هل تهان المرأة باسم زواج المسيار؟

البعض يرى فيه حلا لمشكلة العنوسة وآخرون يعتبرونه لعبة وموضة * المسند: هذا ضحك على النساء وإهانة للمرأة * د. الخضيري: هو زواج الجبناء وذوي الظروف الخاصة * ابن يعيش: من ليس عنده بنات يتحمس ضده * الشويعر: جائز بهذه الصفة

TT

هل تهان المرأة باسم الزواج؟ إذ زواج المسيار ضحك على النساء وخداع لهن وإهانة عظيمة هكذا قال بعض المشايخ وآخرون وصفوه بزواج الجبناء وهناك من رأى أن فيه حلا لمشكلات العنوسة وتلافياً لبعض المشكلات الأسرية «الشرق الأوسط» استطلعت آراء عدد من المشايخ في السعودية فكان محصلة الاستطلاع ما يلي:

ـ د. عبد السلام بن محمد الشويعر «عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية» أوضح صورة زواج المسيار وحكمه فقال: إننا عندما نتحدث عن «زواج المسيار»، فإنه يتبادر إلى الذهن صور متعددة لـه حتى إنه أحياناً يحوي المجلس الواحد أكثر من شخص يتصور كل واحد منهم صورة مختلفة تماماً عن الآخر بل أحياناً تكون متضادة.

ـ وهذا هو سبب تضاد فتاوى بعض أهل العلم بخصوص زواج المسيار لأنهم يفتون بحسب الوارد لهم. لذلك لا بد عند الجواب عن حكم «زواج المسيار» النظر إلى ما الذي في ذهن السائل أو المتلقي لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره. وهذه اللفظة «زواج المسيار» من الألفاظ المشتركة التي تصدق على أكثر من معنى.

ـ وعلى ذلك فسأبين الصورة التي أريد الحديث عن حكمها، فإن خالف الصورة التي في ذهن القارئ الكريم، فلا يعمم هذا الحكم عليها بل الواجب عليه الرجوع إلى أهل العلم وسؤالهم عن ذلك.

ـ فأقول الأصل في النكاح أنه يجب أن يكون بولي وشاهدي عدل وأن يعلن ـ ومن الإعلان تسجيله في الدوائر الرسمية ـ وأنه يجب فيه على الزوج لزوجته القسْم والمبيت ولو ليلة كل أربع ليال إن كان معدداً، ويجب لها ولأبنائها منه النفقة بالمعروف ـ ومنه السكن.

وهذا هو النكاح الشرعي الذي لاشك في جوازه. لكن إذا اتفق الرجل مع امرأته برضاها في إسقاط حقها من القسْم مع توفر جميع الأمور السابقة، فأصبح لا يأتيها إلا في بعض الأوقات أو في النهار فقط أو نحو ذلك، فهذا هو زواج المسيار الذي أنوي الحديث عنه. فهذا الفعل إن كان يرضاها فلا حرج فيه; لأن القسْم والمبيت من حق الزوجة فإن رضيت بإسقاطهما من غير إكراه جاز لها ذلك; لأن الحق لا يعدوها. والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيحين أن سودة وهبت يومها لعائشة رضي الله عنهما.

كما أن هذا العمل كان معروفاً عن الصحابة ومن بعدهم، وقد عقد سعيد بن منصور في سننه باباً في «زواج النهاريات» أي اللاتي يقسم لهن أزواجهن في النهار دون الليل، لأن الليل هو عماد القسْم، ولكن هذا الحكم بشرط رضا الزوجة وموافقتها عليه لأنه حق لها لا يجوز للزوج هضمها إياه.

