رئيس جمعية مسلمي اليابان: إطلاق فضائية إسلامية ضرورة ملحة

د. أمين توكوماسو لـ «الشرق الأوسط» : على المسلمين التسلح بخطط عملية لمواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب

د. أمين توكوماسو رئيس جمعية مسلمي اليابان («الشرق الأوسط»)
TT

ارجع الدكتور أمين توكوماسو رئيس جمعية مسلمي اليابان تفشي ظاهرة الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) في الغرب إلى ثلاثة أسباب رئيسية، تتمثل في الجهل بالإسلام الصحيح، وتسليط الإعلام الغربي الضوء على نماذج سيئة تنسب نفسها للإسلام وتمارس أعمال تتنافى مع مبادئ وتعاليم الإسلام، فضلا عن عجز المسلمين القيام بمهمة التعريف بالإسلام. واقترح الدكتور توكوماسو في حديث مع «الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في المؤتمر الإسلامي الدولي الذي نظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة أخيرا، أن تتبنى منظمة المؤتمر الاسلامي وغيرها من المؤسسات الدينية الكبرى مثل الأزهر ورابطة العالم الاسلامي بمشاركة الأثرياء ورجال الأعمال في العالم الاسلامي إطلاق قناة فضائية إسلامية تبث برامجها بعدة لغات مختلفة للتعريف بالإسلام، والرد على جميع الشبهات التي تثار حوله، مؤكدا أن الحوار بين الإسلام والغرب بحاجة إلى تنظيم وتفعيل أكثر وتنسيق في البرامج بين مجموعات العمل التي تقوم بالتحاور مع الغرب في العالم الاسلامي، على ان يكون الحوار من خلال المنظمات المعنية بالحوار في العالم الاسلامي.. كما تطرق الحديث إلى عدد من القضايا الإسلامية المثارة على الساحة.

> لعلك تتابع الحملة ضد الإسلام في الغرب التي تكرس لظاهرة (الإسلاموفوبيا) أو (الخوف من الإسلام)، فما مدى تأثير ذلك على صورة الإسلام لدى الشعب الياباني؟

ـ هذه الظاهرة ليست موجودة في اليابان كما هي في الغرب، لكن وجودها في بلادنا يقتصر على من تأثروا بالإعلام الغربي الذي يشيع صورا غير صحيحة عن الإسلام والمسلمين، لكننا في جمعية مسلمي اليابان نقدم الإسلام لليابانيين بشكل صحيح ونرد على الافتراءات التي ينشرها الإعلام المغرض ضد الإسلام، وذلك من خلال عقد الندوات الإسلامية للتوعية بحقيقة الإسلام، وترجمة الكتب الإسلامية إلى اللغة اليابانية مثل كتب السيرة النبوية ومعاني القرآن الكريم وغيرها من الكتب الهامة التي تعطى فكرة واضحة عن الإسلام. > من وجهة نظرك ترى ما هي الأسباب التي أدت لتزايد ظاهرة «الاسلاموفوبيا» في الغرب وما هو العلاج للقضاء على هذه الظاهرة؟

ـ هذه الظاهرة ترجع بالأساس إلى ثلاثة عوامل رئيسية: هي الجهل بحقيقة الإسلام الصحيح وفي الوقت نفسه عجز المسلمين وتقصيرهم في القيام بمهمة التعريف بالإسلام وبيان حقيقته للآخر، وبيان موقفه من الإرهاب والعنف. والعامل الأخطر يتمثل في تسليط الإعلام الغربي الضوء على السلبيات التي تقع من بعض المنتسبين إلى الإسلام، وتصوير هذه النماذج السيئة التي تمارس أعمالا تتنافى مع مبادئ وتعاليم الإسلام بأنهم هم المسلمون الذين يعبرون عن الإسلام.

> لكن كيف يمكن تصحيح هذه الصورة الخاطئة عن الإسلام والقضاء على ظاهرة «الاسلاموفوبيا» في الغرب؟

ـ هذا هو المهم، فهناك عدة خطوات لو تم تنفيذها بعناية سوف يتفهم الغرب حقيقة الإسلام ويتعايش معه وستختفي ظاهرة «الاسلاموفوبيا»، وهذه الخطوات تتمثل في ضرورة تبني منظمة المؤتمر الاسلامي وغيرها من المؤسسات الدينية الكبرى مثل الأزهر ورابطة العالم الاسلامي ووزارات الأوقاف والدعوة في العالم الاسلامي حلولا عملية، تتمثل في إطلاق قناة فضائية إسلامية تبث برامجها بعدة لغات مختلفة للتعريف بالإسلام الصحيح والرد على جميع الشبهات التي تثار حوله.

ويمكن أن يتم ذلك بمساعدة الأثرياء ورجال الأعمال في العالم الاسلامي من خلال ما يقدمونه من تبرعات لنصرة دينهم، كما أن الحوار بين الإسلام والغرب بحاجة إلى تنظيم وتفعيل أكثر وتنسيق في البرامج بين مجموعات العمل التي تقوم بالتحاور مع الغرب في العالم الاسلامي، وبالتالي لا بد أن يكون الحوار من خلال المنظمات المعنية بالحوار في العالم، وأن يركز الحوار على قضايا أساسية هي محل الخلاف مثل: موقف الإسلام من الإرهاب، ومقولات صدام الحضارات، وحقوق الإنسان في الإسلام ، وموقف الإسلام من الآخر.. الخ، وأن يكون الحوار حوارا جادا بعيدا عن المجاملات.

