مفتي مصر يدعو لتجديد عرض السيرة النبوية

أزهريون: الدعوة ضرورة وتحتاج لتكاتف المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي

بعض الدعاة اختاروا منهج التبسيط والتشويق في عرضهم للسيرة النبوية
TT

أيد علماء أزهريون مقترحاً طرحه الدكتور علي جمعة مفتي مصر مطالبا فيه المؤسسات الدينيــة والبحثيــة ومجامع الفقه في العالم الاسلامي بالعمل على تجديد عرض السيرة النبوية، وإظهار ما فيها من جوانب إنســانية وأخلاقية تدحض الشبهات التي تثار ضد الإسلام، مؤكدين أن الدعوة إلى تجديد عرض الســنة النبوية ضرورة في هذا العصر وتحتاج إلى تكاتف جميع المؤسســات الدينية والبحثية والمؤرخين ومجامع الفقه في العالم الاســلامي.

وحول هذا المقترح، قال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر لـ«الشرق الأوسط»: إن «الهدف من هذا الاقتراح هو إظهار الوجه المشرق للإسلام، وتصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة والأكاذيب التي وضعها بعض الكتاب المتحاملين على الإسلام من خلال تحريفهم وتفسيراتهم الخاطئة للسنة النبوية، وشحن أذهان الشعوب الغربية من خلال الإعلام الذي يخدم أهدافهم، وبالتالي يتكون لدى الرأي العام انطباع سيئ عن الإسلام»، مؤكـداً أن السنة النبوية بها من المنارات ما يخدم قضايا الإسلام والمسلمين في الوقت وتثبت صلاحية الإسلام لكل زمان، وبالتالي، فإن دعوة الدكتور علي جمعة بضـرورة تبنـي المؤسسات البحثية والتعليمية للعمل على إظهار جوانب الرحمة الإنسانية والأخلاقية سيكون أفضلَ عملٍ يقوم به المسلمون، يحققون من خلاله الانتصار الحقيقي لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسـلم.

ويؤيد الدكتور محمد أبو ليلة، رئيس قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر هذه الدعوة، ويطالب الجهات المعنية في عالمنا الاسلامي بالتعاون والتضافر من اجل إنجاح هذا المشروع الكبير وتحقيقه على أرض الواقع لأن هذا العمل أكبر من جهود وطاقات الأفراد. ويقترح أبو ليلة أن يســير هذا المشروع في خطين متوازييـن؛ الأول هو إعداد بحوث في السنة النبوية المطهرة تظهر المعاني الجميلة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتثبت أنه نبي الرحمة ورسول الإنسانية ودعوته للعدل والمســاواة بيـن البشر جميعـاً. والخط الثاني يتم من خلاله ترجمة السيرة النبوية في وصفها الجديد، لافتاً إلى أن كثيراً من القيم والمبادئ الرفيعة مثل العدل والمساواة والرحمة بالمسلم وغير المسلم والمواقف الإنسانية التي تجسد قيم الرحمة والسمو الخلقي والإنساني في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لم تكن موجودة في سيرة العظماء غير نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، فلم نجد أية سيرة لأحد العظماء في العالم أو أي دستور ينص على أن الناس في كل أنحاء العالم سواسية كأسنان المشط، وأن الرحمة مقدمة على العدل أو العقوبة، وغير ذلك من القيم الجميلة التي تحفظ للإنسانية تقدمها ورقيها، إلا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فسيرة النبي مليئة بالجوانب الأخلاقية والسلوكية التي إذا عرفها غير المسلمين تغير موقفهم من الإسلام.

من جانبه، يقول الدكتور عمر مختار القاضي الأستاذ بجامعة الأزهر، مساعد الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية: إن السنة النبوية تحتاج إلي إعادة عرض من جديد خاصة لإبراز كثير من المواقف في سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي تتعلق بالعلاقات الإنسانية بين المسلمين وغير المسلمين، وتؤكد حرص النبي بشدة على دعم أواصر الأخوة الإنسانية لتكون ردا عمليا على من يهاجمون الإسلام ويتهمونه في وسطيته وسماحته ويصفونه بالتطرف والعنف والإرهاب، مشيرا إلى أن بعض كتب السنة غير الموثقة والتي وضعها المستشرقون والمؤرخون غير الأمناء والهواة لا علاقة لها بالعلم، وتعج بنماذج ومواقف تعطي انطباعا سيئا عن الإسلام، حيث اعتمد هؤلاء على الروايات المغلوطة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي تتنافى مع عصمته الثابتة بالكتاب، فضلا عن القصص الخرافية والأوهام والأساطير.

وأضاف عمر مختار أنه لا بد أن نظهر للآخر مواقف التسامح والاعتدال والوسطية والرحمة والإخاء الإنساني والحب والتعاون والاحترام للإنســان، بغضِّ النظر عن دينه ولونه وجنسه، فضلا عن أن جوانب الرحمة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ليست بالإنسان فقط بل بالحيوان، فقد جعل صلى الله عليه وسلم الجنة مصير من سقى كلباً، والنار مصير من جوّعت القطة، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. كما أنه جعل حرمة النفس البشرية تفوق حرمة بيت الله الحرام، فلم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قتل شخصاً أو أحرق داراً أو ذبح حيواناً إلا لعلة. كما أن تعامله مع غير المسلمين قام على الاحترام المتبادل متأسِّيا بقول الله تعالى: «لكم دينكم ولي دين». واختتم الدكتور القاضي قائلا: فما أحوجنا أن نبين للعالم عظمة الإسلام ورسوله الكريم من خلال كثيرٍ من المواقف الإنسانية الرحيمة التي حفلت بها السنة النبوية المطهرة، ومدى الرحمة في سلوكات الرسول صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين، مثل قوله «من آذى معاهداً فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله». وقوله أيضا: «من آذى معاهداً فقد آذاني».