ظاهرة «حجاج الجبال» .. أصحابها يهربون من «نار» أسعار المخيمات

TT

يلجأ عدد كبير من الحجاج في ظاهرة لافتة للنظر لنصب خيامهم فوق سفوح جبال منى، وخاصة تلك التي تقع عند تقاطع جسر الملك خالد مع طريق الملك فهد قرب الجمرات. ويلاحظ أن الحجاج يستخدمون الاشرعة والاغطية لنصب الخيام التي تقيهم اشعة الشمس نهارا، أما في المساء فانهم يغادرون هذه الخيام. ولوحظ أن النسبة الكبرى من هؤلاء الحجاج هم من المقيمين من جنسيات آسيوية، وهناك عدد أيضا من السعوديين.

ويؤكد عدد من هؤلاء الحجاج الذين التقتهم «الشرق الاوسط» أن السبب الرئيسي لاتجاههم إلى الجبال هو الهرب من اسعار المخيمات التي توفرها مؤسسات الحج والطوافة. مشيرين إلى أن معظم مؤسسات الحج الداخلية تقدم أسعارا لا تناسب قدراتهم.

ويقول لـ «الشرق الاوسط» اقبال محمد، وهو باكستاني الجنسية، أنه يعمل بائعا في احدى المحلات التجارية في مكة المكرمة، وحصل على تصريح رسمي بالحج من قبل إدارة الجوازات، لكنه لم يستطع الانضمام إلى إحدى حملات الحج الرسمية لانها مرتفعة السعر فهي تتراوح بين 1500 إلى 3000 ريال. مضيفا أنه وقبل يوم عرفات تصادف وان التقى بعض اصدقائه وعلم أنهم سيؤدون فريضة الحج.

وهكذا اجتمع اقبال ورفاقه وقرروا ان يحجوا بطريقتهم الخاصة، فالوقوف في عرفات لايحتاج إلى خيمة ويمكن قضاء النهار فوق جبل الرحمة، أما المواصلات فأمرها بسيط فهناك العديد من الحافلات التي تنقل الحجاج من عرفات إلى مزدلفة ومن ثم إلى منى مقابل اجر زهيد لا يتجاوز 50 ريالا. وبالنسبة للبقاء في منى، فإن القرار هو نصب شبه (شبه خيمة) من الاغطية تقيهم حر الشمس صباحا ويمكنهم النوم داخلها او بالقرب منها مساء.

وصادفت «الشرق الاوسط» أيضا بعض الحجاج السعوديين الذين نصبوا الخيمة، فسألتهم عن سبب ذلك، فاجاب سالم باجابر، بقوله: إننا نهرب من ارتفاع اسعار المخيمات إلى الجبال. مضيفا أنه يذهب هو واصدقاؤه في وقت متأخر من المساء وبعد زوال الشمس، إلى منازلهم في حي العزيزية القريب من منى بعد ان يقضوا معظم الليل في منى حسب السنة، ثم يعودون مرة أخرى في منتصف النهار وقبل الزوال لرمي الجمرات، وهذا لا يخالف السنة أيضا.

وحول عدم خوفهم من السقوط من أعلى الجبال، أجاب: سفوح الجبال تم تسويتها منذ أعوام ولا خوف أيضا من سقوط الصخور علينا، فكما ترى أن الصخور مثبتة بـ «الخرسانة». ويضيف (مبتسما): الجو لطيف وبديع في سفوح الجبال. وسألت «الشرق الاوسط» باجابر حول تعرضه لمنع من قبل السلطات الامنية للجلوس و«التخييم» في الجبال، فقال: لم يمنعنا أحد حتى الان، واتمنى أن لا يمنعونا.

ومع اختلاف روايات «حجاج الجبال»، إلا أنه تنبغي الاشارة إلى أن السبب الرئيسي لنشوء هذه الظاهرة، هو أن سفوح الجبال الداخلة ضمن حدود مشعر منى الشرعية، تمت تسويتها في مشروع ضخم نفذته وزارة الاشغال العامة والاسكان منذ نحو ستة اعوام، بحيث زادت الرقعة المستوية بحوالي سبعمائة ألف متر مسطح، وشمل المشروع ايضا تنظيف الجبال من الصخور المفككة وتثبيتها بالرشة الخرسانية. ومن المشاريع التي نفذتها وزارة الاشغال العامة والاسكان أيضا في منى، تثبيت الصخور بجبال منى في أكثر من 13 موقعاً في مناطق مختلفة من مشعر منى، ويبلغ الطول الإجمالي لمواقع المشروع المختلفة 13 كيلومترا وتتراوح إرتفاعات المواقع بين 30 متراً و 115 متراً، ويشمل المشروع تنظيف المواقع من التربة والحصى والجلاميد الصخرية غير الثابتة، كذلك تهذيب المنحدرات والمصاطب وإزالة كافة الصخور العالقة وبقايا الصخور الناجمة عن أعمال القطوعات الصخرية الآيلة للسقوط، وإنشاء مناطق قطوعات صخرية، وإنشاء مصاطب تخفف من الانحدار الشديد لسفوح الجبال وتمنع تساقط الحجارة والصخور وإتاحة مساحات من الأرض لأعمال التخييم ، كذلك إقامة جدران إستنادية في المناطق المفككة لحماية الطرق من الانهيارات والإنزلاقات الجبلية ومنع الأتربة والحجارة والصخور من الوصول إلى الشوارع. كما نفذت الوزارة السعودية مشروعا آخر وهو إنشاء شبك مصنوع من الحديد المجلفن المغطى بطبقة من (P. V. C.) على المصاطب بجبال منى في ثمانية مواقع داخل منطقة مشعر منى بطول يتجاوز اربعة الاف متر مع إنشاء بوابة للسور لدخول عمال الصيانة لمنع الحجاج من الوصول إلى هذه المصاطب ونصب خيامهم وأمتعتهم عليها، لما لهذه المصاطب من خطورة على أرواحهم وعلى الحجاج أسفل هذه الجبال. وذلك من جراء تساقط بعض الحجارة والصخور نتيجة الصعود والهبوط من وإلى هذه المصاطب.