كل عام والحج أجمل وأفضل

د. عائض القرني

TT

إذا اجتمعت النية الصادقة والهمة العالية والعمل الدؤوب، جاءت النتائج عظيمة والعواقب سليمة، وقد اجتمع أكبر حشد بشري في زمان محدّد ومكان محدّد بمشاعر الحج وفيهم الشيخ الكبير والمريض والجاهل والعربي والعجمي فقامت جهود، وسهرت عيون، وبذلت سواعد، حتى توفر لهذه الجماهير الهائلة الهادرة كل أسباب الراحة من غذاء وماء ودواء وأمن مع طرق معبده ووسائل ميسرة، وقام أكثر من مائة ألف جندي كأكبر جيش أياديهم على الزناد يحرسون ضيوف الرحمن ويحفظون أمنهم.

واجتماع أكثر من ثلاثة ملايين حاج في مساحة ضيقة في ساعات معدودة أمر مخيف محرج محيّر، ولكن الله سلم وأعان وسدّد فأنهى الحجاج حجهم في يسر وأمان وراحة وسلام، حصل في بعض الدول حشود تقارب مائة ألف في مظاهرات واحتجاجات، فوقع بينهم جرحى وأحياناً قتلى، ولكن الحجاج يجتمعون كالبحر الهائج راكبين ومشاة، كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء، أغنياء وفقراء، أقوياء وضعفاء، ومرضى وأصحاء، فإذا غذاؤهم حاصل، وشرابهم حاضر، وعلاجهم متوفر، وأمنهم شامل، كل يرحب بهم من الملك إلى عامل النظافة بلا منّة ولا علّو، بل بصمت وتواضع وأريحية وكأن الفضل للضيف والمنّة للحجّاج الذين أعطوا المضيف فرصة لخدمّتهم وسمحوا له بإسعادهم وتسهيل حجّهم، والآن يشهد العالم نجاح أكبر مؤتمر عالمي للبشرية حيث يعلن فيه التوحيد لله والوحدة بين المسلمين وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والسلام العالمي والتعايش السلمي والتسامح بين أهل الأرض، فشكراً لكل مسؤول تصدق بنومه وأنفق راحته لإسعاد الحجاج، وشكراً لكل جندي حمل بندقيته وعرّض روحه للخطر لراحة ضيوف الرحمن، وشكراً لكل موظف أتعب فكره وبدنه وصرف وقته لتيسير حج عباد الله، وشكراً لكل مواطن قام بحق الضيافة فأكرم نزل الوافدين، وشكراً لكل حاج سمح لأهل هذه البلاد بشرف خدمة أكرم ضيوف وأشرف وفود وأنبل سياح.