سلفيو مصر يهددون وسطية الأزهر باعتداءاتهم على الأئمة والدعاة الرسميين

حاولوا السيطرة على المنابر.. وأجهضوا وعود الرئيس المصري بإصلاح حال الدعاة

الرئيس المصري محمد مرسي خلال كلمته في احتفالية عيد الدعاة الأول بقاعة الأزهر («الشرق الأوسط»)
TT

بعد يوم واحد من تعهد الرئيس المصري محمد مرسي بإصلاح أحوال الدعاة الرسميين في مصر خلال احتفالية العيد الأول للدعاة وتلبية مطالبهم المعنوية والمادية، فضلا عن إصلاح أحوال الدعوة في المساجد بعد أن هيمن التيار السلفي المتشدد على المنابر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وتوالي اعتداءاتهم على الأئمة والدعاة الرسميين، وكان أحدثها اعتداء نفر من السلفيين على أحد أئمة وزارة الأوقاف في محافظة بورسعيد ومنعوه من إلقاء خطبة العيد.

وبينما طالب دعاة وزارة الأوقاف الرئيس مرسي بحماية المساجد من الدخلاء وغير المؤهلين لاعتلاء المنابر بالقوة. أكدوا أنهم لم ولن يصمتوا على تكرار إهانات التيار السلفي لهم خاصة في أيام الجمع. وطالبوا بأن يتضمن الدستور المصري الجديد مقترحا لاستقلالية الدعوة والمساجد والاستفادة من مال الوقف (وهي بنايات تابعة لوزارة الأوقاف).

ويرى مراقبون أن تصرفات مشايخ السلفية وتيار الإسلام السياسي بشكل عام في الشارع وعلى منابر المساجد وفي القنوات الفضائية الدينية، تجهض وعود الرئيس مرسي في إصلاح حال دعاة وزارة الأوقاف، وتهدد وسطية منهج الأزهر الذي يحاول الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقيادات المؤسسة الدينية الرسمية في مصر التأكيد عليه داخليا وخارجيا.

وقال الرئيس محمد مرسي في خطابه للدعاة خلال احتفالية عيدهم الأول بقاعة الأزهر في مدينة نصر (شرق القاهرة) إن «مطالبكم كلها حقوق واجبة علينا لكم.. وإنه لن يستطيع أحد أن يوفي الدعاة حقوقهم»، مضيفا أن «هناك اتجاها لزيادة رواتب الدعاة والعمل على إنشاء لجنة يشرف عليها رئيس الوزراء ووزير الأوقاف وعدد من الجهات والوزارات، لحصر الأوقاف في كل أنحاء مصر وبحث سبل استردادها بالطرق القانونية المشروعة».

وأكد الرئيس مرسي، أن تربية النشء مسؤولية الدعاة، ودعا الأئمة أن يحملوا هم الدين وأن يتكاتفوا في نشره بصورة صحيحة بين الرجال والنساء وفي الشوارع والمصانع وفي كل مكان، للتعريف بحقيقة الإسلام وأنه دين الله الحق، مطالبا بضرورة نشر رسالة الإسلام، قائلا: «مصر والعالم يحتاجان إلى جهود العلماء والدعاة».

من جانبه، قال الدكتور طلعت عفيفي وزير الأوقاف المصري في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه الشيخ محمد عبد الرازق وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد، إن «الدعاة هم قاطرة الإصلاح في المجتمع والاهتمام بهم ينعكس إيجابا على جوانب الحياة جميعها»، مؤكدا السير قدما لطريق التغيير إلى الأفضل في الوزارة، مشيرا إلى أن الوزارة وضعت خطة لاختيار تلك القيادات في جميع الإدارات المركزية والفرعية على أساس الأمانة والكفاءة، وتم وضع خطة لإعداد صف ثان وثالث يسمح للفئات التي كانت محرومة ومهمشة بأن تتولى المسؤولية بالتدرج، بحيث لا تكون المناصب حكرا على فئات بعينها.

وتابع الوزير: «فيما يخص المساجد بدأنا في إعداد خطة لتسكين كبار الأئمة والدعاة والمتميزين منهم بالمساجد الكبرى، وقررنا فتح المساجد في أوقات النهار وقصر صلاة الجمعة على المساجد الجامعة دون الزوايا، ونجتهد في تعديل اللوائح المنظمة للمساجد الكبرى وضبط عمليات التبرع لها». وقال: «بدأنا بضبط التبرعات بصناديق النذور مما أسفر عن زيادة تفوق الـ 100 في المائة عما كانت من قبل».

