تكوين هيئة لكبار العلماء في مصر.. ومصادر تنفي تدخل شيخ الأزهر في التشكيل

عضو بالهيئة لـ «الشرق الأوسط»: أولويتنا بيان الحلول في ضوء الشريعة ومرجعيتنا تعتمد على صفوة أهل العلم

وفد من أساتذة وطلاب جامعة النمسا في لقاء مع الدكتور الطيب للتأكيد على دور الأزهر التاريخي («الشرق الأوسط»)
TT

كشف عضو بهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عن أن «عودة الهيئة عودة إلى الأصل الذي يعبر عن وجود مرجعية معتمدة من صفوة أهل العلم، يرجع إليهم في قضايا الأمة الإسلامية لبيان رأي الإسلام فيها من دون تحيز أو انغلاق»، وقال لـ«الشرق الأوسط» «مما لا شك فيه أن من أولويات عمل الهيئة، وضع الرؤية المستقبلية للأزهر كدليل عملي يمكن أن يتأسى بها من يريد الإسهام في خدمة قضايا الأمة الإسلامية، وبيان الحلول المقترحة في ضوء الشريعة الإسلامية وأهدافها ونتائجها».

يأتي هذا في وقت وافق مجلس الوزراء المصري برئاسة الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء، على تشكيل هيئة كبار العلماء، برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وعضوية 26 عضوا من كبار علماء الأزهر المنتمين للمذاهب الفقهية الأربعة، أشهرهم الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

وكان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عرض في اجتماعه الأخير قبل أيام أسماء الـ26 عالما الذين تم اختيارهم من قبل الدكتور أحمد الطيب، بناء على توصيات من لجنة شكلت خصيصا لبحث من تنطبق عليه الشروط، برئاسة الدكتور حسن الشافعي، رئيس المكتب الفني لشيخ الأزهر؛ لكن مصادر مسؤولة باللجنة نفت تدخل الدكتور الطيب في تشكيلها، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «شيخ الأزهر لم يتدخل في قرار اللجنة من قريب أو بعيد، وإن اللجنة قامت بمراجعة جميع الملفات ودراسة من تنطبق عليه الشروط».

وتم اختيار كل من الدكتور مصطفى عبد الجواد أستاذ بقسم العقيدة والفلسفة في كلية أصول الدين جامعة الأزهر، والدكتور عبد الرحمن العدوي أستاذ الفقه المقارن بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر، والدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والدكتور بركات عبد الفتاح أستاذ بقسم العقيدة والفلسفة في كلية أصول الدين والدعوة، والدكتور الأحمدي أبو النور أستاذ الحديث ووزير الأوقاف المصري الأسبق، والدكتور حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر، والدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، والدكتور عبد الفتاح بركة الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، والدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والدكتور محمد رأفت عثمان عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق، والدكتور إسماعيل عبد الخالق الدفتار عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق، والدكتور طه مصطفى أبو كريشة عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمد أبو موسى الأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، والدكتور القصبي زلط أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين، والدكتور أحمد ريان أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون، والدكتور محمد المختار المهدي أستاذ اللغة العربية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، والدكتور أحمد عبد الكريم أستاذ الحديث بكلية أصول الدين، والدكتور عبد المعطي بيومي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والدكتور محمد عبد الفضيل القوصي وزير الأوقاف، والدكتور محمود مهنى نائب رئيس الجامعة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عبد الله الحسيني رئيس جامعة الأزهر ووزير الأوقاف السابق، والشيخ محمد الراوي عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور علي جمعة مفتي مصر.

وأضافت المصادر أن باقي تشكيل الهيئة سيتم بالانتخاب، حيث من المفترض، كما نص القانون، أن يبلغ عدد عضوية الهيئة 40 عضوا؛ ولكن تم الموافقة على 26 عضوا فقط، وتابعت المصادر: أنه «طبقا للقانون الخاص بتشكيل هيئة كبار العلماء، فهناك عالمان لا تنطبق عليهما الشروط، وهم الدكتور علي جمعة مفتي مصر، لأنه لم يحمل الثانوية الأزهرية، والشيخ محمد الراوي، لأنه لم يحمل الدكتوراه، ولكن القانون سمح لشيخ الأزهر استثناء أحد الأعضاء في شرط واحد فقط، مع ضرورة أن تنطبق عليهم باقي الشروط، وهو ما يتوافق مع الدكتور جمعة، حيث تم استثناؤه من شرط الشهادة الثانوية الأزهرية، والشيخ الراوي، من شرط الدكتوراه».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن حالة من الاحتقان سادت لدى عدد من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية، الذين تنطبق عليهم الشروط ولم يتم اختيارهم، وآخرين يريدون المعاملة بالمثل والاستثناء مثل الدكتور جمعة والشيخ الراوي.

