، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عززت المملكة أعمالها في البوسنة والهرسك، إنفاذا للتوجيهات السامية الكريمة من خلال الهيئة العليا لمساعدة شعب البوسنة». وتابع «على مدى 8 سنوات بذلت الهيئة العليا ممثلة في المكتب الإقليمي جهودا كبيرة متواصلة، وظلت تقدم عشرات البرامج الإغاثية والإنسانية للمتضررين من الحرب». وأكد على أن البوسنة حكومة وشعبا تشعر بالامتنان لما قدمته وتقدمه المملكة العربية السعودية للقضية البوسنية.. و«عرفانا منها بهذا الدور الكبير الذي اضطلعت به الهيئة العليا في البوسنة وتقديرا لجهودها، فقد منحت الحكومة البوسنية، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وسام ابن البوسنة البار، بوصفه رئيسا للهيئة العليا، حيث قام بتقليده لسموه، فخامة الرئيس البوسني علي عزت بيغوفيتش في شهر مارس (آذار) 1997». وأضاف «كما تعدت أصداء الجهود التي قامت بها الهيئة العليا داخل البوسنة إلى أنحاء الوطن الإسلامي الكبير، الأمر الذي أهلها لتمنح جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في عام 1421 - 2001». وقد تطرق التقرير إلى قضية التأسيس، والأهداف، وأثر نشاط الهيئة السعودية العليا على العمل الخيري، وإنجازات الهيئة السعودية العليا. كما وثق الهيكل الإداري والتنظيمي، وأهم توصيات اللجنة التنفيذية، ومكاتب الهيئة السعودية العليا في أوروبا، وموارد الهيئة السعودية العليا. ثم يغوص التقرير في الحديث بالتفاصيل عن ملامح من إنجازات الهيئة السعودية العليا في البوسنة والهرسك. وزيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى البوسنة مرتين، سنتي 1997 و2000. حيث حظي باستقبال غير مسبوق لم يحظ به أي مسؤول محلي أو دولي.

ومن بين ما أفرده التقرير من أرقام عن حجم المساعدات التي تلقاها الشعب البوسني من قبل الهيئة السعودية العليا «توصيل 2140 طنا من المواد الغذائية المختلفة إلى مدينة بيهاتش أثناء حصارها، وأسهمت تلك المواد في التخفيف من معاناة سكان المنطقة في ذلك الوقت. فيما تجاوز حجم المواد الغذائية التي وفرتها الهيئة وقامت بإيصالها إلى المتضررين في ظروف قاسية وبالغة الخطورة 110 آلاف طن».. وقد «بلغ إجمالي التبرعات التي تلقتها الهيئة طوال فترة عملها 561 مليون دولار».. و«بلغت التبرعات النقدية والقيمة النقدية من التبرعات العينية من مواطني المملكة العربية السعودية ومقيميها بما فيها تبرعات كبار التجار ورجال الأعمال والشركات الوطنية، مبلغا وقدره 413 مليون دولار». كما «قدم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز من أمواله الخاصة مبلغ 34 مليون دولار، بينما بلغ إجمالي التبرعات الحكومية 114 مليون دولار». وتم تأمين وتوزيع المواد الغذائية بتكلفة بلغت 110.600.000 دولار، ونظمت الهيئة السعودية العليا جسرا بحريا حتى ميناء بلوتشا الكرواتي الذي يبعد نحو 27 كيلومترا عن الحدود البوسنية، وبلغ عدد السفن القادمة من المملكة إلى الميناء «21 سفينة شحن محملة بالمواد الغذائية المختلفة وذلك خلال فترات زمنية متفاوتة». كما نظمت الهيئة جسرا جويا بين مطارات المملكة ومطار فيينا (النمسا)»، إذ حملت 12 طائرة شحن أنواعا شتى من المواد الأساسية الضرورية. وقد بلغ وزن المواد الغذائية التي تم توصيلها عن طريق الجسرين الجوي والبحري 90 ألف طن، كما تم تأمين ما مقداره 20 ألف طن من مواد الإغاثة من المنطقة نفسها، وبذلك «يكون إجمالي وزن المواد الإغاثية التي أمنت من خلال هذا البرنامج قرابة 110 آلاف طن».

