التويجري لـ «الشرق الأوسط»: ظاهرة «الإسلاموفوبيا» وجدت من يتبناها في هولندا والدنمارك والنرويج وفرنسا

مدير عام الإيسيسكو يتحدث عن مسيرة 3 عقود من عمر منظمة انطلقت من الصفر بمنحة من الحسن الثاني

د. عبد العزيز بن عثمان التويجري مدير عام الإيسيسكو (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

أوضح الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام لمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) في ذكرى مرور 30 سنة على تأسيسها، أن المنظمة انطلقت من الصفر قبل 30 سنة مضت وأنها أصبحت شريكا لكبريات المنظمات الدولية ولها إشعاع عالمي، مشيرا إلى أن الهجمات التي هزت الولايات المتحدة الأميركية في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 فرضت مستجدات سياسية ومهام جديدة أمام الإيسيسكو. وعن احتفال الإيسيسكو بالذكرى الثلاثين لتأسيسها، يرى مديرها العام أن أشياء كثيرة تحققت، وأنه يتعين على الدول الأعضاء القادرة على تمويل ودعم المنظمة أن تساهم من أجل محو الصورة التي يروجها الخصوم عن الإسلام والمسلمين. فإلى نص الحوار:

> ما قصة تأسيس المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)؟

- كان إنشاء المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) استجابة لتطلعات وتمنيات عدد من المصلحين والمفكرين في العالم الإسلامي الذين سعوا لوحدة العالم الإسلامي، وتبلورت هذه الرؤية في العمل على تأسيس منظمة إسلامية ثقافية على غرار منظمة اليونيسكو العالمية.

بعد سنوات من تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي التي أنشئت إثر حادث إحراق المسجد الأقصى في سبتمبر 1969. حين بادر الملك الحسن الثاني بتعاون وثيق مع أخيه الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمهما الله إلى العمل على عقد أول مؤتمر قمة إسلامي الذي في الرباط في سبتمبر من تلك السنة. وكان ذلك إيذانا ببدء العمل الإسلامي المشترك. فقيام منظمة المؤتمر الإسلامي تطلب فيما بعد أن تكون هناك منظمة إسلامية متخصصة في مجالات التربية والعلوم والثقافة والاتصال. ولذلك أصدر المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الخارجية الذي عقد في العاصمة السنغالية داكار عام 1978 القرار الأول لإنشاء هذه المنظمة، ثم صادق المؤتمر الإسلامي الحادي عشر لوزراء الخارجية المنعقد في إسلام آباد عام 1980 على إنشاء هذه المنظمة ورفع الأمر إلى مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الذي عقد في مكة المكرمة في عام 1981، حيث صادق على نظامها الأساسي، ودعا إلى عقد مؤتمرها التأسيسي في أقرب وقت. وبالفعل، في الثالث من مايو (أيار) 1982، عقد المؤتمر التأسيسي في مدينة فاس المغربية تحت رعاية الملك الحسن الثاني رحمه الله، ومن ذلك المؤتمر خرجت الإيسيسكو إلى الوجود، بعضوية 28 دولة شاركت في المؤتمر، وعين المؤتمر عبد الهادي بوطالب رحمه الله مديرا عاما لهذه المنظمة، فانطلق بها من نقطة الصفر.

> كيف كانت انطلاقة الإيسيسكو؟

- لم تكن هناك خطة للعمل، ولم تكن هناك موازنة ولا مقر إداري ولا موظفون. المؤتمر التأسيسي أعلن فقط عن ميلاد المنظمة وعين عبد الهادي بوطالب مديرا عاما لها. هذا ما نتج عن المؤتمر في فاس. كانت المسؤولية ثقيلة جدا على عاتق عبد الهادي بوطالب، وأيضا على المغرب باعتباره الدولة التي تحتضن مقر هذه المنظمة. ولذلك فمن ينظر إلى تاريخ هذه المنظمة، وكيف نشأت، يقدر المجهود الكبير الذي قام به بوطالب في تأسيس هذه المنظمة، والانطلاق بها. حيث عمل بما له من علاقات وما له من مزايا وكفاءات عالية وقربه من دوائر صنع القرار في دولة المقر على توفير مقر لهذه المنظمة وتعيين عدد من الموظفين. وقد استطاع بوطالب أن ينطلق بالمنظمة لتحظى بثقة الدول الأعضاء وتصبح بعد ذلك منظمة راسخة وعاملة في مجال العمل الإسلامي المشترك.

