مفكرون إسلاميون يحذرون من مخاطر العولمة على الحضارات الإنسانية

د. ذنيبات: العولمة تختلف عن العالمية التي جاء بها الدين الإسلامي* د. البوطي: محاولة لإخضاع الحضارات الإنسانية لحضارة القطب الواحد * د. العبادي: للعولمة جانبان وفيها أخطار وكذلك فيها منافع * د. سالم: يجب وضع التشريعات اللازمة لتطوير الاقتصاد الإسلامي

TT

تحت عنوان «الاسلام والعولمة» عقدت في قاعة المؤتمرات الكبرى بالمركز الثقافي الاسلامي في عمان ندوة شارك فيها كل من الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، استاذ كلية الشريعة في جامعة دمشق، والدكتور عبد الرشيد عبد العزيز سالم، مستشار وزير الاوقاف المصري، والدكتور عبد السلام العبادي، رئيس مجلس أمناء جامعة آل البيت في الأردن، والدكتور محمد الذنيبات، وزير التنمية الادارية الاردني الذي تحدث في بداية الندوة حول الفهم العالمي للعولمة. وقال انها تعني حرية حركة رأس المال وانفتاح الحضارات على بعضها بعضا وفق المعايير والأطر التنظيمية التي يراها رواد العولمة.

واوضح ان ثورة المعلومات من اتصالات وفضائيات اذابت كثيرا من مفهوم الثقافات للدول واصبحت الثقافات الوطنية جزءا من التاريخ. واضاف انه وفي المجال الاقتصادي هشمت العولمة مفهوم حماية الاقتصاد الوطني وازالت الحواجز بين الدول واصبح دور الدولة هو دور المراقب، كما أدت العولمة الى مفهوم تفكيك سيادة الدولة في ظل المناداة بحقوق الانسان، وأدت في جانب آخر الى اتحاد حكومات عديدة، وشركات متعددة لتستطيع الوقوف امام العولمة.

وقال انه ونتيجة لوجود العولمة فقد دخل مفهوم البيروقراطية وشاعت موجة الاداء عن بعد من خلال الوسائل الحديثة، مثل البطاقة الذكية وغيرها، وان رأي المخدومين في ظل العولمة اصبح موجها اساسيا للعاملين في القطاعين العام والخاص.

واشار الى ان هناك تحديات كبيرة تتعلق بالمستقبل امام الدول في ظل العولمة مما يستدعي ضرورة تعاون الدول النامية وكذلك الدول العربية لمواجهة العولمة والوقوف امامها، لأنه من دون الاتحاد فلن تستطيع هذه الدول مسايرة العولمة وآفاقها، موضحا ان العولمة تختلف عن العالمية التي جاء بها الدين الاسلامي الحنيف، حيث ان العالمية هي اصل الدين الاسلامي وان الدين الاسلامي ذو طبيعة عالمية.

* حوار الحضارات

* وتحدث الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حول العولمة والحضارة الاسلامية، فقال انه يوجد في العالم اليوم طرحان، الاول حوار الحضارات، والثاني صدام الحضارات. واشار الى ان العولمة هي طرح ثالث وهو اخضاع الحضارات كلها لحضارة القطب الواحد وان العولمة هي محاولة لاخضاع الحضارات الانسانية لحضارة القطب الواحد مما يعني ان يتحكم %11 من سكان العالم بما نسبته %89 منه ثقافيا وسياسيا واقتصاديا وبهدف عدم ظهور اقطاب أخرى.

واستعرض البوطي الآثار التي حققها الاسلام في حياة العرب، مبينا ان الاسلام اخرجهم من الجزيرة العربية لدعوة الناس الى المنهج الحق الذي يتفق مع الفطرة السليمة، وموضحا ان الاسلام قرر ان لا وصاية لأمة على أخرى، وان الناس متساوون «ذمتهم واحدة يجيز أدناهم على أعلاهم». وتساءل الدكتور البوطي عن المنهج الذي يجب ان تتخذه الامة العربية لدرء اخطار العولمة، مبينا ان السبيل لدرء هذه الاخطار هو التخلص من الفرقة والعودة الى الوحدة الاسلامية التي ارتضاها لنا الله سبحانه وتعالى.