ومن الأعمال الإغاثية التي تعد رائدة في مجالها، تشغيل عدد من الأفران والمخابز في سراييفو لصناعة الخبز وتوزيعه مجانا على المواطنين بمعدل 7 آلاف رغيف يوميا. كما تم تنفيذ برنامج مماثل في توزلا. ولأهمية الكهرباء لكثير من المرافق المدنية كالمستشفيات والملاجئ ودور العجزة ودور العبادة عملت الهيئة على إعادة التيار الكهربائي إبان حصار سراييفو، وجعلت ذلك ضمن برامجها الإغاثية. وعملت الهيئة على توصيل الغاز لتسع مناطق سكنية و22 مسجدا في سراييفو، وكان لهذا العمل الذي نفذ أثناء الحصار، دور كبير في توفير الدفء للأطفال والشيوخ والمرضى في المستشفيات والمصلين في المساجد، وخفف من وطأة البرد القارس على عدد كبير من العائلات البوسنية.

ومن المشاريع الأخرى التي ذكرها التقرير توفير وقود التدفئة، وإصلاح ثلاجة بلدية زينتسا التي تتسع لـ250 طنا من المواد الغذائية. وتوفير آلات لغزل الصوف لـ60 مزارعا، وتوزيع 4 أطنان من الصوف لبدء النشاط، وأقامت الهيئة 4 مشاغل للتدريب على أعمال الخياطة للمواطنات الراغبات في ذلك في عدد من المدن البوسنية، واستفادت من ذلك 2000 مواطنة. وتنتج هذه المشاغل مختلف أنواع الملابس والأزياء، وبلغ عدد قطع الملابس المنتجة حتى الآن 44310 قطع، وزعت على المستحقين مجانا. كما قامت الهيئة بتوفير البذور والأسمدة للمزارعين، وقد بلغت التكلفة الإجمالية للبذور 474.810 دولارات. وبلغت تكلفة رعاية 12 ألف يتيم كفلتهم الهيئة 12.564.600 دولار. إلى جانب إيواء المهجرين في 18 مخيما، منها 8 مخيمات بتركيا بلغ عدد المهجرين فيها 14 ألفا. وقدمت مساعدات للمهجرين البوسنيين في المجر وعددهم 3 آلاف مهجر، واستأجرت مساكن للمهجرين في كرواتيا، لا سيما العاصمة زغرب، وساعدت المهجرين بمبلغ 50 دولارا شهريا لإيجار السكن. وبلغ عدد الأسر التي حصلت على سكن عائلي، 4245 أسرة. وقدمت مساعدات مختلفة للمهجرين القاطنين خارج العاصمة زغرب، منها 11 صنفا من الأطعمة ومواد التنظيف والبطانيات وغيرها. إضافة إلى كفالة المدرسين والأطباء والكوادر الفنية التي تسهم في خدمة المهجرين، وبلغت تكلفة إجمالي ما تم صرفه لهذا البرنامج 20.320.000 دولار أميركي. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد فقد باشرت الهيئة برنامجا آخر لإعادة المهجرين إلى ديارهم بعد انتهاء الحرب، ونظمت 32 قافلة عودة لهذا الغرض استفاد منها 12.706 لاجئين. وبلغت تكلفة البرنامج 6.012.646 دولارا أميركيا. وقد بلغت تكلفة المساعدات الاجتماعية 6.273.045 دولارا، منها مساعدات نقدية ومساعدة زواج واستقرار أسري وغيرها.

ومن البرامج الموسمية التي نفذتها الهيئة، برنامج إفطار صائم الذي استفاد منه آلاف البوسنيين، وتكلف 12.836.864 دولارا. واستضافت الهيئة على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، خلال السنوات 1413 و1414 و1415 و1416 و1417 و1418هـ، 3300 حاج. وتنهض الهيئة بمشروع توزيع لحوم الأضاحي، حيث بلغ حجم تلك الكميات من اللحوم أكثر من 85 طنا، كما تم توزيع أكثر من 600 طن من لحوم الهدي والأضاحي، تستقبل من البنك الإسلامي للتنمية.

