علماء وباحثون من 85 دولة يطالبون بإطلاق فضائية إسلامية للرد بأسلوب علمي على الشبهات المثارة ضد الإسلام

في ختام مؤتمرهم الدولي العشرين بالقاهرة

TT

طالب علماء وباحثون من 85 دولة إسلامية شاركوا في المؤتمر الدولي العام العشرين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة في ختام أعماله الشهر الماضي، طالبوا منظمة المؤتمر الإسلامي بالمسارعة في إنشاء قناة فضائية بعدة لغات للتعريف بالإسلام الصحيح وشرح حقائقه وتصحيح المفاهيم المغلوطة، والقضاء علي البلبلة التي تثيرها فوضى الإفتاء في الفضائيات. كما ندد البيان الختامي للمؤتمر بالإساءة التي تحدث في بعض وسائل الإعلام إلى الأديان والمقدسات والرموز الدينية بدعوى حرية التعبير، مشددا على «ضرورة سعي المنظمات الإسلامية وعلى رأسها منظمة المؤتمر الإسلامي لاستصدار قرار من الأمم المتحدة بضرورة احترام الأديان وتجريم الإساءة إليها. كما طالب البيان بضرورة التصدي لكافة مظاهر التطرف والعنف والتعصب والإرهاب التي أساءت للإسلام وشوهت صورته وأعاقت تطوير وتقدم المجتمعات الإسلامية، فضلا عن الدعوة الملحة لنشر قيم التسامح والتراحم بين المسلمين. وناشد البيان الشعب اللبناني بكافة طوائفه استكمال بناء مؤسساته الدستورية من دون تدخل خارجي والحفاظ على وحدة أراضيه. كما طالب البيان المجتمع الدولي بالأخذ بيد الشعب العراقي في إنهاء الاحتلال ونبذ الفرقة والاقتتال بين الطوائف العراقية. وطالب البيان المجتمع الدولي بتحمل مسؤليته تجاه ما تقوم به إسرائيل من أعمال هدم وتغيير في المسجد الأقصى، فضلا عما تمارسه إسرائيل من أعمال وحشية تجاه الشعب الفلسطيني والحصار الدائم الذي تفرضه بدون وجه حق على الفلسطينيين. ودعا البيان إلى تطوير النظم التعليمية في الدول الإسلامية لإيجاد نظام تعليم متقدم يحقق أهداف الأمن بكل أنواعه في هذه الأمة ويصلها بالتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يسود العالم الآن، ويعمل على تمكين العقل من أداء دوره الفاعل في التغيير والتطوير للمجتمعات الاسلامي بشرط أن تكون هذه المناهج نابعة من ذات الأمة وما يقتضيه سياق التطور للبرامج والأنظمة التعليمية وليس استجابة لإملاءات خارجية.

شارك في المؤتمر الذي عقد تحت شعار «مقومات الأمن المجتمعي في الإسلام» وبرعاية الرئيس المصري حسني مبارك، عدد كبير من وزراء العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية والمفتين وحوالي 400 شخصية يمثلون وفودا من 85 دولة و8 منظمات دولية.

