كمال الحجام لـ «الشرق الأوسط»: الإصلاح الثقافي والثورة الثقافية عمود البناء الحقيقي للوطن

قيادي إسلامي: الجانب السياسي في مشروع الحركة الإسلامية غلب على الجانب الثقافي والإعلامي الذي يراه البعض نقطة الضعف القاتلة للإسلاميين

كمال الحجام القيادي في حركة النهضة التونسية («الشرق الأوسط»)
TT

أكد كمال الحجام، القيادي في حركة النهضة التونسية، أن هوية الحركة ثابتة لا تتغير، وأن هدفها المعلن منذ الإعلان عن تأسيسها في يونيو (حزيران) 1981 هو هدفها الحالي وهي تشارك في الحكم بعد 40 سنة من الاضطهاد.

وقال الحجام لـ«الشرق الأوسط»: «حركة النهضة والحمد لله رب العالمين ستبقى حركة سياسية ذات مرجعية إسلامية، أبعاد نشاطها وعملها متعددة، فهي تهتم بمواصلة الإصلاح السياسي في البلاد، وفي الوقت نفسه الإصلاح الثقافي والمجتمعي، وكذلك الإصلاح الديني والفكري، وهي ذات اهتمامات متعددة راهنا وستبقى كذلك، والحركة لا تزال تبحث في مشروع تصريف مشروعها تناغما مع قوانين البلاد، وكذلك المواقع المتحركة سياسيا وثقافيا واجتماعيا».

وحول ملامح الإصلاح الثقافي في مشروع النهضة، قال الحجام «نعتبر الإصلاح الثقافي والثورة الثقافية عمود البناء الحقيقي الذي يرتب للعلاقات العميقة مع الصيرورة الزمنية في تجلياتها التواصلية على قاعدة الاحتفاظ والتجاوز، مع التركيز على ثقافة العمل وثقافة التوازن بين الحقوق والواجبات، وثقافة قبول الآخر، من أجل التعاون على البناء والتشييد، والفرز بين ما هو وطني يستوجب تكاتفا جماعيا وما هو حزبي قابل للمنافسة وللتدافع السلمي والمطارحات الفكرية التي تفيد البلاد، وتثري خصائصها الثقافية والاجتماعية، بما يجعلها متصلة بالأصل ومستوعبة للعصر».

وأقر الحجام بأن الجانب السياسي في مشروع الحركة الإسلامية غلب على الجانب الثقافي والإعلامي الذي يراه البعض نقطة الضعف القاتلة للإسلاميين.. «وهذا الشعور ليس موجودا عند القواعد العريضة فحسب، بل لدى بعض القياديين الذين يرون أن السياسي يغلب على بقية اهتمامات الحركة، ونحن ساعون في مؤسسات الحركة إلى إعادة التوازن بين أبعاد المشروع، ومواصلة البحث النظري والتجسيد العملي لرؤى الحركة الأخرى بشكل استراتيجي وعميق في الوقت نفسه».

وبخصوص موقف الحركة من الفصل الأول من الدستور، والتنازل عن قضية تجريم المس بالمقدسات، والذي تحول من فصل في الدستور إلى قانون منفصل عنه، وكذلك عدم البت في جعل يوم الجمعة يوم العطلة الأسبوعية رسميا، كما يطالب جانب كبير من الشعب التونسي، أوضح الحجام أن «النص على أن الإسلام دين الدولة كاف لإبراز هوية البلاد، وما نحتاجه هو تفعيل هذا الفصل ليكون قابلا للتمشي مع منسوب الوعي الديني في تونس، وهناك الكثير من اللبس الذي يحتاج وقتا لتوضيعه وتبيينه للناس بعد حالة التصحر الديني والثقافي الذي عاشته أجيال تونس على مدى عقود طويلة».

كانت الأحداث التي عاشتها تونس بعد الثورة، لا سيما بعد تسلم حركة النهضة لمقاليد السلطة مع حليفيها في الترويكا، قد حد من دورها الإقليمي والدولي، وانعكس ذلك حتى على الجانب الحزبي حيث دعيت «النهضة» للقيام بدور المصالحة بين حماس وحركة فتح الفلسطينيتين، وقد اعترف الحجام بذلك «لا يمكن أن ننكر أن الملفات الداخلية شغلت قادة حكومات الربيع العربي، وليس تونس فحسب، فالتراكمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية ثقيلة جدا، وهذه مرحلة التأسيس والبناء للمستقبل على المستوى الداخلي، وقبلها معالجة آثار التدمير والتخريب التي طالت الحياة بأسرها في هذه البلدان، لكن هذا لا يعني أننا لم نتحرك على المستوى الخارجي، فقد ساندنا الثورة الليبية، وكذلك الثورة المصرية، ونساند حاليا الثورة السورية ونتمنى لها النجاح، وفي فكرنا لا تزال مشاغلنا الأممية تحظى باهتمام بالغ، فالقضية الفلسطينية هي أم القضايا وهي القضية الاستراتيجية للأمة ولا تزال حاضرة في وعينا».

وعن طبيعة الصراع في دول الربيع العربي، وما يقال عن أنه سيكون إسلاميا إسلاميا، أعرب كمال الحجام عن وجود وعي بهذه المفارقات «نحن ندرك أن المرحلة القادمة ستكون فيها بعض التحديات، ونحن نرفض الصراع العلماني الإسلامي، فكيف نقبل بصراع إسلامي إسلامي؟ نحن نرفض الاستقطاب الآيديولوجي، ولا نريد أن نقلب الموازين، فمعيارنا هو: هل أنت مع الثورة أم ضد الثورة؟ ولا ننكر وجود تنافس إسلامي إسلامي نريده أن يكون مثريا للمشروع الإسلامي وروح الإسلام وطبيعة الشعب واهتماماته، ونرى المستقبل لمشروع وسطي مرن يقبل بالآخر ويشركه في السلطة، وليس لمشروع متسرع وحدي فيه الكثير من التشنج والإقصاء والإبعاد».

وشدد الحجام على إصرار حركة النهضة على تحالفها مع حزبي «المؤتمر» و«التكتل» وفتح الباب أمام الآخرين «نحن لا نزال نصر على خيار التشارك والوفاق وهو خيار من أروع ما وصلت إليه الحياة السياسية في بلادنا، وهو تتويج لحركة 18 أكتوبر (تجمع لأحزاب المعارضة تم تشكيله سنة 2005)، وحكم تونس يحتاج لتوافق الجميع، على قاعدة الحرية والديمقراطية».

وأشار القيادي الإسلامي إلى استمرار تزايد أعداد المقبلين على الانخراط في صفوف الحركة من الطبقة المثقفة والشبابية. كما تحدث عن المؤتمرات الشعبية التي يعقدها قادة الحركة في مختلف أنحاء البلاد. ونفى أن تكون هناك شرعية خارج صناديق الاقتراع.