وعن وضع مجمع البحوث الإسلامية بعد انضمام عدد من أعضائه لعضوية هيئة كبار العلماء، أكدت المصادر أن «القانون ينص على أن الانضمام لهيئة كبار العلماء يسقط عضوية مجمع البحوث».

من جانبه، أكد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، (فضل عدم ذكر اسمه)، أن «عودة الهيئة عودة إلى الأصل الذي يعبر عن وجود مرجعية معتمدة من صفوة أهل العلم يرجع إليهم في قضايا الأمة الإسلامية لبيان رأي الإسلام فيها من دون تحيز أو انغلاق»، وتابع: «مما لا شك فيه أن من أولويات الهيئة وضع الرؤية المستقبلية للأزهر كدليل عملي تسير عليه ويمكن أن يتأسى بها في ذلك من يريد الإسهام في خدمة قضايا الأمة الإسلامية، وبيان الحلول المقترحة في ضوء الشريعة الإسلامية وأهدافها ونتائجها». وقال العضو نفسه لـ«الشرق الأوسط» إن «طريق النجاح للهيئة في مهمتها هو العمل الجماعي حيال القضايا الإسلامية التي تنظم حياة الفرد والمجتمع وتوجهه نحو طريق مستقل، وهذا العمل الجماعي يتلخص في الإلمام الجيد بحاجات الأمة الإسلامية من العلم والعمل المثمر ووضع ضوابط عامة للعمل الإسلامي بما يتفق مع ثوابت الدين الإسلامي، وما يحقق مصالح وتطلعات الأمة، وتوضيح طريقة تطبيق هذه الضوابط في السلوك الفردي والجماعي في ما ينفع الأمة في حاضرها ومستقبلها، ومواجهة أي سلبيات أو عوائق تؤثر على هذا التطبيق العملي لضوابط مصالح الأمة، وتكاتف كل من يصلهم رؤية هذه الهيئة معها في تنفيذ التوجيهات الشرعية وفي مقاومة السلبيات التي تحول دون ذلك، كل فرد في موقعه، وعلى قدر الإمكانات المتاحة، وعندئذ يتحقق التواصل العملي بين الهيئة وأفراد وجماعات الأمة في أي موقع من المواقع وفي أي مجتمع من المجتمعات».

وحول رهن البعض عودة الأزهر بعودة هيئة كبار العلماء، قال عضو الهيئة إن «رسالة الأزهر في جوانب الحياة المختلفة أوسع نطاقا من متطلبات هيئة العلماء وحدها، حيث إن الأزهر بمعاهده وكلياته العلمية والتطبيقية يحتاج إلى تكامل في المسؤولية بقدر حاجة الأمة إلى التكامل بين العلم والعمل، فعودة الأزهر كمعلم ثقافي في الشريعة والعلوم التطبيقية (الطب والزراعة والصناعة والهندسة والتربية)، ولا بد أن يتكاتف مع الهيئة رجال من هذه القطاعات، وأن يكون بين الهيئة ومختلف قطاعات التعليم في الأزهر وفي الدعوة الإسلامية تواصل دوري وتعاون علمي، وعندئذ يمكن أن يعود للأزهر ماضيه العريق ويتحقق له مزيد من النهوض والتقدم ويتبوأ مكانته على الوجه الأكمل».

وعن دور الهيئة في إيقاظ روح الولاء لرسالة الأزهر العالمية، قال عضو الهيئة: «لا شك في أن الهيئة باعتبارها جزءا من أجهزة الأزهر الشريف، عليها واجب تقديم الأسوة اللائقة في حفظ مكانة الأزهر وتمثيله في المواقع المختلفة بالطريقة التي تجعل من كل عضو من أعضاء الهيئة مثلا للالتزام والقيام بالواجب والتحلي بروح الأخوة والانضباط والاعتدال في الطرح وفي المداخلة والسلوك العملي، مع الحفاظ على كل ما يرعى مكانة الأزهر كجامعة وريادة علمية ودعوية ومثلا حسنا للآخرين».

