مصر: تجدد الجدل حول توحيد رؤية هلال رمضان بعد تأكيد «الإسلامي لرصد الأهلة» أن غرته السبت

الإفتاء: سنستطلع الهلال الخميس وسنعتمد على نتيجة اللجان.. وعلماء الأزهر يطالبون بـ«مرصد عالمي»

ثبوت هلال شهر رمضان في مصر من على مئذنة أحد المساجد في القاهرة الفاطمية («الشرق الأوسط»)
TT

جدد إعلان «المشروع الإسلامي لرصد الأهلة» في الإمارات أن غرة شهر رمضان المبارك سوف تكون يوم السبت المقبل في جميع الدول العربية والإسلامية، لاستحالة رؤية الهلال عقب غروب شمس الخميس، الجدل الديني في مصر حول رؤية أهلة الأشهر، وأنه إذا ثبتت في أي بلد إسلامي ثبتت في حق المسلمين على اختلاف أقطارهم. وبينما أعلنت دار الإفتاء المصرية أنها سوف تستطلع الهلال الخميس وأنها ستعتمد على نتيجة اللجان في محافظات مصر، طالب علماء دين بضرورة إقامة مرصد عالمي تلتزم به كل الدول لرؤية أهلة الأشهر العربية.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه المملكة العربية السعودية ومعهد الفلك المصري، أن الجمعة 20 يوليو (تموز) المقبل هو أول أيام شهر رمضان، وأن الخميس هو المتمم لشهر شعبان.

وكان «المشروع الإسلامي لرصد الأهلة» قد أعلن في بيان له السبت الماضي، أن «غرة شهر رمضان سوف تكون السبت الموافق 21 يوليو (تموز) في جميع الدول العربية، وأن ذلك يعود إلى استحالة رؤية الهلال عقب غروب شمس يوم الخميس في جميع الدول العربية والإسلامية.

وأكد البيان أن «شهر شعبان شهد ظاهرة فريدة وقليلة التكرار، تمثلت في أن معظم الدول الإسلامية دخلها شهر شعبان في نفس اليوم، وهو يوم الخميس، وبالتالي سوف يكون يوم التحري هو مساء الخميس 29 شعبان في معظم الدول الإسلامية.

وبين أنه في هذا اليوم تستحيل رؤية هلال رمضان من جميع المناطق الشمالية من العالم، وبعض المناطق الوسطى، وهذا يشمل العراق وبلاد الشام وجزءا من الجزيرة العربية، وذلك بسبب غروب القمر قبل غروب الشمس، أما ما تبقى من مناطق العالم العربي، فإن رؤية هلال شهر رمضان منها يوم الخميس غير ممكنة إطلاقا، بسبب غروب القمر مع الشمس أو بعده بدقائق معدودة لا تسمح برؤية الهلال حتى باستخدام أكبر التليسكوبات الفلكية.

وناشد المشروع الإسلامي لرصد الأهلة المسؤولين في الدول الإسلامية، التثبت الدقيق من الشهود إذا تقدموا للشهادة يوم الخميس، إذ لم يثبت من خلال المعايير وسجلات أرصاد الأهلة العالمية الممتدة منذ العهد البابلي، وحتى يومنا هذا، تسجيل رؤية للهلال، سواء بالعين المجردة أو باستخدام التليسكوب في مثل هذه الظروف الموجودة في العالم العربي يوم الخميس.

ويذكر أن «المشروع الإسلامي لرصد الأهلة» يضم أكثر من 400 عالم، ومهتم بعلم الفلك، ويتخذ من أبوظبي في دولة الإمارات العربية مقرا له.

من جهته، أكد الدكتور علي أمين، عضو لجان رؤية الأهلة بدار الإفتاء المصرية، أن «دار الإفتاء تسير على ثوابت لا تحيد عنها في استطلاعها لرؤية هلال الأشهر الهجرية من خلال لجان الدار المنتشرة في كل مناطق مصر، وأن الرؤية تعتمد في مصر على استخدام أحدث التليسكوبات في العالم»، مشيرا إلى أن دار الإفتاء ستستطلع هلال شهر رمضان الخميس المقبل، وستعتمد على نتيجة اللجان.