وشهد المؤتمر على مدار أيامه الأربعة أكثر من 90 بحثا شارك فيها نخبة متميزة من العلماء والمفكرين والمثقفين والمستشرقين من العالم الإسلامي وأوروبا، كما حفلت جلساته العلمية بالكثير من المداخلات ووجهات النظر المتباينة حول كيفية إعداد الرد المناسب على الإساءات الموجهة للإسلام في بعض وسائل الإعلام الغربية، وإعادة بناء جسور الثقة بين الإسلام والغرب. ومن ضمن الأبحاث المهمة التي ناقشها المؤتمر، بحث بعنوان «منهج الإسلام في تحقيق الأمن.. الرؤية والأبعاد» للدكتور إبراهيم أبو محمد رئيس المؤسسة الاسترالية للثقافة الإسلامية، اثبت من خلاله أن منهج الإسلام في تحقيق الأمن حقق أعلى درجات الردع المطلوب، ومن ثم أعلى مستوى من الأمن عن طريق الحدود التي فرضها كعقوبات لأمهات الجرائم، وأنه قد اقتلع جذور الجريمة بحسم الدوافع والبواعث ومنع الأسباب التي تؤدي إليها، مشيرا إلى أن غياب تطبيق تلك الحدود في حياة المسلمين نتجت عنه زيادة مطردة في نمو الجرائم وعدد المجرمين، ولم تُجد ترسانة القوانين بما فيها قوانين الطوارئ، الأمر الذي ترتب عليه ترويع الآمنين في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ومن ثم تصبح العودة إلى منهج الإسلام ضرورة لحماية أمن الفرد والمجتمع. وفي السياق نفسه جاء بحث «دور المؤسسات في تحقيق الامن المجتمعي» للمهندس محمد يوسف هاجر، الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأميركا اللاتينية والكاريبي، خلص فيه إلى أن منهج الإسلام في تحقيق الأمن المجتمعي تفوق على كافة المناهج الأخرى، ذلك لأنه يقوم علي احترام كرامة الإنسان والتعددية والاعتراف بحق الآخر وعدم الإكراه في ممارسة حرية الفكر والعقائد، مؤكدا أن القواعد التي وضعها الإسلام لتحقيق التعايش السلمي هي التي حفظت للمجتمعات الإسلامية قوتها وتماسكها. وفي بحثه «المقومات الإيمانية للأمن المجتمعي في الإسلام» حدد الدكتور عصام احمد البشير، الأمين العام للمركز العالمي لدراسات الوسطية بالكويت، عشرة أسس يقوم عليها الأمن الفكري في الإسلام، منها: فهم الدين من خلال نصوصه الجزئية ومقاصده الكلية، الاعتبار بمصادر الاستدلال المعتبرة عند أهل العلم (والتي توفر عليها أئمتنا العظام) في فهم كليات الشرع بشمولها وتكاملها وتوازنها من دون أن يعني هذا الوقوف عند أعيان المسائل الجزئية، بل القاعدة في هذا هي الارتباط بالأصل والاتصال بالعصر، الأخذ بما في تراثنا بدون تبخيس أو تقديس.. ففي تراثنا جوانب غاية في الاستنارة والقدرة على التنوير أيضاً، كما أن فيه ـ مثل كل نتاج بشري ـ جوانب نقص وخصوصية لا تناسب زماننا، فهم الواقع بأبعاده ومعطياته، مع التفريق بين مقتضيات العصر وأهواء العصر بحيث لا نعيش غرباء في زماننا، ولا نقع في «فخ الواقعية» الجامدة الذي يشدنا إلى الراهن بدون أفقٍ للتغيير والإصلاح، مراعاة المرحلية والتدرج وسنن التدافع الحضاري، التفريق بين فقه تدين الفرد والجماعة، والدولة والأمة. ومن الأبحاث المهمة أيضا التي شهدها المؤتمر، بحث بعنوان «التعددية الدينية والمذهبية والقومية» للشيخ الأمين عثمان، مفتي اريتريا والذي أكد من خلاله أهمية مواصلة الحوار بين رجال الأديان في العالم، وتقوية جوانب الضعف، وإزالة الجوانب السلبية، وتنسيق المساعي بينهم في المنظمات الدولية، والدول المختلفة لحماية مقدسات ومحرمات كل الأديان من الانتهاك، مع صدور قانون يجرم هذه الانتهاكات. كما أكد أهمية تنظيم شؤون الفتوى، وتوحيدها، وصيانة الفتوى من أن يتصدى لها غير الأكفاء، خاصة في الفضائيات والإعلام وغيرها من وسائل الاتصالات، حماية للفرد والمجتمع من الأخطاء. وشدد كذلك على أهمية الدعوة لإحياء نشاط التقريب بين المذاهب، خاصة بين أهل السنة والشيعة.