> كم كان عدد الموظفين حينذاك بالمقارنة مع عددهم اليوم؟

- في السنة الأولى، كان عدد الموظفين محدودا جدا ولم يتجاوز 15 موظفا. وبعد ذلك زاد عددهم في عام 1986 ليبلغ 40 موظفا. أما الآن فقد أصبح عدد الموظفين 179 موظفا في جميع القطاعات. كما أنه لم تكن للمنظمة موازنة في بداية انطلاقها، ونتذكر أن الملك الراحل الحسن الثاني تبرع في البداية بمبلغ مالي من أجل تسيير أعمال المنظمة ثم بعد ذلك بدأت الدول تدفع مساهماتها. كما أن عدد الدول التي أسست الإيسيسكو في البداية كان 28 دولة وأصبح اليوم 50 دولة عضوا. وهذا التوسع الكمي والكيفي مكن المنظمة من أن تكون فاعلة وقوية في الساحة الدولية. يضاف إلى هذا أن مسار المنظمة لم يتوقف، بل ظل في خط تصاعدي. فبوطالب أشرف على تنفيذ الخطة التأسيسية والخطة الثنائية والخطة الثلاثية الأولى والخطة الثلاثية الثانية، وجئت من بعده لأواصل مسيرته ومسيرة هذه المنظمة فقمت بالإشراف على تنفيذ ثماني خطط ثلاثية وثلاث خطط متوسطة المدى ووضعنا استراتيجيات قطاعية وصلت إلى 15 استراتيجية في مجالات التربية والثقافة والعلوم والاتصال والبحث العلمي وتدبير المياه والتقريب بين المذاهب الإسلامية والعمل الثقافي خارج العالم الإسلامي، وغيرها من الاستراتيجيات.

> وهل تلمسون نتائج للعمل الذي تقومون به أم أنه يلزم مضاعفة المجهود؟

- نعم.. العمل الذي قمنا به حقق نتائج إيجابية كثيرة، وكما ذكرت، كانت البداية صعبة لكن بالعزيمة الصادقة انطلقت المنظمة ونمت بسرعة وأصبحت بفضل الله ثم بفضل المساعدات التي تقدمها الدول الأعضاء وفي مقدمتها المغرب دولة المقر، من دعم سياسي ومادي منظمة فاعلة وأصبح لها مكتبان إقليميان ومراكز تربوية في العديد من الدول الأعضاء وحضور في الساحة الدولية حيث تعتبر شريكا فاعلا مع العديد من المنظمات الدولية، منها بشكل خاص منظمة اليونيسكو، وهي المنظمة الموازية لنا في الساحة الدولية في إطار منظمة الأمم المتحدة.

> لا شك أن تفجيرات 11 سبتمبر 2001 فرضت على منظمة الإيسيسكو إيقاعا للعمل أسرع وذا جدوى أكثر، كيف وجدت المنظمة ذاتها وأنتم على رأسها في هذا السياق الدولي والسياسي الجديد؟