> لكن هل تتوقع في ظل تزايد ظاهرة «الاسلاموفوبيا» ووجود ثقافة تعادي الإسلام أن يؤثر ذلك على مستقبل الإسلام في الغرب؟

ـ كما قلت إن العداء للإسلام لن يتوقف، وذلك لان الخوف من انتشار الإسلام أمر بات مقلقا لكثيرين من جماعات المصالح وبعض الأحزاب ورجالات السياسة المتعصبين ضد الإسلام، لكن كما يقول القرآن الكريم «والله غالب على أمره» فالإسلام جاء رحمة للعالمين، وجاء صالحا لكل زمان ومكان، وهذه الميزة في هذه الرسالة الخاتمة جعلته يجذب كثيرا من الناس الذين يبحثون عن الأمان النفسي وعن الفضائل وغير ذلك من الأمور التي تحقق لهم السعادة الدنيوية والأخروية، ونجد أنه كلما تشتد الحملة على الإسلام يزداد الإقبال عليه، فكثير من الناس يريدون أن يعرفوا عن هذا الدين الذي تتم مهاجمته بشدة وفجأة نراهم يعتنقونه بعد التعرف على حقيقته ومبادئه السامية، المثال على ذلك ما حدث بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 الشهيرة في أميركا والتي على إثرها وصف الإسلام بالإرهاب، كانت نسبة الذين اعتنقوا الإسلام في أميركا وغيرها عالية جدا، ونسبة الإقبال على شراء الكتب الإسلامية المترجمة وفي مقدمتها معاني القرآن الكريم عالية جدا خلال هذه الفترة، وكما يقولون، فقد انقلب السحر على الساحر، والله تعالى يقول: «والله متم نوره ولو كره الكافرون» فمكرهم وكيدهم للإسلام جاء لهم بنتائج عكسية وحقق للإسلام نتائج ايجابية، فرب ضارة نافعة.

> ما هو الدور الذي تقوم به جمعية مسلمي اليابان في خدمة الإسلام وما هي أهم المشكلات والصعوبات التي تواجهكم في مجال نشر الدعوة الإسلامية وما مدى تقبل الشعب الياباني للإسلام؟

ـ تعمل الجمعية على تقديم يد العون للمسلمين في اليابان ومساعدتهم لممارسة شعائر الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة بما يتماشى مع تقاليد المجتمع الياباني، أيضا تعمل الجمعية بتعريف اليابانيين بالإسلام حتى يصير مألوفا لديهم، وتقوية عقيدة المسلمين داخل اليابان، ورفع مستوى التعليم لديهم وتقديم الخدمات المتبادلة، فضلا عن دعم أواصر المحبة والصداقة مع المسلمين خارج اليابان. كما تقوم الجمعية أيضا بإرسال الطلاب إلى البلدان الإسلامية حتى يعودوا إلى اليابان حاملين معهم ما تعلمونه من معارف إسلامية ودراسات دينية، ومزودين بآخر ما توصل إليه المفكرون والمسلمون، وذلك بهدف نشر المعرفة والأفكار الصحيحة المتعلقة بالإسلام والتي تعتمد على القرآن والسنة النبوية. وتقوم الجمعية بتوطيد العلاقات بين المسلمين وغيرهم وتعمل أيضا على تفعيل الحوار مع الأديان الأخرى كسبيل لتقديم صورة طيبة للمسلمين داخل المجتمع الياباني، وتمتلك الجمعية أيضا مقبرة إسلامية خاصة بالمسلمين في اليابان، حيث تعقد مراسم الدفن طبقا للشريعة الإسلامية. ورغم هذا إلا أن الدعوة الإسلامية في اليابان تواجهها بعض المشكلات والتي منها قلةَ عدد الدعاة الذين يتحدّثون اللغة اليابانية ولديهم مهارات أو فن التعامل مع الشعب الياباني، أيضا إن جمعيتنا لا تملك مسجدا حتى الآن وذلك لان الحصول على قطعةِ أرضِ لبناء المسجد بات أمرا صعبا للغاية، لأن الأرضَ في اليابان، وفي طوكيو بالذات باهظة الثمن، ولا نستطيع شراءَ مساحةٍ صغيرة من الأرض لبناء مسجد، لأن ذلك يتطلب منا أموالا كثيرة والجمعية ليس لديها هذه الأموال ومواردنا محدودة، ونتمنى من المنظمات الإسلامية خاصة في المملكة العربية السعودية والكويت ومصر وغيرها بأن تتعاون معنا في القيام بمهمة نشر الإسلام في اليابان.

وأنا من خلال «الشرق الأوسط» وباسم جمعية مسلمي اليابان أدعو المنظماتِ والهيئاتِ الإسلامية إلى إمدادنا بعلماء ودعاة وخطباء يستطيعون عرض الإسلام باللغة اليابانية، وتكون لديهم ثقافة ودراية كافية بعادات وتقاليد الشعب الياباني حتى يستطيع التأثير فيه بشكل إيجابي، الشعب الياباني لديه قابلية للتعرف على الإسلام والالتزام به.