إمام وخطيب المسجد الحرام: العولمة عودة للاستعمار بكل صوره والمسلمون هم ضحاياها

TT

اكد الدكتور صالح بن عبد الله حميد رئيس الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وعضو هيئة كبار العلماء في السعودية أن اكبر مستهدف في العولمة هو الإسلام، مشدداً على أن العولمة تشكل تحديا للإنسانية عامة واعتبر أن هناك آثاراً سلبية لها، تكمن في زيادة البطالة وتدهور مستوى المعيشة وانخفاض الأجور وتقلص الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدول وابتعاد الحكومات عن التدخل في النشاط وتفاقم التفاوت في توزيع الثروة بين المواطنين.

ورأى الدكتور حميد وإمام وخطيب المسجد الحرام في محاضرة ألقاها أخيراً في مؤسسة الملك فيصل الخيرية بالرياض بعنوان «بين العالمية والعولمة» انه مع نمو العولمة سيزداد تركز الثروة وتوسيع الفروق الفردية بين البشر مما يؤدي إلى تكدس المال بأيدي مجموعة محددة، أما البقية فستكون على الهامش.

واوضح أن العولمة عرفت بتعريفات متعددة وذلك بسبب الزوايا التي ينظر منها الباحثون والمعرّفون، فكل معرّف لها يتحدث من زاوية معينة وإن كانت هناك عوامل مشتركة في هذا الموضوع تؤثر فيه باجتماعها من تجاوز الخبرات، وأن نظام العولمة قائم على عدم الاكتراث بالأنظمة ونحو ذلك، مشدداً على إن العولمة تشكل تحدياً للإنسانية عامة ولحياتها على الأرض، ولا يستبعد أن يتعرض دعاة العولمة والمروجون لها كغيرهم لضررها.

وشبه الدكتور حميد ظهور العولمة بظهور الرأسمالية وقال إن بعض الكتاب رأوا أن العولمة عودة إلى بداية نشوء الرأسمالية أو حركة مضادة للرأسمالية وذكر في هذا الصدد أن بعض الدراسات التي تثبت أن 20 في المائة فقط من العالم من الأثرياء 80 في المائة من طبقة الفقراء. وأن بعض الدراسات تحدثت أن هناك صراعاً بين طبقتي الفقراء والأغنياء في القرن المقبل.

وتحدث عن العولمة واحتكار السوق وإطلاق عبارات عامة من قولهم أن دولة الرخاء تهدد المستقبل، وقولهم أن على كل فرد أن يتحمل التضحية حتى يكسب المعركة في حلبة المنافسة الدولية، وهكذا تم عرض لموضوع انهيار الاقتصاديات الفردية والوطنية وأن التجارة العالمية تنمو نمواً مطرداً بفضل الإنترنت والأقمار الصناعية، كما تحدث عن اتساع الفروق بين البشر وأنه مع نمو العولمة يزداد تركز الثروة ويزداد توسع الفروق الفردية بين البشر، وأن هذا سيؤدي إلى تكدس المال بأيدي مجموعة، أما الباقية فعلى الهامش.

وتناول العوامل التي أثرت في وجود العولمة; كعدم الاكتراث بمشكلات العالم الثالث والبحث عن تحقيق العدل في توزيع الثروات وتفاقم البطالة وما يرتبط بها من التخلص من العمالة بسبب الآليات الحديثة، لافتاً إلى أهمية التفريق بين العولمة والعالمية وقال إن هناك فرقاً شاسعاً بينهما وإن العولمة ترسم للناس منهجاً معيناً تفرضه عليهم وهذا خلاف منهج الإسلام، فلم يرد دليل على أن الإسلام رسم للبشرية طريقاً واحداً أو شرعة واحدة بالإكراه، بل احترم الديانات ودعا الناس بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ثم ساق الأدلة على ذلك كقوله تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» وقولـه: «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا».

وأكد أن العولمة يصدق عليها: جعل العالم دولة واحدة بحضارة واحدة بشريعة واحدة. ثم ساق بعد ذلك كلمات لعدد من المفكرين العرب وغيرهم مثل حسن حنفي وسيار الجميل ومحمد الجابري وغيرهم، الذين تحدثوا عن العولمة وأكدوا أنها تستهدف الأمم والشعوب والحكومات.

وأكد أن مهاجمة العولمة أو الاستسلام لها من أسهل الأمور التي يمكن أن نقوم بها لكن الشاق حقاً هو التحليل العميق لجوهر عمليات العولمة وجذورها وامتدادها والآثار المترتبة على ذلك وكيفية معالجتها.

واورد بعض نتائج وآثار العولمة كما حددها الذين تحدثوا عنها من الكتاب، ومنها:

ـ لقد قضى حوار الشمال والجنوب نحبه كما قضى نحبه حوار الشرق والغرب فأسلمت فكرة التطور الاقتصادي الروح فلم تعد هناك لغة مشتركة بل لم يعد هناك قاموس مشترك لتسمية المشكلات فالمصطلحات من قبيل الشمال والجنوب والعالم لم يبقَ لها معنى.

ـ من وجهة نظر منظري العولمة أن المجتمعات العاجزة عن إنتاج غذائها أو شرائه بعائد صادراتها الصناعية مثلاً لا تستحق البقاء، وهي عبء على البشرية أو الاقتصاد العالمي يمكن أن يعرقل نموها الذي يحكمه قانون البقاء للأصلح ولذلك يجب إسقاطها من الحساب ولا ضرورة بالتالي لوقوف حروبها الأهلية أو مساعدتها أو نجدتها.

ـ عاد الاستعمار الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي من جديد في صورة العولمة بالاقتصاد الحر واتفاقية الجات والمنافسة والربح والعالم قرية واحدة والتبعية السياسية وتجاوز الدول القومية ونشر القيم الاستهلاكية مع الجنس والعنف والجريمة.

ـ غدا العالم الذي خضع للعولمة بدون دولة وبدون أمة وبدون وطن لأنه حول هذا العالم إلى عالم المؤسسات والشبكات وعالم الفاعلين والمسيرين وعالم آخر هم المستهلكون للمعلبات والمأكولات والمشروبات والصور والمعلومات والحركات والسكنات التي تفرض عليهم.

ـ وخلص إلى القول إن آثار العولمة بأنها زيادة البطالة وتدهور مستوى المعيشة وانخفاض الأجور وتقلص الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدول، وابتعاد الحكومات عن التدخل في النشاط، وتفاقم التفاوت في توزيع الثروة بين المواطنين.

ـ ورأى حميد أن معارضة العولمة قد ظهرت منذ أمد، وأكد على مكمن الخطورة في العولمة وأنه ليس هناك فيها مستهدف غير الإسلام، وليس هناك من سيتأثر أكثر من المسلمين.

وحول سؤال عن إيجابيات العولمة أكد حميد أنه لم يجد أي إيجابية للعولمة ولم يجد من تكلم عن إيجابيات للعولمة فهو نظام مهيمن وإيجابياته تكون محدودة ونسبية، بل الكل يتخوف منها وأنها استغلال للتقنيات حتى الدول الأوروبية