أذى الرقشاء

صالح المغامسي

TT

* فبِتُّ كأني ساورتْني ضئيلةٌ - من الرقش في أنيابها السمُّ ناقعُ

* تَبادَرها الراقون من شرِّ سُمِّها - فتطلقه يوما ويوما تراجعُ

* وقال صاحب كتاب «الحيوان»: «والحية أنواع، منها: الرقشاء... وهي من أخبث الأفاعي»، وقد دلت تجارب الأيام وحوادث الدهر، وأجمع العقلاء على أن من توغل الشر في نفسه والحقد في قلبه، واستوطن الخبث بين جنبيه، فليس له إلا السيف.

قال شوقي:

* والشر إن تَلْقَهُ بالخير ضقتَ به - ذرعا وإن تلقه بالشر ينحسم

* وقال: كما يُفضُّ أذى الرقشاء بالثرم.

ومساء أمس، أعلنت وزارة الداخلية القبض على أحد مثيري الفتنة في بلادنا، بعد أن قاوم فأمكن الله منه، وإن في طيات هذا البيان معاني كثيرة، لعل من أهمها إدراك حقيقة قرآنية قال تعالى: «ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله»، وذلكم المأفون أضر بفئام من أهل بلدته، قبل أن يكون عاقا لوطنه ذا جرأة على قادته، وقد جمعت دعواته وأقواله وأفعاله خبثا في الطوية وسفها في الطريقة ولؤما في الطباع، فانقلب مكره عليه، وجنى سوء ما قدمته يداه، ولا يظلم ربك أحدا.

حري بنا أن نفقه أن هذا الوطن سفينة نجاة، ما دام قادتها يحكّمون شرع الله ويدعون إليه وينصرونه، وقبل أيام قال سمو وزير الداخلية إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية الأمة كلها، وليس مقصورا على رجال الهيئة.

ثم ها هو اليوم يقضي على منكر عظيم، لو ترك لتفاقم شره وتطاول دعاته. إنه ينبغي أن يعلم أن التطاول على الله جل ذكره، أو رسوله صلى الله عليه وسلم، أو أصحابه رضوان الله عليهم، أو الجرأة على ولاة الأمر، أو العبث بأمن الوطن ووحدته، أو التآمر مع الأعداء لتحقيق غاياتهم ورفع راياتهم - كل ذلك حرمات وإن تفاوتت في درجتها، إلا أنه ينبغي ألا يؤذن لأحد كائنا من كان أن يدنو منها، وكل مفسدة ناجمة عن ردعه لاغية.

وقد تضافرت الآيات والأحاديث في تأكيد ذلك، نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وينصر أهل الحق منهم.