وقال أمين إن لكل بلد مطلعها وكل مكان في الكرة الأرضية له مطلعه، فمطلع السعودية ليس كمطلع المغرب، والحديث الشريف يقول: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، مشيرا إلى أنه لا مانع من أن تتوحد الدول العربية في رؤية الهلال، حيث إن جميع الدول تشترك في جزء من الليل، مضيفا أن «لدى مصر 9 لجان منتشرة في ربوع مصر تستطلع الهلال بأحدث الأجهزة العلمية في العالم من قبل المغرب بنصف ساعة».

في السياق ذاته، أكد الدكتور حاتم عودة، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، أن غرة شهر رمضان ستوافق فلكيا الجمعة 20 يوليو (تموز) المقبل، وأن عدة الشهر 30 يوما، وآخره سيوافق السبت 18 أغسطس (آب) المقبل حسابيا.

وأوضح عودة في رده على بيان «المشروع الإسلامي لرصد الأهلة»، أن «هلال شهر رمضان سيولد في تمام الساعة الرابعة والدقيقة 24 فجرا، بالتوقيت العالمي يوم الرؤية، وهو يوم الخميس 29 شعبان الحالي، الموافق 19 يوليو (تموز) المقبل، وسيبقى الهلال الجديد بعد غروب شمس ذلك اليوم لمدة 6 دقائق في سماء مكة المكرمة، ودقيقتين في القاهرة، وبمدد تتراوح ما بين دقيقة إلى 18 دقيقة في سماء الغالبية العظمى من العواصم والمدن العربية والإسلامية»، مشيرا إلى أن علم الفلك له مدارس كثيرة وتختلف من دولة لأخرى، ومن الممكن أن تتعارض مع بعضها.

وأضاف عودة أن «السعودية لا تعتمد في معرفة الشهور الهجرية على الحسابات الفلكية، وإنما برؤية الهلال، أما مصر فتعتمد على رؤيته فلكيا، وبناء على ذلك فإنه سيمكن رؤية الهلال يوم تحريه في 29 من شهر شعبان الحالي، وعليه فإن عدة شهر شعبان لعام 1433 ستكون 29 يوما».

وأكد عودة أن «معهد الفلك سيشارك دار الإفتاء في رؤية الهلال يوم الخميس، وإذا أفتت بأن غرة رمضان السبت سيتم الأخذ بها».

من جهته، أكد الدكتور محمد وهدان، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن هناك اختلافات جذرية في طول الليل والنهار بين كثير من الدول الإسلامية، بمعنى أنه يجوز أن تتحد رؤية الهلال في دول تجتمع بعضها في جزء من الليل وجزء من النهار، ولا يكون اختلافا كبيرا في هذا، فتعتبر رؤية الهلال في بلد رؤية للبلد الآخر الذي يلتقي مع هذا البلد في جزء من الليل.

واقترح وهدان أن «يقام في مكة مرصد عالمي ضخم في مكة المكرمة أو بالمدينة المنورة ويلتزم المسلمون بالصيام في يوم واحد والإفطار في يوم واحد وتحديد المطالع».

وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، إن «استطلاع هلال شهر رمضان هذا مرتبط بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي قال فيه: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما)، وهذا الحديث يوضح أنه لا صيام ولا دخول لرمضان إلا برؤية الهلال، وإنما اختلاف الدول الإسلامية بسبب اختلاف الفهم لهذا الحديث، إذ إن بعض العلماء رأي أن هذا الأمر في الصيام لقوله صوموا لرؤيته يتجه لأبناء كل بلد وكل دولة على حدة»، وتابع: «من رأي الهلال صام ومن لم يره أكمل شعبان ثلاثين يوما، ورأي البعض الآخر أن الأمر في قوله صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته هو أمر لجميع الدول والبلاد»، مضيفا أنه إذا رأته بلد أو دولة من دول الإسلام، وجب على الآخرين أن يصوموا، وأن الرأي الذي يجمع بين هذه الآراء، هو أنه إذا رآه أهل بلد يشتركون مع أهل بلد آخر في المطالع، فتعتبر رؤية الهلال للبلد الذي رأته رؤية للبلد الآخر ما داموا يشتركون معا في المطالع.

وقال هاشم: «لو حدث أن بلدا أو دولة رأت الهلال فصامت وأن بلدا أو دولة آخري لم تر الهلال فأكملت عدة شعبان ثلاثين يوما، فلا مانع من هذا شرعا».