الشاعر الأسطورة يخطف الأضواء

د. عائض القرني

TT

* تقدم معنا في المقالة السابقة الحديث عن زميلي وصديقي آية الله أبي الطيب المتنبي الشاعر الأسطورة، ونواصل الحديث عنه في استشهاد العلماء والساسة والأدباء والوجهاء بشعره.

لما انتهى زاهد الكوثري من بعض كتبه استشهد ببيت المتنبي:

* وَما أَنا بِالباغي عَلى الحُبِّ رِشوَةً - ضَعيف هَوىً يُبغى عَلَيهِ ثَوابُ

* وذكر حسن البنا اختلاف الأزمان والأمكنة، ثم أنشد قول المتنبي:

* هُوَ الجَدُّ حَتّى تَفضُلَ العَينُ أُختَها - وَحَتّى يَصيرَ اليَومُ لِليَومِ سَيِّدا

* وذكر الدكتور عبد العزيز الثنيان في مقابلة في التلفزيون السعودي شوقه إلى التعليم، كما قال المتنبي:

* نَحنُ أَدرى وَقَد سَأَلنا بِنَجدٍ - أَقَصيرٌ طَريقُنا أَم يَطولُ

* وَكَثيرٌ مِنَ السُؤالِ اِشتِياقٌ - وَكَثيرٌ مِن رَدِّهِ تَعليلُ

* وكلمني الدكتور عبد العزيز الحربي معجباً بقول المتنبي:

* أُصادِقُ نَفسَ المَرءِ مِن قَبلِ جِسمِهِ - وَأَعرِفُها في فِعلِهِ وَالتَكَلُّمِ

* ودرسنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فذكر سيرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم قال، كما قال المتنبي:

* إِذا تَغَلغَلَ فِكرُ المَرءِ في طَرَفٍ - مِن مَجدِهِ غَرِقَت فيهِ خَواطِرُهُ

* وأسهب مرة في الشرح، ثم ذكر قول المتنبي:

* وَقَد أَطالَ ثَنائي طولُ لابِسِهِ - إِنَّ الثَناءَ عَلى التِنبالِ تِنبالُ

* وزرت بيت العلم والأدب، بيت آل مبارك في الإحساء، فحياني أحد أدبائهم وقال: نحن كما قال المتنبي:

* وَأَستَكبِرُ الأَخبارَ قَبلَ لِقائِهِ - فَلَمّا اِلتَقَينا صَغَّرَ الخَبَرَ الخُبرُ

* وهذا البيت قاله ابن الشجري للزمخشري لما لقيه، وذكر الحافظ ابن رجب أن الصادق لابد أن يظهر، وكذلك الكاذب، كما قال المتنبي:

* إِذا اِشتَبَهَت دُموعٌ في خُدودٍ - تَبَيَّنَ مَن بَكى مِمَّن تَباكى

* وذكر الشوكاني في بعض رسائله قول المتنبي :

* كُلِّ دَمعٍ يَسيلُ مِنها عَلَيها - وَبِفَكِّ اليَدَينِ عَنها تُخَلّى

* فتعجب من جودة البيت وسبح وكبر، وذكر الآلوسي قول المتنبي:

* وَلا فَضلَ فيها لِلشَجاعَةِ وَالنَدى - وَصَبرِ الفَتى لَولا لِقاءُ شَعوبِ

* وذكر الدكتور علي الحكمي الحسن وضده، فقال كما قال المتنبي:

* وَنَذيمُهُم وَبِهِم عَرَفنا فَضلَهُ - وَبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشياءُ

* وخطب بنا الشيخ عبد الرحمن السديس في الحرم في قطيعة الرحم، فاستشهد بقول المتنبي:

* وَلَم تَزَل قِلَّةُ الإِنصافِ قاطِعَةً - بَينَ الرِجالِ وَلَو كانوا ذَوي رَحِمِ

* ولقيت طالب علم من سوريا، فسألته عن بلده فقال: أنا من بلدة ضمير، التي يقول فيها المتنبي:

* لَئِن تَرَكنَ ضُمَيراً عَن مَيامِنِنا - لَيَحدُثَنَّ لِمَن وَدَّعتُهُم نَدَمُ

* وسألت الدكتور محسن العواجي عن حاله، فقال: كما قال المتنبي:

