لقاء عالمي في فاس حول كتابة السيرة النبوية

هدفه تجميع وضبط خلاصة ما كتب عن الرسول ووضعه بين أيدي أجيال الغد

TT

دعا متدخلون في لقاء عالمي للباحثين في السيرة النبوية حول موضوع نظم بعنوان «جهود الأمة في خدمة السيرة النبوية» إلى الاستفادة من التراث الإسلامي ومصادره الغنية لكتابة السيرة النبوية كتابة جامعة مانعة موحدة في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

وأشار هؤلاء إلى أن هذا التراث يتمثل في مصنفات وكتب التاريخ الإسلامي وكتب الدلائل والمعجزات وأعلام النبوة وغيرها، مشددين على ضرورة أن تستلهم الأمة الإسلامية هذا التراث الحافل وتستعين به.

وخلال اللقاء الذي نظمته مؤسسة البحوث والدراسات العلمية بفاس، قدمت عدة عروض ومداخلات حول مجموعة من القضايا التي لها ارتباط بالسيرة النبوية بدءا بالجهود التي بذلت لتدوين هذه السيرة من طرف المؤرخين وأصحاب الطبقات والمحدثين مرورا بالمناهج التي اعتمدت لشرح وتيسير وتنظيم السيرة النبوية وصولا إلى ما قام به المؤرخون والباحثون لكتابة وقائع مضبوطة للسيرة النبوية.

شارك في اللقاء باحثون ومختصون في السيرة النبوية إلى جانب عدد من العلماء والأساتذة الجامعيين من عدة دول، حيث كان الهدف الأساسي محاولة تجميع وضبط خلاصة ما كتب عن الرسول الكريم ووضعه بين أيدي أجيال الغد باعتباره المدخل لإنجاز مشروع السيرة النبوية الذي يجب على الباحثين من أبناء هذه الأمة أن ينهضوا لإنجازه.

وفي هذا السياق قال أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي إن «من القضايا التي ينبغي أن تهتم بها كل دراسة للسيرة النبوية هو ضرورة تقليل هوة الخلاف بين المسلمين حول بشرية محمد صلى الله عليه وسلم التشريعية وطبيعته النبوية وعظمته الخلقية وكماله الروحي». وشدد التوفيق في كلمته على ضرورة أن يهتم دارسو السيرة النبوية في علاقتها بالحاضر بسلم الأولويات في الاتباع على اعتبار أن التركيز على الجزئي المظهري وتقديمه على المبدئي السلوكي يعرض الأجيال للتضليل. وأشار إلى أهمية العمل على تقديم هذه السيرة للأجيال الجديدة من المسلمين بلغة أكثر فهما في هذا العصر مؤكدا على ضرورة الاقتناع بأن تكريم النبي صلى الله عليه وسلم إنما ينتظر قبل كل شيء من أهله باتباعه وتمثيله واقتراح نموذجه الأمثل على غيرهم من الناس، وأكد على أهمية تمرين الأجيال الجديدة بواسطة الإعلام وغيره على التمييز بين سيرة تقدم بشكل تمجيدي طوباوي وبين سيرة تقدم بشكل تاريخي مشيرا إلى أن التصور الطوباوي يجعل الاتباع وإعادة خلق النموذج متعذرا الشيء الذي يخلق الإحباط ويدفع إلى الإرهاب والانتحار.

وأوضح أن ما اصطلح عليه علماء المسلمين بالسيرة أو علم السيرة يشمل جوانب عدة منها على الخصوص بيوغرافية النبي صلى الله عليه وسلم في مراحلها المختلفة كما تشمل تاريخ دعوته وعمله من أجل تبليغها وتحقيق مضامينها في سياق قومه وصحابته خاصة وهي ما سجله الوحي أولا وحديثه صلى الله عليه وسلم ثانيا وما روي من الأخبار عن صحابته ثالثا.

ومن جانبه تحدث عادل بن علي الشدي الأمين العام المساعد «لرابطة العالم الإسلامي» بمكة المكرمة عن أهمية تنظيم اللقاء، وقال إنه سيشكل قفزة نوعية في إبراز دور العلماء في خدمة سيرة الرسول الكريم وتيسيرها للناس الذين هم في أمس الحاجة إلى تقريب قيم الرسول وأخلاقه الكريمة في العدل وحب الخير، وأعلن عن أمله في أن يساهم هذا الملتقى في الخروج بتصورات عملية تثري السيرة النوبية التي يجب أن تكون منهاج حياة لكل أبناء الأمة الإسلامية. وقال محمد يوسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى إن سيرة الرسول الكريم هي في العمق قصة ميلاد الإسلام ونموه وتطوره إلى أن اكتمل مما فرض على المسلمين أن يكون اهتمامهم الأول بهذه السيرة يستنبطون منها لصياغة حياتهم مشيرا إلى أن الأجيال الجديدة لا يمكنها أن تكون امتدادا لهذه الأمة إذا كانت تجهل سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ودعا متدخلون إلى ضرورة العمل على تنقية هذا التراث من الشوائب لأن البعض منها كتب بأهواء خارجة عن هوى المسلم المعتدل مبينين أهمية إعادة النظر فيما كتب في هذا المجال والبدء في دراسة علمية رصينة لتوثيق هذا التراث.