سمو الإسلام

صالح بن عواد المغامسي

TT

ما يشهده العالم من أحداث، وما يقابلها من ردود فعل هنا وهناك، وما يخيم على العالم الإسلامي من تمزق، وما يرفع فيه من ألوية وطرائق - كل ذلك يدل على أن بعضا من المسلمين إلى اليوم لم يفقهوا بعد عظمة هذا الدين، ولا سمو تعاليمه، ولا جلالة مقاصده، ولا يمكن أن يكون حسن النية من هؤلاء شفيعا لأن يُلحق بسببهم بالإسلام ما الإسلام بريء منه براء الشمس من اللمس، وهذه بعض المفاهيم والحقائق التي ينبغي أن يعيها كل مسلم ينتسب إلى هذا الدين القويم.

اجتماع الكلمة وحقن الدماء مقصد شرعي عظيم، لجليل ثمرته وحسن عاقبته، ومن هنا قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في وصف ومدح سبطه الحسن المبارك رضوان الله عليه ووالديه قال: ((إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به فئتين عظيمتين من المسلمين))، مع أنه صلى الله عليه وسلم وصف أهل الشام آنذاك بأنهم: ((الفئة الباغية))، لكن لما سعى السبط المبارك إلى حقن الدماء، عُد ذلك سؤددا وأي سؤدد! ومن هنا، فلا مسوغ شرعيا أبدا لأحد، كائنا من كان، أن يسعى إلى احتراب المسلمين ويقوض وحدتهم، وكلما شادوا بنيانا سعى إلى نقضه، وأتى على هدمه.

كما أن من الحقائق التي يجب أن يفقهها المسلمون، أن هذا الدين متين، وأن رسوله عليه الصلاة والسلام ذو مقام كريم في سائر أحواله، في الدنيا والبرزخ والآخرة، ومن كان هذا حاله فهو أجلّ وأكرم أن ينال منه نكرة من النكرات، فسدت طويته وشقيت طينته، فعلام إذن يجتمع بعضنا ليرمي طائفة منا، وفي ديارنا بما تقدر عليه يده، يقتل ويجرح ويدمر ويهدم، ويضج المكان بمن سفه رأيه وطاشت يده والله أعلم بسريرته، فيظهر أهل الإسلام على أنهم أهل خفة وصخب، لا أهل رأي وعزيمة ودراية، وينجم عن ذلك من اختلال الأمن وخسارة في الأجساد والأرواح مالا يجد العقلاء أي مسوغ له.

هذا وإن من علو الإسلام أن أهله قادرون على التعايش مع من سواهم، فشمس الإسلام تحوي غيرها، وعباءته قادرة على أن تضم في أكنافها من تهذب أخلاقه وتكشف شره وإن لم يؤمن، وهو وإن لم يفعل فقد كاد.

بقي أن نقول إن الواجب على علماء الإسلام وساسة الأمر فيه كبير جدا، ولا بد من إشاعة ثقافة الإسلام الحقة النيرة، واتخاذ الإجراءات المعينة على ذلك والصبر والمجاهدة على ذلك.

والعلم بأن ذلك أعظم الأولويات في زماننا هذا، هدانا الله برحمته سواء السبيل.