- عندما وقعت تلك الكارثة التي هزت العالم والولايات المتحدة الأميركية كانت الإيسيسكو قد ثبتت أركانها القانونية وأنظمتها الداخلية وعلاقاتها بالدول الأعضاء وحضورها في الساحة الدولية بشكل جعلها تتفاعل مع الأحداث التي تقع في العالم والتي تهم العالم الإسلامي في المقام الأول بشكل إيجابي. ونظرا إلى أن بعض الدوائر نسبت هذا العمل إلى الإسلام على أساس أنه جهاد، الشيء الذي أساء إلى المسلمين وإلى مصالح العالم الإسلامي وشوه صورة الإسلام السمحة. لقد كنا أولى المنظمات التي أدانت هذا العمل الإجرامي لأنه لا علاقة له بالإسلام، فالإسلام لا يدعو للقتل ولا للتدمير والاعتداء على حقوق الناس وممتلكاتهم، بل الإسلام يدعو إلى التسامح والتعايش وإلى الاحترام المتبادل وعمارة الأرض ونشر الفضائل فيها. وهذا العمل الإجرامي لم يؤثر على الإيسيسكو بل أيضا على العديد من المنظمات والهيئات العاملة في مجال العمل الإسلامي، ومورست ضغوط على بعض الدول الإسلامية التي اتهمت بأنها تدعم الإرهاب أو أنها تموله وغير ذلك من الافتراءات التي روجها أعداء الإسلام. كما تعرضت المناهج التعليمية في العديد من الدول الإسلامية للنقد والاتهام بأنها مناهج تخرج إرهابيين. لذلك كان الدور الذي قمنا به في منظمة الإيسيسكو دورا محوريا في هذا الاتجاه، لأنه كان من الضروري تفنيد الأكاذيب ودحضها وتقديم الحقائق إلى الرأي العام العالمي. وتم في هذا الإطار عقد العديد من المؤتمرات المتخصصة في مجال الحوار بين الحضارات والثقافات وفي تصحيح الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين. وتم كذلك التعاون مع عدد من مراكز البحث والجامعات ومع العديد من المثقفين المنصفين في العالم الذين لا يحملون أفكارا ولا مشاعر مسيئة للإسلام والمسلمين. من أجل تقديم الصورة الحقيقية عن الإسلام من خلال وسائل الإعلام في الدول الغربية، تلك الحقائق التي يغيبها الإعلام الغربي. كما أنجزنا العديد من الدراسات ونشرنا العديد من الكتب والمؤلفات، ووضعنا في الموقع الإلكتروني للإيسيسكو العديد من المعلومات باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية، كما عينا سفراء للإيسيسكو للحوار بين الثقافات، حتى من بين الشخصيات غير المسلمة وهكذا استطعنا الإسهام في تقديم الصورة الحقيقية عن سماحة الإسلام، وأن الإسلام يجرم الإرهاب، لأنه دين سلام وتعايش ولا يبني علاقاته على أساس العنف، وإنما على أساس الاحترام المتبادل > لكن يبدو أن منظمة الإيسيسكو ما تزال في بداية مشوار الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات والأديان؟

- هذا مسار طويل والتحديات فيه كبيرة ومتنامية، لا ندعي أننا بلغنا قمة ما نريد، لكننا ما زلنا نسير في الطريق بعزيمة وإصرار. ونرى أن الإنجازات التي حققناها إيجابية ومهمة وساهمت بشكل كبير في ترسيخ الحوار بين المسلمين وغيرهم، كما ساهمت في ربط العلاقات مع دوائر ومؤسسات غربية قدمنا من خلالها الصور الصحيحة عن الإسلام والمسلمين وعن العالم الإسلامي. وما زال الطريق طويلا أمام الإيسيسكو، فالمسؤوليات ليست قليلة ولا سهلة، ويجب أن نعمل لها بالتخطيط السليم وبالعلم وبالانفتاح والتسامح.

> ما استراتيجية الإيسيسكو مستقبلا في مجال تنمية العالم الإسلامي؟

- الاستراتيجيات التي وضعناها والتي بلغت حتى الآن 15 استراتيجية هي استراتيجيات قطاعية في مجالات التربية والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعليم الجامعي والبيئة والطفولة والشباب والعمل الثقافي خارج العالم الإسلامي، والتقريب بين المذاهب الإسلامية. هذه قضايا حضارية مهمة للعمل الإسلامي المشترك. وفي إطار هذه الاستراتيجيات نضع خطط العمل الثلاثية التي ننفذها ميدانيا من خلال الدورات التدريبية وأوراش العمل والحلقات الدراسية والدعم الذي نقدمه للمؤسسات العلمية والتربوية والثقافية في الدول الأعضاء ومن خلال المنح الدراسية والإصدارات والدراسات المتخصصة التي تقوم بها المنظمة، ومن خلال إيفاد الأساتذة والمحاضرين وتزويد الدول التي تحتاج إلى مختبرات وأجهزة علمية بما تحتاج إليه. كل ما نقوم به في هذا المجال في إطار استراتيجياتنا يهدف في المقام الأول إلى الإسهام في تنمية العالم الإسلامي. والتنمية لا تتم إلا بالتخطيط والعمل المحكم وبالاستمرارية، لأن الذي يعمل للبناء الحضاري لا بد أن تكون له رؤية بعيدة المدى، فاحتياجات العالم الإسلامي لا تتوقف عند حد فهي متنامية بحجم التحديات التي تواجهه.

