مصر: جدل فقهي حول مشروع قانون بتأجيل الإعدام للمرأة الحامل

اقتراح بتنفيذ العقوبة بعد عامين بدلا من شهرين

TT

أثار اقتراح للمطالبة بتعديل المادة 647 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في المرأة الحامل إلى ما بعد عامين، بدلاً من شهرين جدلاً فقهياً وقانونياً.

وكانت الدكتورة زينب رضوان وكيلة البرلمان المصري، قد تقدمت للجنة الاقتراحات والشكاوى بالبرلمان، باقتراح للمطالبة بتعديل المادة 647 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، والتي تنص على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام على الحامل، إلى ما بعد شهرين فقط من وضعها، لتكون المادة بعد التعديل «وقف تنفيذ عقوبة الإعدام علي المرأة، حتى يتم وليدها عامين هجريين، وهذا ما يتفق مع الشريعة الإسلامية»، وهذا الاقتراح لقي معارضة من ممثل وزارة العدل المصرية، بحجة أن المرأة قد تتعمد الحمل. لتأجيل الإعدام عامين بدلاً من شهرين للتهرب من تنفيذ العقوبة.

وقد أحال البرلمان هذا الاقتراح إلى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، لبيان مدى مشروعية مثل هذا القانون. وفي تعليقه يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، والخبير الفقهي بمجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة «إن هذا الاقتراح يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، التي تقرر تأجيل تنفيذ العقوبة أيا كانت على مرتكب موجبها، إلا بعد أن يبرأ من مرضه إن كان مريضا، أو بعد أن تنتهي مدة الحيض والنفاس، إن كانت المرأة حائضا أو نفساء أو بعد انتهاء الولادة وانتهاء مدة الإرضاع، إلى أن يفطم الصغير مهما بلغت هذه المدة، ولهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أرجأ إقامة الحد على الغامدية قرابة عامين وأكثر، حتى تفطم مولودها، وهذا دليل على حرمة تنفيذ العقوبة، قبل زوال الأسباب، التي تمنع من تنفيذها، سواء تعلقت بمن ينفذ فيه العقوبة، أو لمن له حقوق عليه تتعلق بشخصه كالمرضع بالنسبة للطفل الرضيع، أو الحامل بالنسبة للجنين، ولهذا فإن اقتراح تأجيل تنفيذ العقوبة المنهية للحياة، إلى أن يفطم الصغير، هذا يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تعد المصدر الأساسي للتشريع للقوانين في مصر». من جانبه يتحفظ الدكتور عمر مختار القاضي الأستاذ بكلية الشريعة والقانون على هذا المقترح قائلا «انه إذا ثبت خلو المرأة من الحمل بعد مرور أربعة أشهر وعشر، فإن الشريعة الإسلامية تجيز تنفيذ عقوبة الإعدام المستحقة عليها، أما إذا ثبت أنها حامل فيؤجل تنفيذ العقوبة، إلى أن تضع حملها ويفطم هذا المولود».

من جانبه يقول الدكتور احمد عبد الرحيم السايح الأستاذ بجامعة الأزهر، «إن موضوع هذا المقترح يتبع في الحكم عليه قاعدة المصالح المرسلة، وهي تقوم على تأخير تنفيذ العقوبة على المرأة الحامل، إلى أن تضع حملها، وعلى المرأة المرضعة إلى أن تنهي مدة إرضاع صغيرها».

ويقول الدكتور مصطفى الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر «إن هذا الاقتراح يؤيده مجمع البحوث الإسلامية، بصفته أعلى سلطة شرعية في الأزهر، وتحال إليه مثل هذه الأمور لبيان مدى شرعيتها، وذلك لأن هذا الاقتراح جاء مطابقا للشرع الإسلامي الحنيف كليا وجزئيا». وأضاف «أن هذا الاقتراح هو المعمول به حاليا في القضاء المصري، وهو عدم تحمل الرضيع جريمة، لم يكن هو السبب فيها، فمن حقه أن يعيش ولا يقتل مع أمه».

من جانبه يقول الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، إن هذا الاقتراح الذي ينص على تعديل المادة 647 من قانون الإجراءات الجنائية المصري بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في المرأة الحامل، بعد عامين بدلا من شهرين شرعي مائة في المائة، وذلك لعموم الأدلة الشرعية، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لامرأة زنت وطلبت رجمها فوجدها حاملا قال لها صلى الله عليه وسلم «انتظري حتى تضعي»، ولما جاءته بالرضيع قال لها: «انتظري حتى ترضعيه»، فلما جاءته وقد فطمت الولد وهو يمشى بجوارها، وقد امسك بيده كسرة من الخبز يأكلها أمر بها فرجمت. وأضاف الشيخ البدري «أن الفقهاء قد قدروا فترة الفطام بأكثر من عامين ونصف العام، لأن فيها الولادة والإرضاع والفطام. وأضاف الشيخ البدري أن «الأصل في الشرع الإسلامي، ألا يحرم الرضيع من أمه، لأنه لا ذنب له فيما ارتكبته من جرائم، وبالتالي فإنه يجب أن نبقي على حياتها حتى تفطم رضيعها، وبعد ذلك يقام عليها الحد أي عقوبة الإعدام». أما عن رأى القانون في هذه القضية، فيؤكد وليد شتا المحامي والباحث القانوني «أن الدستور المصري ينص على أن المصدر الأول والأساسي للتشريع في مصر، هو الشريعة الإسلامية، فأي تشريع يصدر مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية، يعد مطابقا للدستور، وبالتالي فإن اتفاق هذا الاقتراح مع مقتضيات الشريعة الإسلامية، ومتطلبات الواقع فإنه لا يجوز الطعن عليه».