رئيس الكونغرس الإسلامي الكندي: لا بد من استراتيجية واضحة للتعريف بالإسلام الصحيح وعدم الانشغال بالأمور الهامشية

د. إبراهيم المصري لـ «الشرق الأوسط» : «الإسلاموفوبيا» صناعة غربية لها موظفون وباحثون وأكاديميون وتمول من جهات معروفة

د. إبراهيم المصري رئيس الكونغرس الإسلامي الكندي مع المحرر («الشرق الأوسط»)
TT

دعا الدكتور محمد إبراهيم المصري رئيس الكونغرس الإسلامي الكندي العالم الإسلامي إلى تبني استراتيجية مضادة للإسلاموفوبيا، والعمل على التعريف بالإسلام الصحيح، وعدم انشغال المسلمين بالخلافات الفقهية والأمور الهامشية، مؤكدا أن أخطر ما يواجه توطين الإسلام في الغرب هو انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، وأنها أصبحت صناعة لها موظفون وباحثون وأكاديميون، وتموَّل من جهات معروفة، ولديها وسائل وآليات تعمل على نشر الأكاذيب ضد الإسلام والمسلمين، سواء عن طريق الإعلام، أو طباعة الكتب، أو الأفلام السينمائية .

وقال الدكتور المصري في حديث مع «الشرق الأوسط»، على هامش مشاركته مؤخرا في فعاليات المؤتمر العام الواحد والعشرين الذي نظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة «إن الإسلام في أوروبا بخير، بالرغم مما يتعرض له من حملات تشويه، ووصفه بأنه دين التعصب والإرهاب، مؤكدا أن هذه التهم الزائفة لن توقف مسيرة الإسلام في الغرب، ولن تؤثر في قدرته على التأثير على العقول والقلوب، لأنه دين الفطرة ودين الرحمة والسلام، الذي يتميز بقدرته على العطاء المتجدد في الحياة، لكن مطلوب منا توصيل هذا المعنى إلى الغرب باللغة التي يفهمها..». كما تطرق الحديث إلى قضايا أخرى، بخاصة أوضاع المسلمين في كندا..

> أعطنا فكرة سريعة للقارئ عن طبيعة الوجود الإسلامي في كندا، والمشكلات التي يعانى منها المسلمون هناك ؟ - عدد المسلمين في كندا حوالي مليون نسمة، من أصل ثلاثة وثلاثين مليونا، وأحوالهم في تحسن مستمر، ويشغل عدد كبير منهم مناصب مرموقة، كأعضاء في البرلمان ومجلس الشورى، ومنهم عمد بلديات، وقضاة، وأطباء كبار في المجتمع الكندي. والمشكلة الرئيسية التي تواجه المسلمين في كندا هي انتشار ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، بخاصة في المدارس والجامعات. أيضا يمتلك المسلمون المؤسسات التي ترعى شؤونهم، وفى مقدمتها الكونجرس الإسلامي الكندي . > تحديدا، ما هي الأنشطة التي يمارسها الكونغرس الإسلامي في المجتمع الكندي؟

- الكونغرس الإسلامي هو هيئة غير حكومية تعمل في كندا، ويهتم برعاية شؤون المسلمين في كندا، والدفاع عن حقوقهم، والرد على كل ما يثار ضد الإسلام في وسائل الإعلام الكندية، كما يقوم أيضا بالتعريف بالإسلام الصحيح لغير المسلمين، كذلك فإن الكونغرس الإسلامي لديه موقع على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، حيث ينشر من خلال الإنترنت موضوعات تتعلق بحقيقة الإسلام، والتوجيهات التي جاء بها هذا الدين لإصلاح الكون والمجتمع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الموقع يرد على الشبهات التي تثار حول الإسلام، وغير ذلك كثير من الموضوعات التي تهم المسلمين في الغرب، كما يمثل الكونجرس الإسلامي حلقة وصل بين المسلمين وباقي المؤسسات والمنظمات الأخرى الحكومية، وغير الحكومية في كندا، وغير ذلك من الأنشطة الأخرى المتعلقة بالأمور الحياتية للمسلمين، وأيضا العبادات، وإحياء ليالي رمضان، وتوعية المسلمين خلال شهر رمضان.

> برغم كل هذا، وكما ذكرت، فإن ظاهرة العداء للإسلام «الإسلاموفوبيا» في تزايد مضطرد، فما السبيل، برأيك، لمواجهة هذه الظاهرة، وهل فكرتم مثلا في آليات معينة لمواجهتها؟

- «الإسلاموفوبيا» في الغرب صناعة، لها موظفون وباحثون وأكاديميون، وتموَّل من جهات معروفة، ولديها وسائل وآليات لنشر الأكاذيب ضد الإسلام والمسلمين، سواء عن طريق الإعلام أو طباعة الكتب، أو حتى في الأفلام السينمائية.. الخ. ومنذ عامين بدأ الكونجرس الإسلامي مشروعا مناهضا «للإسلاموفوبيا»، يتضمن تخصيص شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام للتعريف بالإسلام وتاريخه وحضارته فئ كندا. وقد وافق عليه البرلمان الفيدرالي الكندي، وكذلك مجالس البلديات في أكبر المدن الكندية. وخلال هذا الشهر ننفذ خطة للتعريف بالإسلام وإبراز محاسنه، من خلال إقامة المهرجانات الثقافية ومعارض الكتب التي تعرف بالإسلام وحضارته، ونتواصل مع المدارس والجامعات ووسائل الإعلام والهيئات السياسية والمؤسسات الدينية من خلال إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات، ونعمل كذلك على توعية المسلمين كيف يواجهون ظاهرة «الإسلاموفوبيا» في كل مظهر من مظاهرها، فضلا عن مشروع الإعلام الرقمي، أو ما نسميه (الإعلام الموازى)، وهو مشروع إعلامي ضخم مغاير للإعلام الحالي في كندا، الذي يروج للإسلاموفوبيا، ونعمل من خلاله على تغيير الرأي العام الكندي .

