مصر: «الإفتاء» تجيز للضعفاء والمرضى ترك المبيت بمنى والتوكيل عنهم في رمي الجمرات

أصدرت دليلا إرشاديا لأول مرة للتوعية بمناسك الحج باستخدام الرسوم والأشكال التوضيحية

صورة لغلاف الدليل الإرشادي («الشرق الأوسط»)
TT

أفتت دار الإفتاء المصرية بأنه يجوز شرعا للضعفاء والمرضى من الرجال والنساء من حجاج بيت الله الحرام ترك المبيت بمنى، كما يجوز لهم أيضا التوكيل عنهم في رمي الجمرات ولا حرج عليهم وغير مجبورين على بذلك، فيما أصدرت دار الإفتاء دليلا إرشاديا لتوضيح المناسك وشروطها وأركانها ومستحباتها باستخدام الرسوم والأشكال التوضيحية لأول مرة.

وأوضحت دار الإفتاء في فتوى لها، أنه من المعلوم أن الالتزام بالمبيت بمنى وإلزام الحاج به مع أعمال الحج الأخرى يزيد من إجهاده وضعفه، ويجعل الجسم في أضعف حالاته، بالإضافة إلى ذلك ما نزل بالناس في هذه الأيام على المستوى العالمي من انتشار للأوبئة والأمراض الفتاكة التي يسهل انتقالها عبر التجمعات البشرية المزدحمة، حيث يكون جسم الإنسان أكثر عرضة لالتقاط الأمراض والعدوى بها، وبما أنه لا شك في أن أشد الناس تضررا بذلك وضعفا على احتماله هم النساء والمرضى والأطفال والضعفاء، ولذا فإن دار الإفتاء ترى أنه من الأنسب أن يأخذ هؤلاء حكم من رخص لهم ترك المبيت بمنى، خاصة أن المبيت ليس من أركان الحج عند جميع المذاهب المتبعة.

وأضافت الفتوى في معرض ردها عن حكم الشرع في ترك الضعفاء والمرضى من الرجال والنساء من حجاج بيت الله الحرام المبيت بمنى، أنه في هذه الأيام تزداد الحاجة إلى التيسير على الناس في فتاوى الحج وأحكامه، فإن من الحكمة مراعاة أحوال الناس في أدائهم لمناسك الحج، بحيث نجنب الحجيج ما قد يصيبهم من أمراض وأوبئة، حتى يعودوا إلى أهليهم سالمين غانمين إن شاء الله تعالى، خاصة في الأماكن التي يكثر فيها التجمع، والتي جعل الله فيها سعة لعباده خاصة أن المبيت بمنى ليالي التشريق مختلف في حكمه بين العلماء، وأنه حتى على قول الجمهور من العلماء بأن المبيت بمنى واجب فإنهم يرخصون لمن كان ذا عذر شرعي بترك المبيت ولا إثم عليه حينئذ ولا كراهة ولا يلزمه شيء أيضا، ولا شك أن الخوف من المرض من جملة الأعذار الشرعية المرعية. وأشارت الفتوى إلى أن المحافظة على أرواح الحجيج واجب شرعي، وأنه على الجميع أن يعملوا على المحافظة عليها؛ لعظم حرمتها لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما نظر إلى الكعبة قال: «مرحبا بك من بيت، ما أعظمك وأعظم حرمتك، وللمؤمن أعظم عند الله حرمة منك».

ونوهت الفتوى إلى أن المحافظة على النفس من المقاصد المهمة للشريعة، وأنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد فإن من المقرر في قواعد الفقه أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذا كان هناك تعارض بين المصالح وفق بينها؛ وإلا قدم أعلاها على حساب أدناها، وكما أن نفس المؤمن تتوق دائما إلى أداء فريضة الحج، فإن الله قد جعل ذلك لمن استطاع إليه سبيلا.

وحول حكم توكيل الحجاج من الضعفاء والمرضى من الرجال والنساء لغيرهم من حجاج بيت الله الحرام في رمي الجمرات عنهم، أكدت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية في معرض ردها، أن «النيابة أو التوكيل لشخص آخر في الرمي للضعفاء والمرضى والنساء جائزة شرعا، ودليل ذلك أنه تجوز الإنابة في الحج»، لذا فإنابة أو توكيل شخص آخر في الرمي جائزة من باب أولى، لأن الحج رمي جمرات وزيادة، وأن النيابة في رمي الجمرات رخصة لأهل الأعذار من المرضى ونحوهم ممن توجد فيهم العلة، ولذا فقد ذكر كثير من الفقهاء أمورا غير التي ورد بها النص إلحاقا بهذه الفروع على الأصل، كمن خاف على نفسه أو ماله، أو كان يتعاهد مريضا أو ما ينبغي تهيئته للحجيج.

في السياق ذاته، وتيسيرا على حجاج بيت الله الحرام شرح، أصدرت الدار دليلا فقهيا مبسطا وعصريا وسلسا على ترتيب أركان الحج مما يعين الحجيج على أداء الفريضة بشكل صحيح. وقال الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر، إنه تم توزيع الدليل الإرشادي للمناسك على جميع ضيوف الرحمن قبل السفر ليكون دليلا إرشاديا لهم خلال أدائهم مناسك الفريضة بالكيفية الشرعية الصحيحة البعيدة عن التشدد والتفريط، بالإضافة إلى توفير نسخة رقمية من الدليل الإرشادي على موقع دار الإفتاء على الإنترنت، وعلى الصفحة الرسمية للمركز الإعلامي لدار الإفتاء على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».

وأكد الدكتور نجم أن «الدار أصدرت كذلك دليلا فقهيًا جديدًا يزخر بجميع الفتاوى المهمة والمنتقاة المتعلقة بفقه وأحكام الحج والعمرة، والتي وردت للدار على مدار العقود الماضية من الأحكام والشعائر، ومن القضايا والمسائل، ومن الحكم والمعاني والأسرار الروحية، ومن المعالم، وخطوط السير، للمسلمين بأسلوب عصري يتماشى مع ما استجد من متطلبات عصرنا في أمور حياتنا المختلفة، مع بيان الإجابة عنها بأسلوب واضح شامل ومختصر، يستطيع الحاج والمعتمر من خلاله فهم الإجابة فهما عميقا يسهل عليه وعلى المسلمين جميعا الرجوع إليها عند الحاجة».

من جانبه، قال الدكتور أشرف فهمي مستشار مفتي مصر، إنه تم الاتفاق مع وزارة الداخلية المصرية على طباعة كتاب «الحج والعمرة» الصادر عن دار الإفتاء المصرية وتوزيعه على الحجاج كمرجعية لهم، ولتوحيد الفتاوى بين أعضاء البعثة المصرية.

وأضاف فهمي أنه تم الاتفاق كذلك مع وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية «حج الجمعيات»، ووزارة السياحة على طباعة الكتاب، ووصل عدد النسخ التي تم توزيعها على حجاج بيت الله إلى 80 ألف نسخة معتمدة.