رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية: المسلمون لم يستغلوا مناخ الحرية في الغرب لتقديم الإسلام

د. إبراهيم أبو محمد لـ «الشرق الأوسط»: «الإسلاموفوبيا» تعيد علاقة الإسلام بالغرب إلى مرحلة الحروب الصليبية

رجل يصلي في أحد أكبر مساجد سيدني بأستراليا حيث يقطن حوالي 300 ألف مسلم في عموم البلاد (أ.ب)
TT

أكد الدكتور إبراهيم أبو محمد، رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية، أن انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام) في الغرب يرجع إلى التفسير الخاطئ لتاريخ العلاقة بين الإسلام والغرب، والتركيز على الجوانب السلبية في هذه العلاقة، خاصة فترة الحروب الصليبية.

وأشار أبو محمد في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط» على هامش زيارته الأخيرة للقاهرة إلى أن استخدام وسائل الإعلام الغربية لمصطلح الإسلاموفوبيا يرتبط عادة بظواهر سلبية مثل وقوع أحداث إرهابية من جانب بعض المتطرفين الذين ينسبون أنفسهم للإسلام ضد أهداف غربية، مما ينمي الشعور لدى الغربيين بوجود توجهات معادية في الثقافة الإسلامية تجاه حضارتهم. مضيفا أن استخدام مصطلح الإسلاموفوبيا ارتبط بردود أفعال العالم الإسلامي تجاه بعض الإساءات التي تعرض لها الإسلام من قبل شخصيات ومؤسسات غربية، إلا أن المسلمين لم يستغلوا مناخ الحرية المتوافر في الغرب للتعريف بالإسلام الحضاري وجوانب الرحمة فيه، والرقي وتقديره للآخر.

وتطرق الدكتور إبراهيم أبو محمد إلى بعض القضايا المثارة على الساحة العربية والإسلامية، وفي ما يلي تفاصيل الحديث:

> ألقت ظاهرة الإسلاموفوبيا التي انتشرت في الغرب بظلالها على كثير من جوانب العلاقة بين المسلمين والغرب، وامتدت آثارها السلبية إلى الوجود الإسلامي في الغرب. بصفتك احد أبناء الأمة العربية والإسلامية الموجودين في الغرب، كيف ترى أسباب هذه الظاهرة وتأثيرها حاضرا ومستقبلا على طبيعة العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب، وكيف يمكن التغلب عليها؟

ـ ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب ترجع بشكل أساسي إلى التفسير الخاطئ الذي قدمه نفر من المستشرقين غير المنصفين لتاريخ العلاقة بين الإسلام والغرب، وذلك بالتركيز على الجوانب السلبية في هذه العلاقة وبخاصة فترة الحروب الصليبية، فضلا عن أن استخدام مصطلح الإسلاموفوبيا في وسائل الإعلام الغربية عادة ما يربطه بظواهر سلبية، مثل وقوع أحداث إرهابية من جانب بعض المتطرفين الذين ينسبون أنفسهم للإسلام بقصد تنمية الشعور لدى الغربيين بوجود توجهات معادية في العقيدة الإسلامية تجاه حضارتهم. أيضا نجد من بين الأسباب المهمة لانتشار ظاهرة الخوف من الإسلام أن تصوير ردود أفعال العالم الإسلامي تجاه بعض الإساءات التي تعرض لها الإسلام من قبل شخصيات ومؤسسات غربية على أنها إثبات وترجمة حقيقية لأفكار المسلمين الكارهين لحرية الرأي والفكر، وأن المسلمين يعلمون أبناءهم الكراهية للحضارة الغربية. وكما قلت فإن للمستشرقين غير المنصفين دورا كبيرا في تفشي هذه الظاهرة، خاصة أنهم يسعون إلى تقديم إسلام مشوه للإنسان الغربي، من خلال نظرة اختزالية للإسلام كدين وكثقافة. وتصور هذه النظرة الإسلام كمجموعة محدودة وجامدة من التعاليم والأوامر التي تحض على العنف والتخلف والرجعية وكراهية الآخر وانتهاك حقوق الإنسان. فضلا عن أن المسلمين لم يستغلوا مناخ الحرية المتوافر في الغرب للتعريف بالإسلام الحضاري وجوانب الرحمة والرقي فيه وتقديره للآخر. وللتغلب على هذه الظاهرة ـ الخوف من الإسلام ـ يجب على العالم الإسلامي أن يلعب دورا كبيرا في هذا الصدد، وذلك من خلال تبني بعض البرامج العلمية المنظمة لتوعية الإنسان الغربي بحقيقة الإسلام وكشف زيف الكتابات التي قدمها المستشرقون ضد الإسلام وحضارته، كما يجب على الحكومات العربية والإسلامية التعاون مع الأقليات المسلمة في الدول الغربية التي تمثل بالنسبة لها جسرا للتواصل مع الغرب لتأهيل وتدريب الدعاة القادرين على تقديم الإسلام الصحيح للإنسان الغربي.

