حوار إسلامي ـ مسيحي في اليونان يناقش تسامح الإسلام ونبذه العنف والإرهاب

TT

شهدت قاعة المؤتمرات في مبنى اتحاد الصحافيين اليونانيين ندوة للحوار الديني، تعتبر الاولى من نوعها منذ الاحداث الدامية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الاميركية في 11 سبتمبر (ايلول) الماضي، وقد نظم هذا الحوار سبيرودون كامالاكيس، رئيس جمعية الصداقة المصرية ـ اليونانية بالتعاون مع الدكتورة ماجدة شاهين، سفيرة مصر لدى اليونان، وكانت الندوة بعنوان «الاسلام والمسيحية»، وحضرها رموز عربية ويونانية مهمة ممثلون عن الديانتين الاسلامية والمسيحية يتقدمهم سفراء الدول العربية والاسلامية المعتمدون لدى اليونان ورموز من وزارة الخارجية اليونانية ومجلس الكنيسة الارثوذكسية اليونانية والاقباط المصريون، وكان ضيفا الحوار الدكتور عبد المعطي بيومي، الاستاذ في جامعة الازهر وعضو مجلس الشعب المصري عن الجانب الاسلامي، والاستاذ الدكتور ثيوذوروس تاسيوس، الاستاذ بجامعة اثينا عن الجانب المسيحي.

والقى الدكتور بيومي محاضرة دينية مهمة اشاد فيها بسماحة الاسلام وقال ان الارهاب ليس للاسلام من قريب او بعيد، وذكر بعض آيات من القرآن الكريم وبعض الاحاديث النبوية التي تحرم الاعتداء على النفس، وقال: «الله عز وجل حرم القتل وترويع الآمنين، المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمؤمن من امنه الناس على دمائهم واموالهم»، واضاف ان الاسلام صديق للجميع وبينه وبين كل اديان العالم صلة وثيقة ونقطة اشتراك، موضحا بعضا من النقاط المشتركة بين الاسلام والمسيحية وبين الاسلام واليهودية.

وتطرق الحديث الى صلة اليونان الوثيقة والقديمة بالاسلام، مشيرا الى الفيلسوف اليوناني ارسطو الذي يعتبر المعلم الاول في الثقافة الاسلامية، حيث قال عنه المسلمون «ان الله لم يخلق عقلا كعقل ارسطو». واشار الى مجهودات ابن رشد الذي اشعل نور العقل على اسس مشتركة بين الاسلام والمسيحية، كما اشار ايضا الى ابن جبرون اول فيلسوف في الهندسة الذي كان يهوديا ومات على يهوديته وكان المسلمون يحترمون فكره وثقافته وكان يطلق عليه «الاسلامي ثقافة واليهودي ديانة».

واضاف الدكتور بيومي ان «الانسانية تقف على مفترق طريقين لا ثالث لهما، إما حروب وصراعات وسفك دماء. او استعادة السلام والعقل في الثقافة الاسلامية. وإما ان ينظر الى الاسلام كدين ارهاب.. او ان ليس له علاقة بالارهاب، ونتعامل مع الارهاب كظاهرة منفصلة عن الاسلام».

وقال ان الاسلام يمد يده الى العالم في حوار بناء بعيد عن التعصب والعنصرية، وطالب رجال الدين المسيحي بنشر الحقيقة واعلاء الحضارة الانسانية، وذكر ان في مصر والعالم العربي يوجد احترام لكل الاديان طبقا لتعاليم الاسلام الذي اوصى بذلك، وقال ان مصر تقبل التعددية، ولا يقف الخلاف في العقائد عقبة في طريق احسان المعاملة، مشيرا الى وجود واقامة المعابد والكنائس اليهودية والمسيحية في جميع مناطق مصر الحيوية، مستشهدا بقوله تعالى «ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة»، ودعا العالم الى التعاون المشترك والخلاق والتحاور في افضل الطرق لتخليص الانسانية من ازمة، حيث يحاول المتعصبون على الجانبين ان يدمروا البشرية ويتخذوا مما حدث ذريعة ليتحول التعصب الى جحيم يحرق ويدمر الحضارات، واشار الى التعصب عندما اعلن البعض ان الحرب القائمة حاليا حرب صليبية ضد الاسلام.

اما كلمة الدكتور تاسيوس، الذي مثل الجانب المسيحي فكانت كلمته تاريخية شدت اهتمام الحاضرين وهو يتحدث عن سماحة الاسلام وقربه من الاديان الأخرى، مستشهدا بآيات من القرآن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة. كما تحدث عن مكانة المرأة في الاسلام وحقوقها الكثيرة التي لا تحظى بها اي امرأة تعتنق اي ديانة أخرى، وقال ان الاسلام اعطى المرأة حقها تماما، لكن بعض الناس يفسرون نصوص الدين بما يتفق مع تقاليدهم، واضاف «نؤيد البشرية للتقدم للأمام بدلا من الحروب الدامية».

واوضح في كلمته بأن القرآن لم يطلق كلمة كفار على المسيحيين، بل سماهم اهل الكتاب وفرق بين كلمة الكافر وكلمة المشرك، قائلا إن المشرك لديه شيء من الايمان، اما الكافر فهو مجرد من الايمان تماما.

وعقب الدكتور بيومي على كلمة تاسيوس بأنها تاريخية، مؤكدا مكانة المرأة في الاسلام وحقها في العمل والمشاركة، موضحا ان المرأة هي اول من بايع الرسول صلى الله عليه وسلم في العقبة، والاسلام لا يمنع تولي المرأة المناصب حتى رئاسة الدولة بأمر شورى، مؤكدا بذلك موقف ملكة سبأ.

واختتم الحوار ببعض الاسئلة من الحاضرين اجاب عنها ضيفا الندوة في جو اخوي لا يعرف التعصب ولا التفرقة. كما قام كامالاكيس، رئيس جمعية الصداقة المصرية ـ اليونانية بتقديم الهدايا التذكارية لضيفي الندوة من الجانبين الاسلامي والمسيحي متمنيا دوام تكرار مثل هذه اللقاءات.