> بالنسبة للحملات المسيئة للإسلام، التي تنشر ثقافة «الإسلاموفوبيا» التي يشنها الإعلام الغربي، في رأيك ما هو التأثير السلبي لهذه الحملة على التواجد الإسلامي في الغرب؟

- هذه الحملات رغم ضراوتها لن تنال من الإسلام شيئا، والإسلام في أوروبا بخير، بالرغم مما يتعرض له من حملات تشويه، ووصفه بأنه دين التعصب والإرهاب. وهذه التهم الزائفة لن توقف مسيرة الإسلام في الغرب، ولن تؤثر على قدرة الإسلام في العقول والقلوب، لأنه يتميز بأنه دين الفطرة ودين السلام، ويتميز بقدرته على العطاء المتجدد في الحياة. والحقيقة أن الكونغرس الإسلامي دائما حريص على القيام بتوضيح الحقائق عن ما ينشر ضد الإسلام في كندا للرأي العام وللمسؤولين وصناع القرار السياسي. والكثير من الكنديين لديهم الفضول والدافع لمعرفة الإسلام، ويتقبلون أية معلومات صحيحة تثري رصيد المعرفة لديهم عن الإسلام، خاصة إذا كانت تقدم لهم بشكل واضح ومبسط ، وبمجرد المعرفة الصحيحة؛ تتحول اتجاهات هؤلاء الكنديين من العداء ـ الذي يكون دائما سببه الجهل ـ إلى تفهم حقيقة الإسلام؛ ونجد كثيرا منهم يعتنق الإسلام.

> المسلمون منشغلون الآن بالرد على الاتهامات الكاذبة ضد الإسلام. ترى ما هي الأسباب وراء نشر هذه الاتهامات؟، وهل الانشغال بالرد على هذه الاتهامات له جدواه في الواقع، أم هو مضيعة للوقت والجهد، كما يرى البعض؟

- من وجهة نظري، توجد أربعة أسباب وراء نشر هذه الأكاذيب ضد الإسلام، وتتجلى في نشر ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التي تستهدف نشر ثقافة الكراهية للإسلام والمسلمين. أولا: إن العالم الإسلامي به خيرات طبيعية كثيرة، أهمها البترول، وهم يريدون، بل يخططون للاستئثار بهذه الثروات. ثانيا: العالم الإسلامي يتميز بموقعه الجغرافي الفريد والاستراتيجي، حيث يمر به أكثر من 50 في المائة من تجارة العالم، سواء بالبحر، أو الجو. ثالثا: يمثل العالم الإسلامي سوقا استهلاكية كبرى، به مليار بليون ونصف البليون مسلم. رابعا: الضغوط التي يمارسها خصوم الإسلام والمسلمين على صانع القرار في الغرب، ويروجون للعداء للإسلام والمسلمين للاستفادة من ذلك في صراعهم مع المسلمين في احتلال أراضيهم ومقدساتهم خاصة في فلسطين. هذا من ناحية .أما للإجابة على الشق الثاني من السؤال، فإن الإسلام لا يحتاج إلى دفاع، لأن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين، وإنما دور المسلمين ينحصر في التوضيح والبيان، لأن الدين حقيقة واقعة كمثل ضوء الشمس، لا يستطيع أن يجادل فيها إلا مكابر أو معاند، وبالتالي فعلى المسلمين ألا يضيعوا وقتهم فيما لا يفيد، وعليهم أن يقوموا بمهمة البيان والتوضيح، فأي اعتداء على الإسلام، أو النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجب أن نرد على المعتدي بالقول إنك مخطئ، وإن الإسلام دين سماوي، كما يجب أن تتضافر مع مقولات المسلمين عن أن الإسلام دين تسامح ومحبة، ودين يرفض الإرهاب والعنف. وهناك البرامج والخطط العملية التي عن طريقها يمكن توصيل المعلومة الصحيحة للآخر عن الإسلام. > لكن في رأيك، هل ثمة جدوى من مؤتمرات الحوار التي تعقد هنا وهناك بين جهات إسلامية وغير إسلامية، وتختص بالحضارات والأديان، وهل يمكن أن تسهم في تصحيح صورة الإسلام لدى الغرب؟

- نعم الحوار أمر مهم لإزالة سوء الفهم المتبادل، ولتوضيح الحقائق، وديننا الإسلامي يدعونا إلى ذلك بشدة، ولدينا نصوص ثابتة في القرآن الكريم تدعونا إلى التعارف، والحوار مع الآخر، وإقامة علاقات معه، ومن ذلك قوله تعالى: «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وقوله تعالى: «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا»، فالتعايش والتواصل يحتاجان إلى الحوار وإزالة سوء الفهم، ونحن نتمسك بالحوار كاستراتيجية للتواصل والتعارف وتحقيق المنافع.