> على ضوء هذا.. حدثنا عن الدور الذي تقوم به المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية في خدمة قضايا الإسلام المسلمين هناك؟ ـ أنشئت هذه المؤسسة منذ عدة سنوات وتعنى بشؤون نشر الثقافة الإسلامية للمسلمين الموجودين في استراليا، وتعمل أيضا على توضيح مفهوم الإسلام الصحيح، لأن بعض المسلمين الذين هاجروا الى استراليا من بلدان إسلامية مختلفة حملوا معهم عادات وتقاليد وأفكارا قد لا تتفق مع مبادئ الإسلام. ومن جانبها تنفذ المؤسسة برامج هادفة في الثقافة الإسلامية لاقتلاع هذه الأفكار من العقول، كما تهتم بتنشئة الجيل الثاني الذي ولد في أستراليا تنشئة إسلامية صحيحة حتى يستطيع التلاحم مع المجتمع الذي يعيش فيه مع الحفاظ على هويته الإسلامية. وتضم المؤسسة مجموعة من أساتذة الجامعات والأكاديميين المتخصصين وأصحاب الخبرة في شؤون التأهيل والتربية > بشكل عام.. كيف ترى مستقبل الإسلام في أستراليا؟ ـ الوضع الحالي يبشر بالخير رغم محاولات الأعداء التي تتعمد تشويه صورة الإسلام. لكن مهما كان مقدار الحقد والكراهية على الإسلام والمسلمين ففي استراليا رصيد كبير من الفطرة وهو رصيد ظاهر لمن يستثمره بشكل صحيح ويحتاج إلى جهد كبير وإمكانيات. لذلك يجب أن تعمل كل المؤسسات الإسلامية في العالم وعلى رأسها الأزهر ورابطة العالم الإسلامي على تدريب الدعاة بشكل علمي، حتى يتمكنوا من توصيل الخطاب الإسلامي للآخر، وبيان موقف الإسلام الصحيح من كثير من القضايا التي طرحها المستشرقون للطعن في الإسلام مثل حقوق الإنسان وحقوق المرأة والإرهاب والجهاد في الإسلام وموقف الشريعة الإسلامية من الآخر.

> لكن ما هو دور المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية في الرد على الافتراءات والأكاذيب التي تثار ضد الإسلام في وسائل الإعلام الغربية؟ ـ الحمد لله للمؤسسة جهود ملموسة لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين والعرب، ووسائلنا لتحقيق ذلك تتمثل في إلقاء كثير من المحاضرات وعقد الندوات والمناظرات المنتظمة حول قضايا الثقافة الإسلامية. ويتم الرد في هذه اللقاءات على كل ما يثار عن الإسلام والمسلمين والعرب في وسائل الإعلام، كما أن للمؤسسة مدرسة خاصة تهتم بتعليم اللغة العربية والتربية الإسلامية للصغار والكبار وهى مفتوحة للمسلمين وغير المسلمين وتقوم بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.