فهد السنيدي: لا بد من التوبة وقضاء الديون ورد الأمانات إلى أهلها قبل الحج

TT

من اللازم أن يعرف الحاج أحكام الحج قبل الدخول فيه وأن يختار لحجه الكسب الحلال وأن يصحب رفقة صالحة. هكذا بدأ الدكتور فهد بن عبد الكريم السنيدي رئيس قسم الفقه في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض. وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن من الأهمية بمكان الاستعداد لهذه الشعيرة وعمل كل ما من شأنه الإسهام في تمامها وكمالها مشيرا الى ان الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام فرضه الله على كل مسلم ومسلمة مكلفين مستطيعين في العمر مرة واحدة، وما زاد عليها فهو تطوع. وعلى كل مسلم ومسلمة أراد الحج الاستعداد لـه، والتزام آدابه، ومعرفة أحكامه، حتى يؤدي حجه على وجهه الشرعي الصحيح، ليكون حجه مبروراً، وسعيه مشكوراً وعمله متقبلاً، وعن وجوه الاستعداد للحج قال الدكتور السنيدي: تتلخص وجوه الاستعداد للحج فيما يأتي:

1 ـ المشاورة: يحسن أن يستشير من يثق بدينه وعلمه وخبرته في كل ما يلزم لحجته من رفقة ومركوب ووقت ونحو ذلك. وعلى من شاوره واجب النصيحة لـه، لأن الدين النصيحة والمستشار مؤتمن. 2 ـ الاستخارة بعد المشورة والعزم، فيصلي ركعتين، ويدعو بدعاء الاستخارة، ويكن مستخيراً في كل ما يهمه في حجه مما يرد فيه خيار بين أكثر من أمر. 3 ـ التوبة النصوح من جميع المعاصي والآثام، والعزم على عدم العودة إليها قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ.... ) التحريم: 8. 4 ـ ردّ الأمانات إلى أهلها كالودائع، امتثالاً لأمر الله تعالى بذلك واقتداء بفعل الرسول عند هجرته إلى المدينة المنورة. 5 ـ قضاء الديون ورد المظالم إلى أهلها; لأن مطل الغني ظلم، والمديون العاجز عن السداد غير مستطيع للحج. 6 ـ توفير نفقة من تلزمه نفقتهم قبل سفره كأولاده، طيلة مدة حجه; لئلا يضيعوا، ويحتاجوا إلى مدّ أيديهم لغير وليهم، ولأن الرسول قال: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت» رواه أبو داود وأحمد. 7 ـ أن يوفر نفقة حلالاً لحجه، تكفيه حتى يعود، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ...) البقرة، 267، وفي الحديث «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً» رواه مسلم. 8 ـ الحذر من الكسب الحرام، أو ما فيه شبهة حرام، جاء في خبر رواه ابن عمر «إذا حج رجل بمال من غير حِلةِّ، فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله تعالى: لا لبيك، ولا سعديك، وهذا مردود عليك» أخرجه ابن عدي وغيره. وقال الشاعر:

* إذا حججت بمال أصله سُحْت

* فما حججت ولكن حجت العير

* ما يقبل الله إلاّ كل صالحة

* ما كل من حج بيت الله مبرور 9- تعلّم أحكام الحج وكيفيته; ليؤدي المسلم حجة تاماً غير منقوص، وحتى يسلم من الوقوع في شيء من محظورات الإحرام. 10 ـ الوصية: توصي أهلك بتقوى الله، وتكتب مالك وما عليك، وتوصي بما لا يزيد عن ثلث مالك استحباباً إن كان لك مال لحثّ الشارع على ذلك. وقال الدكتور السنيدي عن الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الحاج في سفره، وذكر أنها كثيرة; ولعل من أهمها:

1 ـ توفير مركوب قوي مريح، سواء كان سيارة أو طائرة أو سفينة، لأن الرسول حج راكباً. 2 ـ اختيار الرفقة الصالحة، التي تهديه إلى الخير، وتعينه عليه ومتى ما وجد عالماً يصحبه كان أولى به رفقته; لأنه سيوجهه ويرشده، ويسأله عن كل ما أشكل عليه، أو نابه. 3 ـ توديع الأهل والأقارب والجيران، والدعاء من كل منهم للآخر، ومن الدعاء المأثور عند السفر: «استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك». 4 ـ التحلي بحسن الخلق والصبر والتحمل، والحرص على رضى الرفقة وخدمتهم فذلك تأليف للقلوب وتحصيل للمودة، وكسب للأجر. 5 ـ جعل الرفقة أحدهم أميراً عليهم، يرعى شؤونهم، ويأتمرون بأمره ويرجعون إليه في كل ما يهمهم في سفرهم، حتى تبقى كلمتهم واحدة، ورأيهم واحداً فيما فيه مصلحتهم، وليكن أفضلهم وأجودهم رأياً، لحديث «إذا كانوا ثلاثة، فليؤمروا أحدهم» رواه أبو داود. 6 ـ إخلاص النيات في قصد أداء العبادة لله وحده، والتفرغ للعبادة قدر الإمكان، قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) البينة: 5. 7 ـ الحرص على شغل وقت السفر بالذكر والدعاء والاستغفار والتسبيح والتكبير وتلاوة القرآن الكريم، فهذا من التزود بالتقوى الذي أمرنا به. 8 ـ تجنب الرفث والفسوق والجدال وقول الزور، والحذر من شغل الوقت باللهو والآثام وبذيء القول.