* هذا ضحك على النساء؟

ـ ثم تحدث فضيلة الشيخ عبد العزيز المسند «المستشار في وزارة التعلم العالي والداعية المعروف» قائلاً: زواج المسيار ضحكة ولعبة وموضة مما يحاول أهل الصحف إثاراته لأن عمل الصحافة هو الإثارة وهم يريدون أي موضوع من أجل أن يثيروه فزواج المسيار لا حقيقة لـه وزواج المسيار هو إهانة للمرأة ولعب بها وحاشا للمرأة المسلمة أن تكون لعبة بأيدي المتذوقين الذين يخادعون الناس فلو أبيح أو وجد زواج المسيار لكان للفاسق أن يلعب على اثنتين وثلاث وأربع وخمس ويخفى هذه وتلك ولا أحد يعلم عنه ويلعب بحجة الزواج على نساء متعددات كلها مخفية لا يدري بعضها عن بعض وهو وسيلة من وسائل الفساد للفاسق فإذا زواج المسيار: أولاً لا أصل لـه ولكن الناس يتحدثون في بيوتهم وأستطيع أن أقول: أن الرجال الجبناء هم الذين يتنطعون الآن بزواج المسيار وهم لن يفعلوا حتى المسيار! ثم تحدث الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن يعيش «إمام وخطيب جامع خادم الحرمين الشريفين ومقرر اللجنة الاستشارية في وزارة الداخلية»، يقول: زواج المسيار اعتقد أن هذه التسمية هي التي سببت الإرباك في قضية هذا الزواج، فهو زواج شرعي بلاشك لأنه مكتمل الأركان والشروط وليس فيه ما ينقصه سوى الإعلان; والإعلان يعتبر من متممات الزواج وليس من واجباته أو أركانه أو شروطه وأتمنى أن يتفشى هذا الزواج ويكثر منه، لأن البيوت الآن مليئة بالبنات بل العوانس وإذا حصل أن يتقدم أزواج لهذه البنات بالشروط التي يمليها البعض على البعض الآخر وهذه الشروط موافقة للشرع فليس في ذلك أيّ بأس وما المانع أن تتزوج البنت من شخص وهي مقيمة في بيت أبيها وأمها ما المانع من ذلك قد يكون لبعض البنات أم أو أب أو والدان مريضان وليس عندهما من يعتني بصحتهما ولا من يقوم بشؤونهما وهي ترى أنها إذا تزوجت وذهبت مع زوجها ربما يتعرضان للضياع ولأمور لا يعلمها إلا الله فكونها تتزوج وتشترط على الزوج أن يبقيها في بيت والدها أو بيت والدتها أو بيتهما جميعاً ليس في هذا شيء، فالمؤمنون على شروطهم فما دام أنهم اتفقوا على مراعاة هذه الشروط وتطبيقها برضى الطرفين وفي حدود الشرع فلا أرى في ذلك بأساً بل الفتنة الحقيقية هي بقاء النساء بلا زواج، فكلنا يعرف ما يترتب على ذلك من مشاكل وإفرازات ترتبت بسبب عزوف الشباب والشابات عن الزواج ونعرف الأثر الذي وصف الرجل بلا امرأة بأنه مسكين ومثله المرأة والحقيقة ـ كلمة مسيار ـ هي التي سببت الشوشرة والاشكالات وإلا فهو زواج صحيح لا غبار عليه ولا شك أن البنات من الابتلاء كما في الحديث «من ابتلي بشيء من هذه البنات... الخ»، والذي ليس عندهم شيء من هذا هم الذين يتحمسون ضد هذا الزواج، فالذي ليس عنده معاناة فالكلام لديه قابل للتشقق والإفاضة والفلسفة ولكن ليس لـه دليل يعضده أو برهان يتكئ عليه فأرى أنه زواج مشروع وفيه خير ومصالح للأمة وإعفاف لكثير من الرجال والنساء.

د. إبراهيم الخضيري، «القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض يقول: «زواج المسيار زواج شرعي صحيح ولا غبار عليه وقد لا يرضاه بعض الأشخاص لبناتهم وأخواتهم لكن هناك حالات تقتضيه وأنا قلت من قبل إنه زواج الخوافين والجبناء من الرجال الذين لا يجرؤن على أن يظهروا ذلك إمام زوجاتهم وهو في نفس الوقت صالح لذوي الظروف الخاصة. فمثلاً امرأة كفيفة أو معاقة أو ذات بنات وبنين، وهي ترغب في الزواج ولا تريد أن تنتقل من دارها، ولا تريد من زوجها يوماً ولا ليلة، وإنما تريد أن تقضي وطرها فيما أحله الله عز وجل فتلجأ إلى الزواج مسقطة جميع حقوقها الزوجية، فهذا ملك لها وشرعي ولا غبار عليه وليس بين الزواج العرفي الذي يسمى عرفيا في بعض البلاد الإسلامية وبين زواج المسيار، أي علاقة من وجهة التنظيرات القانونية، وعلى كل حال فزواج المسيار زواج شرعي صحيح لا غبار عليه، ولكنه للجبناء من الرجال، كما قلت ولذوي الظروف الخاصة وقد لا يرتضيه الإنسان لبنته مثلاً كما هو التعدد مباح في الشريعة، ولكن لا يرتضيه الإنسان أحياناً لا لبنته ولا لأخته وكونه لا يرتضيه لا يعني هذا أنه ينقص من قدره شيئاً لأن الشريعة الإسلامية قد راعت ظروف الناس وأحوالهم.