المؤتمر العالمي في مدريد: مرتكزات المحاور الأربعة تشدد على الحوار وتواصل الحضارات والتعايش السلمي

د. التركي: منطلقات الحوار ستكون من الأسس التي توصل إليها العلماء في «نداء مكة المكرمة» > أميركا تشارك بأكبر وفد تليها بريطانيا فالسعودية

انتظار وترقب دولي لنتائج المؤتمر العالمي للحوار الذي سيعقد في مدريد منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

حصلت «الشرق الأوسط» على بيان يكشف مواضيع المحاور الأربعة المخصصة للنقاش خلال فعاليات المؤتمر العالمي للأديان المرتقب منتصف يوليو (تموز) الجاري الذي ينطلق بالعاصمة الإسبانية مدريد، بالإضافة إلى أسماء 199 شخصية دينية وسياسية وإعلامية واعتبارية وجهت لها دعوات للمشاركة في المؤتمر الذي يعقد برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، من قبل رابطة العالم الإسلامي.

ويعد وفد الولايات المتحدة الأميركية المشارك في المؤتمر، الأضخم من حيث العدد، بواقع 38 شخصية، يليه الوفد البريطاني بـ23 شخص، ثم الوفدان السعودي والمصري بواقع 16 شخصية للأول، و13 شخصية للثاني. بينما يشارك شخص واحد عن إثيوبيا وأوزبكستان وبولندا وأرمينيا وبولندا.

وقال الدكتور عبد الله التركي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، في بيان صحافي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن الرابطة ستنطلق في الحوار من الأسس التي توصل إليها علماء الأمة في نداء مكة المكرمة، بحيث يقول «اتضح من خلالها مفهوم الحوار وضوابطه ووسائله، مما يربط الحوار بمشروعية إسلامية مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي سجلت السيرة النبوية حواره مع غير المسلمين».

وأكد الأمين العام للرابطة أن المؤتمر العالمي للحوار سيركز على القضايا المتعلقة بالمشترك الإنساني، وبرامج التعاون بشأن إنقاذ المجتمعات الإنسانية من الفتن والحروب والظلم، ومن موجات الفساد والتحلل وتفكك الأسرة، مضيفاً «وكذلك معالجة الأخطار التي تهدد البيئة، ومواجهة ما تتعرض له الأرض من فساد وإفساد».

وبين الدكتور التركي أن الرابطة ستعمل على بيان موقف الإسلام والمسلمين، وموقف المملكة العربية السعودية من آفة الإرهاب، وأنه لا يجوز ربطها بدين أو بلد معين أو شعب أو ثقافة معينة، فهي آفة عالمية، وقال «إن الرابطة ستعمل على تعريف الآخرين بالسبل الإسلامية لمواجهة هذه الآفة، مثنياً في الوقت نفسه على الجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية وقادتها في مكافحة الإرهاب».

وأفاد بأن منتديات الحوار والشخصيات العالمية المهتمة به رحبت بالمؤتمر العالمي للحوار، وكذلك إشادتهم بدعوة خادم الحرمين الشريفين أمم العالم للحوار والتفاهم من أجل حل المشكلات التي تواجه البشرية. موضحا أن اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالحوار والتعاون في إصلاح المجتمعات الإنسانية «شدّ أنظار العالم وشعوبه ومؤسساته إلى أهمية الحوار وضرورته».

وأشار التركي إلى أن «وثيقة المدينة» تعتبر الأنموذج الأكمل في التحاور والتعايش الإيجابي والتعاون في ما يحقق مصالح الجميع، في إشارة إلى الوثيقة التي تناولت طرق ووسائل النبي محمد صلى الله عليه وسلم في طريقة حواره مع غير المسلمين.

وقال الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الامين العام لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: «إن ما تم في المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، الذي عقد في رحاب البيت العتيق بمكة المكرمة في الفترة من 4 – 6 يونيو (حزيران) 2008، كان بمثابة الركيزة الأولى والمنطلق الإسلامي للحوار مع الآخرين من أتباع الرسالات الإلهية والمعتقدات والثقافات الإنسانية. وإنه تجاوبا مع دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار، وما أحدثه المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي عقد في مكة المكرمة، من أثر إعلامي عالمي طيب، جاءت الدعوة إلى عقد مؤتمر عالمي للحوار على وجه السرعة، ولكن بعد إعداد جيد ومرتب، يجمع بين المسلمين وغير المسلمين، برعاية خادم الحرمين الشريفين، الذي وجه بعقده والاهتمام به، حتى نحقق الأهداف المرجوة من انعقاد هذا المؤتمر العالمي للحوار. لذلك عكفت الامانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة لدراسة إمكانية عقد مؤتمر عالمي للحوار في إحدى العواصم الأوروبية، وشكلت لجنة عليا برئاستي لمتابعة هذا الأمر. وبالفعل أعدت كل الترتيبات اللازمة لعقده في اسبانيا وإنجاحه بإذن الله تعالى».