* لَيتَ الغَمامَ الَّذي عِندي صَواعِقُهُ - يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عِندَهُ الدِيَمُ

* وذكر الأديب السوداني الطيّب صالح بيت المتنبي متعجباً:

* يُحَرِّمُهُ لَمعُ الأَسِنَّةِ فَوقَهُ - فَلَيسَ لِظَمآنٍ إِلَيهِ وُصولُ

* وأنشد الخطيب المفوه الدكتور عبد الوهاب الطريري على المنبر قول المتنبي:

* كَم تَطلُبونَ لَنا عَيباً فَيُعجِزُكُم - وَيَكرَهُ اللَهُ ما تَأتونَ وَالكَرَمُ

* وذكر الأديب الخوارزمي بيت المتنبي مندهشاً منذهلاً متعجباً، وهو قوله:

* أَزورُهُم وَسَوادُ اللَيلِ يَشفَعُ لي - وَأَنثَني وَبَياضُ الصُبحِ يُغري بي

* وذكر الأديب محيي الدين اللّذقاني أن الخليل بن أحمد اختار (العين) من بين حروف العربية، قال: وأنا أختار (الميم)، لأن المتنبي نظم عليه قصيدته التي منها:

* أَرانِبُ غَيرَ أَنَّهُمُ مُلوكٌ - مُفَتَّحَةٌ عُيونُهُمُ نِيامُ

* ولقيت الشيخ/ محمد الشامي قاضي بيشة، وكان عالماً أديباً، فقال: ألا تعجب من قول المتنبي:

* قِفي تَغرَمِ الأَولى مِنَ اللَحظِ مُهجَتي - بِثانِيَةٍ وَالمُتلِفُ الشَيءَ غارِمُه

* وألقيت بعض الأبيات على أحد الأدباء واعتذرت له بقول المتنبي:

* مَلِكٌ مُنشِدُ القَريضِ لَدَيهِ - واضِعُ الثَوبِ في يَدَي بَزّازِ

* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إني أدعو في سجودي بمضمون وبمعنى بيت المتنبي:

* يا مَن أَلوذُ بِهِ فيما أُؤَمِّلُهُ - لا يَجبُرُ الناسُ عَظماً أَنتَ كاسِرُهُ

* وَمَن أَعوذُ بِهِ مِمّا أُحاذِرُهُ - وَلا يَهيضونَ عَظماً أَنتَ جابِرُهُ

* وتذاكرنا العشق مع الدكتور عبدالرحمن القحطاني، فقال: لا رأي للعاشق، كما قال المتنبي:

* إِلامَ طَماعِيَةُ العاذِلِ - وَلا رَأى في الحُبِّ لِلعاقِلِ

* وذاكرت الدكتور الشاعر عبد الرحمن العشماوي في بدائع المتنبي، فذكر بيتين له مادحا ومثنياً، وهما قوله:

* وَمُرادُ النُفوسِ أصغر مِن أَن - نَتَعادى فيهِ وَأَن نَتَفانى

* غَيرَ أَنَّ الفَتى يُلاقي المَنايا - كالِحاتٍ وَلا يُلاقي الهَوانا

* وذكر البرقوقي أن الناس في فهم المعاني درجات، تبعاً لتباين قرائحهم، كما قال المتنبي:

* وَلَكِن تَأخُذُ الآذانُ مِنهُ - عَلى قَدرِ القَرائِحِ وَالعُلومِ

* وكنت أكتب عن النجاح، ومن طرقه عدم التكلف، فعثرت على بيت للمتنبي أغلى من حمر النعم، وهو قوله:

* أَبلَغُ ما يُطلَبُ النَجاحُ بِهِ الـ - طَبعُ وَعِندَ التَعَمُّقِ الزَلَلُ

* وقال الدكتور سعد البريك: «إن العقل لا يدع صاحبه يتمتع بالملذات»، كما قال المتنبي:

* ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ - وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ

* وكنت أحادث الدكتور محمد الرومي، ابن سيرين العصر، في تعبير الرؤيا، وكان مصاباً بالحمى، فقلت له: «كيف حالك؟»، فقال: أنا كما قال المتنبي:

* وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً - فَلَيسَ تَزورُ إِلا في الظَلامِ