> ألا يبدو أن المشكلات المطروحة داخل دول العالم الإسلامي أكثر عمقا وربما أكثر حدة من المشكلات التي تطرح بين العالم الإسلامي والغرب أو الآخر بشكل عام، أين وصلتم في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية؟

- مع الأسف الشديد، ما نلاحظه اليوم من اختلاف أصبح يتحول إلى خلاف وتنافر. وقد نبهنا إلى خطورة هذا الأمر منذ عام 1988 وإلى ضرورة التعامل مع الاختلافات المذهبية بالحكمة والاعتدال، لأن العالم الإسلامي يتكون من مذاهب مختلفة ومن قوميات مختلفة وتتحدث شعوبه لغات مختلفة وتمثل هذه اللغات ثقافات متنوعة داخل هذا الفضاء الكبير. ولذلك عقدنا أول لقاء للتقريب بين المذاهب الإسلامية في عام 1991 قبل أحداث 11 سبتمبر وقبل ظهور هذه الظاهرة المسيئة التي جعلت المسلمين يتنابذون بالألقاب، ويتهم بعضهم بعضا في إطار الخلاف بين السنة والشيعة. وجمعنا عددا من العلماء المسلمين من المذاهب السنية الأربعة، والمذهب الإمامي الاثني عشري، والمذهب الزيدي والمذهب الإباضي، وكان الاجتماع نواة للعمل على وضع استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية، ثم عقدنا ندوة بعد ذلك أيضا في العام الموالي 1992 شارك فيها العديد من العلماء والخبراء المتخصصين في العلوم الدينية والاختلاف المذهبي. ثم وضعنا الاستراتيجية التي أقرتها القمة الإسلامية العاشرة التي عقدت في «بوترجايا» بماليزيا في عام 2003. وأصبحت بذلك وثيقة للعمل الإسلامي المشترك، وأنشأنا المجلس الأعلى للتقريب بين المذاهب الإسلامية الذي يتكون من مجموعة من كبار علماء المذاهب، ويعقد اجتماعاته كل سنة تحت إشراف الإيسيسكو ويقوم المجلس بالإشراف على تعزيز ثقافة التقريب بين المسلمين والاحترام المتبادل بين اتباع المذاهب الإسلامية. إن اختلافنا في المذاهب لا يجب أن يكون سببا في تصادمنا وتفرقنا ووقوف بعضنا في وجه بعض، لكن مع الأسف الشديد تعمل بعض وسائل الإعلام المغرضة والدوائر المتعصبة لدى السنة والشيعة على التحريض على التنافر والمواجهات الطائفية بين المسلمين، وأعداء الإسلام في الخارج يسرهم ذلك، لأنهم لا يريدون استقرار العالم الإسلامي ولا وحدة المسلمين التي مصدرها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

> ما العدة التي أعدتها الإيسيسكو لما يسمى بظاهرة الإسلاموفوبيا أو معاداة الإسلام من قبل الغرب؟

- هذه الظاهرة نشأت بشكل لافت للنظر في أعقاب الهجوم على أميركا في عام 2001. قبل ذلك كان هناك نوع من التعصب والمواقف العدائية ضد المسلمين بيد أنها لم تصل حد الظاهرة التي هي عليه اليوم، حيث انتشرت معاداة الإسلام بشكل جعل أحزابا سياسية ومفكرين في الغرب يتبنونها كما حصل في هولندا والدنمارك والنرويج وفرنسا وغيرها من الدول. الإسلاموفوبيا هي نظرة خاطئة عن الإسلام، لأنها تصدر من عقول متعصبة تعتقد أن الإسلام يشكل خطرا على الحضارة الغربية، وهم يعطون أمثلة عن ذلك بتصرفات بعض المسلمين المتطرفين الذين يدلون بتصريحات أو يقومون بأعمال تعزز هذه النظرة الإسلاموفوبيا رغم أن هؤلاء لا يشكلون في العالم الإسلامي إلا أقلية صغيرة جدا، لأن غالبية المسلمين هم من المسالمين المعتدلين الذين يريدون حياة كريمة لهم ولغيرهم. وهم بإيمانهم وبتمسكهم بدينهم لا يشكلون أي خطر على العالم ولا على أي حضارة. بل هم جزء مهم من الحضارة الإنسانية، يساهمون اليوم كما في الماضي بقدراتهم وبإمكاناتهم في بناء الحضارة الإنسانية. لذلك يجب على عقلاء العالم مواجهة الإسلاموفوبيا التي يروج لها ويدعمها المتعصبون في الغرب حتى لا تكون العلاقات بين الإسلام والغرب صراع جهالات ومتعصبين بدل علاقات احترام وتعاون وتكامل. وأن نبني مكان الحواجز والسدود التي يقيمها المتعصبون جسورا للتلاقي بين الشعوب والحضارات. لقد قصرنا نحن المسلمين في تقديم أنفسنا وحقائق ديننا للغرب والصورة الحقيقية للإسلام باعتباره رسالة للبناء والتعمير لا للتخريب والتدمير كما يدعي المفترون.