* القطب الواحد

* وقال الدكتور عبد السلام العبادي، رئيس مجلس امناء جامعة آل البيت في الاردن، ان العولمة في زماننا هذا واقع يفرض نفسه في المجتمع الانساني سواء عن طريق القطب الواحد او التكتل الواحد. وأضاف ان العولمة هي آليات وصيغ تقوم على سهولة الحركة في المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية. وقال ان القوي هو الذي يستفيد من هذه الآليات وهذه الصيغ.

وقال المطلوب هو معرفة كيف نحمي انفسنا ونحصنها، فالعولمة فيها اخطار وكذلك فيها منافع، وقال ان من مخاطر العولمة تفريغ الامة من هويتها وغزوها ثقافيا واجتماعيا وسياسيا. واشار الدكتور العبادي الى ان المطلوب لذلك هو ايجاد خطاب راشد يضع التغيير ويوضح الحقائق ويبين الصحيح. وأضاف ان الاسلام وبطبيعته المتميزة مؤهل لأن يفرض نفسه ووجوده في الساحة العالمية اذا احسن المسلمون فهمه ووعيه وحمله للناس. وقال ان على المسلمين في الوقت الحاضر الاستفادة من الادوات المتاحة، موضحا ان العالم كله اليوم بحاجة الى الاسلام وشموليته، فالاسلام يجمع بين المادة والروح، وهو بذلك يحمل الفكر الشمولي. وقال ان من واجبنا العمل على بناء اعلام اسلامي راشد لنشر الدعوة الاسلامية وحملها للناس في العالم كله لتحقيق سعادة الفرد في الدنيا والآخرة ولتوجيه الناس نحو الفطرة السليمة التي ارادها الله لعباده. واشار الدكتور العبادي الى انه في المجال الاقتصادي يجب ان نكون متميزين وان تكون صناعتنا متميزة حتى نستطيع منافسة الآخرين والدخول الى الاسواق العالمية، مبينا ان الانعزال عن العالم ليس هو الحل، والتحدي هو ان ندخل بوعي في المعترك الدولي.

* العولمة الاجتماعية

* وتحدث الدكتور عبد الرشيد سالم حول ظاهرة العولمة، مبينا ان ظاهرة العولمة تسير في اتجاهات ثلاثة، الاول اتجاه ثقافي وهو نقل الثقافة الى الآخرين، مشيرا الى ان هذا امر مرفوض في الاسلام، لأن الاسلام لا يقبل الخروج عن قاعدته الدينية، لكن الاسلام يناقش هذه الظاهرة فيأخذ ما يتفق مع تعاليمه السمحة ويرفض ما هو دخيل وشاذ. وحول العولمة الاجتماعية قال ان العولمة الاجتماعية تريد من الفرد او الجامعات التحول الى حياة اجتماعية يعيش فيها الآخر، بحيث يكون في معادلته الاجتماعية مثل الغير، مشيرا الى ان هذا الامر غير مقبول من الناحية الشرعية، فالمسلم يسير وفق منهاج واحكام كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وتحدث عن الجانب الثالث لظاهرة العولمة وهو الجانب الاقتصادي، مشيرا الى انه يجب التعامل مع هذا الجانب بكل دقة، حيث بين ضرورة استخدام التكنولوجيا في جميع مجالات الحياة وان الذي لا يأخذ هذه التكنولوجيا فقد تخلف عن الركب ومواكبة الامم الأخرى وبالتالي سيتحول الى «محمية بشرية». مشيرا الى انه يجب وضع التشريعات اللازمة لتطوير الاقتصاد الاسلامي للحاق بالدول المتقدمة اقتصاديا.