وتباينت ردود الفعل الغاضبة من أئمة وزارة الأوقاف بعد لقائهم الرئيس مرسي. وقالوا إن «كلمة الرئيس لم تحمل لهم تحقيق أي من مطالبهم، ولم تتطرق إلى كادر الدعاة واكتفى الرئيس بالحديث في موضوعات عامة». وقال أحد الأئمة: «لا مانع للرئيس مرسي أن يحلم أو يخطط، لكن أن يترك ملفا كبيرا في حجم وزارة الأوقاف ويتحدث في موضوعات أخرى، فهذا أمر غير مقبول».

وطالب الشيخ يسري توفيق، أحد دعاة الأوقاف «الرئيس بسرعة زيادة بدلات الأئمة بنسبة لا تقل عن ألف جنيه شهريا، لحين إقرار الكادر الخاص بالدعاة أو استقلالية الدعوة أيهما أقرب».

كما طالب توفيق بوضع مادة في الدستور الجديد تنص على استقلالية الدعوة الإسلامية، موضحا أن «دستور أي بلد هو ميزان حركتها ونهضتها في حاضرها ومستقبلها ولا بد من تمثيل الأئمة في الجمعية التأسيسية (المنوط بها وضع أول دستور للبلاد)، مطالبا بأن يتضمن الدستور الجديد مقترحا لمادة جديدة تتعلق باستقلالية الدعوة وتهدف إلى الاستفادة من مال الوقف.

وأضاف الشيخ توفيق: «لا بد من الاهتمام بالداعية صحيا وضم وزارة الأوقاف للأزهر وانتخاب الأئمة التي تدير العملية الدعوية تحت مظلة الأزهر».

وقال الشيخ سمير خميس، إمام بوزارة الأوقاف، إن «الأئمة أصبحوا لا يبالون من كثرة الهموم التي هي على أكتافهم من عمل الدعوة إلى الله تعالى ومتاعب وصعاب الحياة، التي أدت إلى إهانة الداعية في كل مكان والعمل على حماية المنابر بعد الاعتداء المتكرر عليها من بعض أدعياء السلفية والإخوان، وإهانة الداعية حتى يبرح منبره لهم»، مؤكدا أن قانون العمل بالمسجد سيئ للغاية ولا يصلح العمل به، «وتقدمنا أكثر من مرة للمطالبة بتطويره حفاظا على كرامة الأئمة؛ ولكن يبدو أن هناك إصرارا على إهانة الدعاة».

وأوضح الشيخ خميس أن «طموحات الأئمة تتمثل في عدم تبعية الداعية لأي جهة أو فصيل واستقلال المؤسسة الأزهرية بشكل كامل، حتى يتسنى للإمام أن يوجه النصح للجميع بما فيهم أولو الأمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: لأئمة المسلمين وعامتهم».

وكان الشيخ فوزي الشربيني، إمام بالأوقاف بمحافظة بورسعيد، قد اتهم الشيخ عبد المنعم عبد المبدئ، القيادي السلفي بالاعتداء عليه، وقيامه بالصلاة بالمصلين عنوة، صبيحة يوم العيد. وكانت ساحات صلاة عيد الأضحى قد شهدت العديد من المشاحنات بين الدعوة السلفية بحزبها (النور)، وجماعة الإخوان المسلمين بحزبها (الحرية والعدالة)، والجماعة الإسلامية من ناحية، وأئمة وزارة الأوقاف من ناحية أخرى، للفوز بإمامة المصلين وخطبة العيد.

ونظمت نقابة الدعاة والأئمة وقفة اعتراضا على إهانة أحد أئمة الأوقاف. ووجه الأئمة خطابا إلى الرئيس محمد مرسي، أكدوا فيه أنهم لم ولن يصمتوا على هذه الإهانات وتكرارها، وإنه إذا لم يتم تطبيق القانون فلماذا لا يتم الإعلان عن أننا نعيش بلا قانون في دولة الغاب وشريعة الهمج؟ ونعلن للناس على المنابر ليأخذوا حذرهم. وقالوا إنه «سيتم تحويل القضية إلى قضية رأي عام»؛ لكن قياديا بحزب النور (أشهر الأحزاب السلفية في مصر)، قال إن «ما حدث في بورسعيد مجرد حادث فردي عادي ولا يعبر بأي حال من الأحوال عن كل مشايخ الدعوة السلفية في مصر». وأضاف: إنه «ليس من المعقول التربص الواضح والمقصود من جانب التيارات الليبرالية والوطنية نحو كل ما يمت للإسلام بصلة».