ثورة التوحيد في جزيرة العرب

د. عائض القرني

TT

شعار هذه الثورة توحيد الباري، عز وجل، وإفراده بالعبودية، ثم توحيد البلاد بمنهج الشريعة الإسلامية، وهذه الثورة أعظم ثورة في العصر الحاضر من حيث أثرها وعمقها وامتدادها ورسالتها، ثورة قوية بينة المعالم، ثورة إسلامية مرجعها الكتاب والسنة، ومنهجها الوسطية، ومقصودها جمع الناس على توحيد الله ووحدة القلوب، ثورة وحدت أكثر من خمس دول كانت متصارعة متحاربة، وجمعت أكثر من مائة قبيلة كانت متناحرة متقاتلة، ثورة أنهت الخرافات والشركيات والبدع، وقطعت دابر الشقاق والفرقة، ثورة قضت على النهب والسلب والفتن والعداوات، ثورة أوقفت المارقين واللصوص وقطاع الطرق، وأمنت السبل، وجمعت الشمل، ووحدت الكلمة، ثورة جددت الدين ونصرت الملة ودمغت فنون التخريب والفساد في الأرض، ثورة كان بيانها رقم (1): لا إله إلا الله محمد رسول الله، والبيان رقم (2): لا حكم إلا لله، والبيان رقم (3): نحن وسط لا إفراط ولا تفريط. لقد قرأت تاريخ الثورات عبر قرون من الزمان فوجدت هذه الثورة من أصفاها وأبعدها مدى، وأقواها صدى، وأحسنها هدى، ثورة انفجرت كالبركان في مهبط الوحي ومهد الرسالة ومولد النور وقبلة العالم، ثورة جمعت أصول العروبة وأبطال الكفاح وحماة المجد وحفاظ العقيدة وأحفاد المهاجرين والأنصار وسلالة الفاتحين والمجددين، ثورة ليست قومية بل ربانية عالمية، وليست حزبية بل توحيدية وحدوية، وليست شيوعية بل إسلامية شرعية، وليست اشتراكية بل محمدية سنية، وليست رأسمالية بل إلهية نبوية، ثورة حطمت ثكنات المشعوذين والسحرة، ودمرت الزنادقة والأفاكين، فارتفع الأذان وصدحت المنابر بالعلم النافع، وسُل سيف العدل يردع الظالم وينصر المظلوم، وقامت المدارس والجامعات واجتمع الدين والدنيا والمسجد والمصنع، واتصل بها الشمال بالجنوب وتعانق الشرق بالغرب، وصارت العشائر أسرة واحدة.

هذه الثورة أساس شرعيتها الإسلام عقيدة وعبادة ومنهج حياة، هذه الثورة تلغي القوانين الوضعية، وتشطب على الدساتير الأرضية، وتسحق المبادئ الضالة والتعاليم الزائفة، وترفع مكانها النص المقدس والوحي المطهر، هذه الثورة تعبد الله وحده لا شريك له، قدوتها محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، ودستورها الشريعة، ووجهتها الكعبة، ومطلبها رضا الله، ومستقرها الجنة، وهذه الثورة وحدت مساحة تعادل أوروبا الغربية وتمتد من البحر إلى البحر، ومن الأرض إلى السماء، ومن المهد إلى اللحد، ومن المحراب إلى الفردوس الأعلى، وفي هذه الثورة وفي قائدها يصدق قول الشاعر: على مذهب الهندوس «غاندي» مصليا و«تيتو» بمنهاج القداسة يكفر و«هتلر» نازي و«لينين» مارق وثورات «نابليون» موت مقطر «جمال» يغني للعروبة هائما عروبة من؟ والشعب يؤذى وينحر و«عبد العزيز» الفذ لله ساجد على منهج الإسلام ينهى ويأمر إنها ثورة العصر الحاضر، إنها حديث الركبان، إنها الثورة التي أنست كل ثورة، ولهذا انتصرت وآتت أكلها ورفعت دعائمها ونصبت أعلامها وأسمعت الكون صوتها، ومن شاء أن يتأكد من صدق هذه الثورة ونفعها فليزُر جزيرة العرب وليصلِّ في الحرم ويعرج على نجد ويصعد سراة عسير ويعانق جبلي أجا وسلمى ويخاصر نخيل الأحساء ويرفل في بساتين القصيم، إنها ثورة السعوديين في العصر الحاضر، أما قائد الثورة فهو الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - يرحمه الله تعالى. قال الشاعر العشبي الكبير أحمد الناصر الشايع:

يا سلامي على صقر الجزيرة فخرها مجد عبد العزيز الفيصلي السعودي دولة تنصر التوحيد والله نصرها غزّت العود في عين العدو والحسود