أول حافظة للقرآن في موستار البوسنية منذ 100 عام تروي رحلتها مع الكتاب الكريم

TT

بمناسبة حصول الطالبة سنا درليفيتش على شهادة حفظ القرآن مع مراعاة آداب التلاوة والتجويد اقامت المشيخة الاسلامية بمدينة موستار البوسنية احتفالا حضره المقرئ الشيخ عصمت سباهيتش، ونائب رئيس العلماء بالبوسنة والهرسك الدكتور مصطفى تسيريتش، ومفتي موستار الشيخ سعيد سمايكيتش، وعدد من الاساتذة والمربين وطلبة العلم الشرعي والاهالي بموستار. وتعد الطالبة سنا درليفيتش 11 عاما اول فتاة في اقليم موستار تحفظ القرآن عن ظهر قلب منذ 100 عام. وقد تم الاحتفال بهذه المناسبة في مسجد السلطان سليمان القانوني الذي بني في عام 1520. وقد اثنى الشيخ عصمت سباهيتش على الطالبة وعلى مستوى حفظها، ودقة تلاوتها، واتقانها مخارج الحروف، ثم قام بتسليم شهادة حفظ القرآن للطالبة سنا درليفيتش بمعية والدها محمد وامها لطيفة واخواتها الثلاث اللواتي حرصن على حضور حفل تكريم اختهن سنا، وقد اعربت الاخوات الثلاث عن نيتهن السير على درب سنا واكمال حفظ القرآن الكريم، ومواصلة العمل الدعوي في محيط زميلاتهن في الدراسة.

وقد تحولت «الشرق الأوسط» الى موستار (120 كيلومترا جنوب العاصمة سراييفو)، حيث التقت بالحافظة سنا درليفيتش التي قالت: «حبي للقرآن الكريم، ورغبتي بطاعة الله سبحانه دفعتني لان اكمل حفظ القرآن واواصل الحفظ واعادة الحفظ الى ان من الله عليّ بحفظ القرآن الكريم كاملا، ولا اجد اي مشقة الآن في مراجعة اي جزء منه، ولا يغيب عني اي وقف او حركة عند تلاوتي للقرآن من اي جزء او اي آية يطلب مني ان ابدأ القراءة منها». واعربت عن رغبتها بمواصلة مراجعة القرآن الكريم حتى تبقى على المستوى من الحفظ نفسه، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في ما معناه ان «القرآن اشد تفلتا من الابل في عقلها». وعن بداية رحلتها مع القرآن الكريم قالت: «رحلتي مع القرآن بدأت في البيت فأمي وابي ملتزمان بالصلاة وتلاوة القرآن وكان لذلك دور كبير في توجهي، حيث احببت سماع تلاوة القرآن منذ نعومة اظافري، وكنت وانا صغيرة لم ابلغ سن المدرسة، اردد ما كانت امي او ابي يقرأناه في الصلاة او اثناء تلاوته لورده اليومي من القرآن، وقد لاحظ ابي ذلك فأخذني الى احد الكتاب وكلما عدت الى البيت يطلب مني ان اكرر ما حفظته في الكتاب وكان يسر بمستوى حفظي لكتاب الله تعالى». وتابعت «عندما كنت بالمدرسة كان كل همي هو الالتحاق بالمعهد الديني الذي نطلق عليه الاسم العربي (المدرسة) وبفضل الله استطعت الالتحاق بالمدرسة، التي ساعدتني على مواصلة الحفظ ومن ثم التحقت بالكلية الاسلامية، حيث ادرس الآن». وعن رغباتها واحلامها بالحياة قالت: «همي الوحيد ان لا تضيع مني السعادة التي اعيشها مع القرآن الكريم، فكلما اقرأ القرآن اشعر بسعادة لا استطيع التعبير عنها، اشعر بعظمة الله، وحبه لعباده، اشعر بأني في عالم آخر كله سكينة ورحمة لا تسوده سوى الملائكة». وعما اذا كانت شعرت بمشقة اثناء الحفظ قالت سنا «أبدا لم اشعر باي مشقة او عناء كانت رغبتي بالحفظ والامل الكبير الذي كان يسكنني لتحقيق ذلك الهدف يخففان عليّ كثيرا، بل يدفعانني بكل حب الى مواصلة الحفظ والتمتع بذلك واشكر الله العلي الكبير الذي حقق حلمي وجعلني من حفظة كتابه الكريم». وعما اذا كانت لها ميول فكرية قالت «الانسان مفكر بطبعه، بل ان بعض الفلاسفة، مثل ديكارت جعل الفكر الدليل الوحيد على وجود الانسان، وذلك لما يتميز به الانسان عن عوالم الموجودات الأخرى، رغم اختلافي مع ديكارت في كثير من شطحاته العقائدية». وتابعت «قارئ القرآن والمواظب على تلاوته يملك ادوات التحليل الصحيحة، فالقرآن الكريم الى جانب كونه كتاب هداية وتعليم، يعطي الانسان مفاتيح تحليل الحوادث بالطريقة الصحيحة سواء كانت سياسية او اجتماعية او غيرها. فالقرآن لا يقدم الينا حلولا لمشاكلنا فحسب، بل يعطينا الطرق الصحيحة للتفكير، كيف نفكر وكيف نعيش، وكيف نقرأ التاريخ والاحداث، وللأسف فإن هذه المفاتيح لا يدركها كثير ممن يطلعون على القرآن الكريم، ما عدا المفكرين الاصليين، الذين يقرأون ليتعلموا، لكن من يقرأ القرآن بخلفية تشكيكية او للبحث عن اشياء تدينه لا يحصلون على ما يمكن ان يقدمه لهم القرآن من تنوير فكري». وعن قراءتها خارج نطاق علوم القرآن الكريم قالت «لا يوجد شيء خارج القرآن الكريم، بما فيها كتب الفلسفة والاجتماع والسياسة وغيرها، فالقرآن له علاقة مع ذلك كله، بل هو الذي يحدد لنا علاقتنا معها ونحن عندما نقرأ الكتب الأخرى نجد للقرآن موقفا منها، سواء بالامر او النهي او الاباحة، وفوق ذلك نفهم من القرآن هل هي صحيحة او خاطئة ولنفهم اكثر، فعلم نقل الاعضاء طبي بحت في نظر الكثير، لكني كمسلمة اجد نفسي ملزمة بالنظر في مقاصد القرآن الكريم والسنة لاشكل رأيي حول هذا الموضوع (الطبي الصرف) وعلى المنوال نفسه تقاس بقية الامور السياسية والاقتصادية وحتى الاعلامية، فليس هناك قضية من قضايا العالم في اي مجال من مجالات الحياة ليس للقرآن علاقة بها». واستدركت قائلة «العلماء وحدهم من يقرر ذلك وليس كل قارئ للقرآن بما في ذلك حفظة القرآن الكريم ما لم يكونوا علماء في مجالات الاجتهاد والاستنباط وشروطه المعروفة لدى العلماء وطلبة العلم، واطلاعهم على البحوث العلمية في الاختصاصات الأخرى». وعن بعض امنياتها في الحياة قالت «الحج الى بيت الله الحرام، والمساهمة في نشر الوعي بالبوسنة العزيزة، ومساعدة شبابها وبناتها على السير في طريق الله».