ومن أجلّ الأعمال التي قامت بها الهيئة ترجمة صحيح البخاري، بموافقة من الأمير سلمان بن عبد العزيز، ودعم سخي من الأمير عبد العزيز بن فهد، ويقع الكتاب في 4 مجلدات، وبلغت تكلفة المشروع 4.600.000 ريال. وقامت الهيئة بإصلاح مدرسة محمد علي ماك ديزدار الثانوية، ورممت 7 مدارس ابتدائية وثانوية، ومعاهد. وقامت بترميم كلية إعداد المعلمين بزينتسا، ونفذت مشروع إعادة بناء المدرسة الإسلامية التاريخية في موستار. ومن مآثرها في البوسنة، مشروع بناء أكاديمية الأمير سلمان بن عبد العزيز في بيهاتش، الواقعة على مساحة ألف متر مربع بتكلفة إجمالية قدرها 1.12 مليون دولار أميركي، ومشروع ترميم الكلية الإسلامية بسراييفو، ومشروع تقديم المنح الدراسية ومساعدة الطلبة البوسنيين، والتي بلغ عددها 100 منحة دراسية، منها 40 منحة للدراسة في المملكة، ومشروع تأهيل قطاع التعليم بـ5.300.000 دولار، وشمل ترميم 11 مدرسة ابتدائية وثانوية، وبلغت التكلفة الإجمالية للمشروع 14.798.225 دولار.

ومن مشاريع إصلاح وتأهيل المرافق العامة، نجد مشروع إصلاح شبكات المياه والكهرباء والغاز، وبلغت تكلفة المشروع 400 ألف دولار، ومشروع تأمين أجهزة الحاسب الآلي لبعض القطاعات، بقيمة 110 آلاف دولار. والمساهمة في مشروع شق طريق تسازين، بقيمة 334 ألف دولار، والمساهمة في مشروع إعادة تأهيل خط السكك الحديدية بطول 170 كيلومترا بتكلفة 1.900.000 دولار. ومشروع دار الوالدين لرعاية الأيتام بتكلفة 5.333.333 دولارا، ويقع المشروع على مساحة 26 ألف متر مربع، وتتسع فصوله لـ500 طالب وطالبة، أما المسجد فيتسع لـ600 مصل. وقد افتتح الأمير سلمان المشروع سنة 2000 ضمن عدة مشاريع قام بافتتاحها في البوسنة ذلك الحين، إضافة لمشروع إعادة إعمار مدينة بريتشكو، وقد رممت الهيئة 1200 وحدة سكنية وأعادت بناء مسجدين، وقد كلف المشروع 7.5 مليون دولار، فضلا عن مشروع ترميم 14 منزلا في جوراجدة بتكلفة 170 ألف دولار، ومشروع بناء وترميم وإصلاح المساجد في البوسنة حيث قامت الهيئة بترميم وإصلاح وتجهيز 585 مسجدا في جميع أنحاء البوسنة، منها 20 مسجدا بنيت بالكامل، وبلغت التكلفة الإجمالية للمشروع 9.5 مليون دولار. ومن المشاريع الضخمة التي نفذتها الهيئة مشروع مسجد ومركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز الثقافي في سراييفو، والذي وضع حجر أساسه الأمير سلمان في عام 1997 وافتتحه في عام 2000، وتقدر مساحته الإجمالية بـ8187 مترا مربعا، وبلغت تكلفة المشروع 9.772.222 دولارا. ومشروع المركز الثقافي في موستار والذي بلغت تكلفته 626.250 دولارا. أما مشروع مسجد ومركز الأميرة الجوهرة الثقافي في مدينة بوغوينو فيقع على مساحة 20 ألف متر مربع وبلغت تكلفته 3.9 مليون دولار. وتضمن التقرير أيضا المشاريع التي نفذتها الهيئة بالتعاون مع منظمة اليونسكو، ومنها على سبيل المثال تقديم 120 مليون دولار كمنحة خصصت لإصلاح وتأهيل قطاع الإسكان في البوسنة، وتقديم 30 مليون دولار خصص كقرض إنمائي ميسر لتنفيذ عدد من المشروعات التنموية في دولة البوسنة. ومشروع إصلاح المياه بقيمة 6.160.000 دولار ومشروع تطوير قطاع الثروة الحيوانية بمبلغ 1.000.000 دولار، ومشروع دعم المؤسسات الصغيرة بـ5.000.000 دولار.