وأضاف الدكتور التركي: «إنه تم اختيار إسبانيا لعقد هذا المؤتمر، لما لها من إرث تاريخي إنساني لمختلف أتباع الرسالات الإلهية، وإسهامها الفاعل في الحضارة الإنسانية. ولا ننسى أن أرضها شهدت تعايشا إنسانيا راقيا بين المسلمين والمسيحيين واليهود. وأنتجت تراثا فكريا إنسانيا عظيما اسهم في تطور الحضارة الإنسانية، فلذلك كلنا أمل في أن يحقق هذا المؤتمر أهدافه المرجوة على أرض إسبانيا».

وأوضح الامين العام لرابطة العالم الإسلامي أن الحوار الذي سيعنى به هذا المؤتمر لن يكون حوارا عقديا، يركز في قضايا العقيدة، ولن يكون في الوقت نفسه حوارا سياسيا، يعالج قضايا السياسة وإشكالياتها، بل هو حوار يركز على المشترك الإنساني، الذي ركز عليه مؤتمر مكة المكرمة، فهو حوار يهدف إلى وضع أسس للتعاون ضمن المشترك الإنساني لأتباع الرسالات الإلهية والمعتقدات والثقافات الإنسانية لمعالجة المشكلات الإنسانية من أجل تحقيق الامن والسلم والتعايش الإنساني.

وأعرب الدكتور التركي عن شكر رابطة العالم الإسلامي وعظيم تقديرها للعاهل الإسباني الملك خوان كارلوس والمسؤولين الاسبان لتجاوبهم مع دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لعقد هذا المؤتمر في بلادهم ذات الإرث التاريخي الإنساني المتميز. كما أعرب الامين العام لرابطة العالم الإسلامي عن شكره وتقديره للامير سعود بن نايف بن عبد العزيز سفير المملكة العربية السعودية لدى اسبانيا لاهتمامه ودعمه لانعقاد هذا المؤتمر في العاصمة الاسبانية مدريد. يشار إلى أن حوار الأديان العالمي الذي سيجرى في العاصمة الإسبانية مدريد خلال الفترة 16 إلى 18 يوليو (تموز) الجاري، يأتي استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بعقد مؤتمر دولي يجمع أتباع كافة الأديان السماوية والوضعية للتباحث في مستقبل البشرية، خاصة بعد تردي العلاقات بين الشعوب في السنوات الأخيرة وبالتحديد منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في العام 2001. وقسمت اللجنة المنظمة لحوار الأديان مواضيع النقاش إلى أربعة محاور، بحيث يتناول المشاركون في المحور الأول «الحوار وأصوله الدينية والحضارية» أربعة عناوين عريضة، وهي الحوار في الإسلام، والحوار في المسيحية، والحوار في اليهودية، والحوار في المعتقدات الشرقية (الهندوسية، والبوذية، والشنتوية، والكونفوشوسية).

بينما يتناول المشاركون في المحور الثاني «الحوار وأهميته في المجتمع الإنساني» قضايا الحوار وتواصل الحضارات والثقافات، والحوار وأثره في التعايش السلمي، والحوار وأثره في العلاقات الدولية، والحوار في مواجهة دعوات الصراع ونهاية التاريخ.

وفي المحور الثالث تحت عنوان «المشترك الإنساني في مجالات الحوار» يبحثون مواضيع الواقع الأخلاقي في المجتمع الإنساني المعاصر، وأهمية الدين والقيم في مكافحة الجرائم والمخدرات والفساد، والدين والأسرة وعلاقتهما في استقرار المجتمع، وحماية البيئة واجب إنساني مشترك.

وفي المحور الرابع والأخير «تقويم الحوار وتطويره»، والذي يعتبر من أهم محاور المؤتمر الأول من نوعه، يتناول المشاركون قضايا الحوار الإسلامي المسيحي واليهودي ومستقبله وآفاقه، والحوار مع المعتقدات الشرقية ومستقبله وآفاقه، وجهود الدول والمنظمات العالمية في تعزيز الحوار ومواجهة معوقاته، والإعلام وأثره في إشاعة ثقافة الحوار والتعايش.