اسحاق الفرحان : ميل بعض الحركات الإسلامية للتطرف سببه قلة اعتمادها على الفكر والثقافة

TT

أكد الدكتور اسحاق الفرحان الأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الاسلامي ورئيس مجلس شورى الحزب في الأردن خلال الأربع سنوات الماضية، ان الاسلام دين السلم والسلام، يميز بين الارهاب بصورته العامة وبين المقاومة المشروعة للمحتل لاراضي الغير بالقوة. ودعا من يتهم المسلمين بالإرهاب الى أن يدرس الاسلام جيدا ليعرف انه دين الرحمة والتراحم وأشياء اخرى تحدث عنها بكل صراحة لـ«الشرق الأوسط» في هذا الحوار:

* تشغل الساحة العربية والعالمية حاليا قضايا الارهاب وعلاقة بعض المسلمين بذلك فما هو رأيكم في السبيل الى ازالة هذه الصورة عن المسلمين في اذهان العالم؟

ـ الدين الاسلامي عقيدة وشريعة ونظام حياة والتربية الإسلامية تعنى بتربية شخصية الفرد المتكاملة، ابتداء من علاقته بربه وبأسرته وبمجتمعه المحلي وبوطنه انتهاء بالانسانية جمعاء قال تعالى: «وما ارسلناك الا رحمة للعالمين». ومن هنا فإن الاسلام دين السلم والسلام ودين الرحمة والتراح وهوم يؤكد تعارف الشعوب والتعاون على البر والتقوى ونبذ العنصرية والافساد في الارض او استعمال العنف مع المدنيين، ولكنه في الوقت ذاته يميز بين الارهاب بصورته العامة وبين المقاومة المشروعة للمحتل لاراضي الغير بالقوة ولهذا لا تعتبر مقاومة المعتدي المحتل ارهابا مهما استخدمت وسائل العنف لأن الذي يحتل اراضي الغير بالقوة هو الارهابي الحقيقي والدولة التي تقوم على هذا الاساس فإنها تمارس ارهاب الدولة مثل ما تقوم به دولة العدو الصهيوني في فلسطين، ومن يدعم هذه الدولة المعتدية يعتبر كذلك ارهابيا، سواء كان دولة أو أفراداً. ونحن ندعو من يتهم المسلمين بالارهاب ان يدرس الاسلام ويناقش على بصيرة، بدلا من الانطلاق من العقد التاريخية كعقدة الحروب الصليبية، ولا شك ان للجامعات ومراكز البحوث العربية والاسلامية دوراً كبيراً في توضيح الصورة المشرقة للاسلام على المستوى الفكري والعالمي.

* في رأيكم لماذا تجنح بعض الحركات الاسلامية الى التطرف هل السبب كامن في الاساليب التعليمية والتربوية، أم في ذهنية البعض في غياب مرجعية دينية واحدة في العالم الاسلامي؟ ـ ربما كان سبب ميل بعض الحركات الاسلامية للتطرف قلة اعتمادها على الفكر والثقافة، بل اعتمادها على خطباء ووعاظ قليلي الثقافة في المساجد وغالبا ما تعينهم الدول والحكومات الاسلامية بدون اهتمام لهذا الميدان المهم، وكذلك الى افتقار المجتمعات العربية والاسلامية الى الحياة الديمقراطية التي تتيح للحركات الاسلامية العمل العلني الحر كغيرها من الاحزاب والجماعات، وربما استعمال العنف ضد بعض الممارسات الاسلامية بدون تعقل يؤدي الى ردود فعل غير منسجمة مع تعاليم الاسلام، وعلى كل فهذه ظاهرة تستدعي تعاون الجميع لمعالجتها معالجة علمية وموضوعية ليتسم العمل الاسلامي مع النظرية الاسلامية ويتكامل العمل الاسلامي الشعبي مع العمل الرسمي على طريق استئناف الحياة الاسلامية وما لم تتبن الحكومات الاسلامية الشريعة الاسلامية في قوانينها ستظل هناك فجوة بين السلاطين والعلماء تحتاج الى تجسيد العقلاء من الطرفين.

* تشغلكم حاليا قضايا التعليم، حيث تترأسون جامعة الزرقاء، فهل ترون هناك ضرورة لتبسيط امور الدين للشباب المسلم في المرحلة الجامعية وما قبلها وما هي انجح الاساليب في رأيكم للتركيز على هذه القضايا في التعليم بالاردن والعالم العربي والاسلامي؟

ـ نحن في جامعة الزرقاء نعنى بمواد بناء الامة في المناهج والخطط الدراسية، وهي العلوم الشرعية والتاريخ العربي والاسلامي واللغة العربية وعلوم التربية، ذلك لأن هذه المواد تسهم في بناء شخصية الفرد العربي والمسلم وهوية الامة الحضارية ومن هنا جعلنا حدا ادنى من هذه المواد متطلبات جامعية يدرسها جميع الطلبة بغض النظر عن اختصاصاتهم، واهتمامنا في الجامعة بتنمية السلوك الحضاري للطلبة يوازي اهتمامنا بتنمية معارفهم العلمية ومعلوماتهم واسلوب تفكيرهم وهناك مادة الثقافة الاسلامية، وقضايا العصر احد متطلبات الجامعة لعلاج المشكلات العصرية المستجدة من منظور اسلامي كقضايا البيئة والتمييز العنصري وحقوق الانسان والفكر السياسي الشوري او الديمقراطي، املا في أن يكون خريج جامعتنا ملتزما بثوابت الامة وعقيدتها ومواكبا للعصر ومستجداته بدون ترهل او تزمت.

* هل تفكرون في العودة الى الانخراط اليومي في العمل الحزبي من خلال الترشيح للامانة العامة لحزب جبهة العمل الاسلامي، وما هو رأيكم في العمل الحزبي الاسلامي عموما؟

ـ لقد واكبت حزب جبهة العمل الاسلامي منذ تأسيسه خلال العشر سنوات الماضية وكنت الامين العام للحزب خلال دورتين متتاليتين حسبما يسمح به نظام الحزب، ثم انتخبت رئيسا لمجلس شورى الحزب في الاربع سنوات الماضية التي انتهت مع نهاية العام الماضي ولا أنوي الترشيح لأي من المناصب الحزبية لافساح المجال امام جيل الشباب، وقد سعدت بالاسهام في بلورة الفكر السياسي الاسلامي في العمل العام، وكانت فترة جيدة اعتز بها ولكني اعتقد ان العمل الحزبي الاسلامي يحتاج الى مزيد من تراكم الخبرات وجسر الفجوة بين الشباب والجيل القديم ليبقى العمل متجددا ومتطورا.

=