وتنص المادة 32 مكرر من قانون تعديل الأزهر، على أن تنشأ بالأزهر هيئة تسمى «هيئة كبار العلماء» يرأسها شيخ الأزهر، وتتألف من عدد لا يزيد على أربعين عضوا من كبار علماء الأزهر من جميع المذاهب الفقهية الأربعة، وتجتمع الهيئة مرة على الأقل كل ثلاثة أشهر أو كلما دعت الضرورة بناء على دعوة شيخ الأزهر أو نصف عدد أعضائها، ويكون اجتماعها صحيحا إذا حضرته الأغلبية المطلقة لأعضائها، وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، ويرأسها أكبر الأعضاء سنا في حالة غياب الرئيس.

ويكون للهيئة أمين يصدر بتعيينه أو ندبه قرار من شيخ الأزهر، ويكون تعيينه أو ندبه لمدة سنتين قابلة للتجديد، ويتولى تصريف الشؤون المالية والإدارية للهيئة، ويكون مسؤولا عن إعداد جدول أعمالها ومتابعة تنفيذ ما تصدره من قرارات، وتحدد اختصاصات الأمين العام بقرار يصدر من شيخ الأزهر.

وتختص هيئة كبار العلماء، بانتخاب شيخ الأزهر عند خلو منصبه، وترشيح مفتي الديار المصرية، والبت في المسائل الدينية ذات الطابع الخلافي، والقضايا الاجتماعية التي تواجه العالم الإسلامي بعد أن يقدم مجمع البحوث الإسلامية رأيه في تلك القضايا، والبت في النوازل والمسائل المستجدة التي سبقت دراستها، ولكن لا ترجيح فيها لرأي معين، ودراسة التطورات المهمة في مناهج الدراسة الأزهرية الجامعية أو ما دونها، التي تحيلها الجامعة أو مجمع البحوث أو المجلس الأعلى أو شيخ الأزهر إلى الهيئة.

ويجوز لهيئة كبار العلماء أن تستعين باللجان المتخصصة بمجمع البحوث الإسلامية ومن تراه من الخبراء لأداء مهامها دون أن يكون له صوت معدود في مداولاتها، ويشترط فيمن يختار عضوا بهيئة كبار العلماء ما يلي، ألا تقل سنه عن خمسة وخمسين عاما، وأن يكون معروفا بالتقوى والورع في ماضيه وحاضره، وحائزا شهادة «الدكتوراه»، وبلغ درجة الأستاذية في العلوم الشرعية أو اللغوية، وأن يكون قد تدرج في تعليمه بالمعاهد الأزهرية وكليات جامعة الأزهر، وأن يكون له بحوث ومؤلفات في تخصصه تم نشرها، وأن يقدم بحثين مبتكرين في تخصصه، تجيزهما لجنة متخصصة تشكل لهذا الغرض من بين أعضاء هيئة كبار العلماء بقرار من شيخ الأزهر، وألا يكون قد وقعت عليه عقوبة جنائية في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو النزاهة أو عقوبة تأديبية، أو تأجيل إلى المحاكمة الجنائية أو التأديبية، وأن يكون ملتزما بمنهج الأزهر علما وسلوكا، وهو منهج أهل السنة والجماعة الذي تلقته الأمة بالقبول في أصول الدين وفي فروع الفقه بمذاهبه الأربعة.

ولشيخ الأزهر عند أول تشكيل لهيئة كبار العلماء، اختيار أعضائها من العلماء ذوي الكفاءات العلمية المتميزة بمراعاة الشروط السابقة مع إمكان التجاوز عن شرط منها.

وإذا خلا مقعد عضو هيئة كبار العلماء لأي سبب من الأسباب، انتخبت الهيئة عن طريق الاقتراع السري المباشر عضوا آخر خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان خلو المقعد، من بين المستوفين شروط العضوية، بشرط أن يرشح المتقدم اثنان من أعضاء الهيئة، ولا تكون جلسة الانتخاب صحيحة؛ إلا بحضور ثلثي عدد الأعضاء، ويصبح المرشح عضوا إذا حصل على أعلى الأصوات للأعضاء الحاضرين.

وتسقط العضوية عن عضو هيئة كبار العلماء إذا صدر ضد العضو حكم جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو النزاهة، وإذا صدر عن العضو عمل أو قول لا يتلاءم مع صفته كعضو بالهيئة كالطعن في الهيئة أو كالطعن في الإسلام أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة أو نال من قدره كعالم مسلم، وإذا تخلف عن حضور ثلاث جلسات متتابعة بغير عذر تقبله الهيئة.