> ألم تفكروا في الإيسيسكو مثلا في توظيف أعمال سينمائية عالمية لتبليغ صورة الإسلام لأكبر عدد من الجمهور في العالم بدل عقد تجمعات وحلقات في الجامعات ومراكز البحث، وغيرها؟

- هذا جانب مهم جدا في تصحيح الصور النمطية التي تروج عن الإسلام والمسلمين. وإذا كان إنتاج أفلام يتطلب أموالا ضخمة فهذا لا يمنعنا من إنتاج أفلام وثائقية عن مظاهر الحضارة الإسلامية. وقد قامت الإيسيسكو بإنتاج أفلام وثائقية تهم حياة المسلمين، بثلاث لغات هي العربية والفرنسية والإنجليزية. لكننا نأمل أن تتبنى الدول الأعضاء في المنظمة هذه الأعمال لأن لها إمكانات أكبر مما للإيسيسكو من قنوات فضائية ومؤسسات إعلامية يمكن من خلالها تقديم حقائق داحضة لما يروج له أعداء الإسلام. لقد قمنا بدراسة إنشاء قناة إعلامية متخصصة لفائدة العمل الإسلامي المشترك ومحاربة الإسلاموفوبيا لكن لم يتقدم أحد لدعمها مع الأسف الشديد.

> ما الأمور التي لم يتم تحقيقها خلال الـ30 سنة الماضية التي هي عمر المنظمة؟

- تحقق الكثير، وما زال في خاطري أشياء كثيرة أتمنى تحقيقها لفائدة العمل الإسلامي. آمل أن يقوم بها من سيخلفني على رأس هذه المنظمة من ذلك إنشاء جامعة الإيسيسكو ومركز الدراسات الاستراتيجية الإسلامي.

> هل ما لم ينجز مرده إلى عف الاعتمادات المالية مثلا؟

- إن ما لم ينجز مرده إلى أن موازنة الإيسيسكو ليست هي موازنة اليونيسكو، لذلك فهي تكفيها فقط لتنفيذ برامجها وتسيير شؤونها وموظفيها. ويمكن أن أقول إن موازنة اليونسكو تفوق موازنة الإيسيسكو بنحو 40 مرة. ونحن نعتبر يونيسكو العالم الإسلامي أو هذا ما نطمح إليه، فلماذا لا نحظى على الأقل بنصف موازنة اليونيسكو. إن العالم الإسلامي مقتدر ماليا وهو يساهم في تمويل اليونيسكو بشكل فعال وما يحصل عليه منها شيء قليل. ونحو أولى بالدعم لأننا منظمة العالم الإسلامي. السبب الثاني هو في تأخير بعض المنجزات نظرا إلى البيروقراطية في بعض الدول الأعضاء، فتفوت الفرص، بسبب عدم الاستجابة في الوقت المناسب. وهذا ما يجعلني أشعر بالأسى في بعض الأحيان، لأننا أمة مقتدرة وأمة غنية وذات حضارة عظيمة وقدرات كبيرة لكن تنقصها أحيانا إرادة الفعل.

> يفهم من كلامكم أن بعض الدول تدفع مساهماتها للمنظمة وأخرى تتلكأ في ذلك؟

- في الحقيقة، هذا موجود في كل المنظمات الدولية، هناك دول تدفع وأخرى لا تدفع، غير أن الفكرة التي أنشئت من أجلها الإيسيسكو هي التضامن الإسلامي. أي إن القادر يساعد غير القادر. ومن لديه إمكانات وخبرات يساعد من يحتاج إلى ذلك. ونحن هنا لمساعدة من يحتاج إلى خبرة المنظمة، لكننا بالقدر الذي نتسامح فيه مع الدول الأقل قدرة نعتب على الدول الأكثر قدرة التي تتأخر في دفع مساهماتها والتي بإمكانها أن تقدم للإيسيسكو ما تحتاج إليه من دعم مستحق.