مؤتمرون في القاهرة: الإعلام لعب دورا رئيسيا في انتشار التطرف والتشدد بين الشباب

الأزهر يدرس إطلاق قناة دينية لمواجهة فتاوى مشايخ الفضائيات

TT

استمرارا للحرب الدائرة والنزاع المستمر على شرعية أي منهما له حق الفتوى وإبداء الآراء الدينية، شدد علماء دين أزهريون وبعض الباحثين على أن ظاهرة تضارب الفتوى التي تشهدها الساحة الآن، والظهور المتزايد والمستمر للدعاة الجدد أو مشايخ الفضائيات، كما يطلقون عليهم هو من صنيع الفضائيات العربية.

وطالب العلماء الإعلام الرسمي والمؤسسة الدينية الرسمية بالتصدي لتلك الظاهرة، كما انتقدوا تراجع دوريهما في مواجهتها، وعدم التنسيق بينهما لتبني برامج إعلامية جادة تنشر الثقافة والموعظة الدينية بطريقة غير تقليدية، تكشف في الوقت نفسه حقيقة الفكر الخاطئ الذي تروج له الفضائيات.

جاء ذلك خلال المؤتمر الذي نظمه أخيرا المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية في القاهرة بعنوان «دور وتأثير القنوات الفضائية على توجهات الرأي العام ونشر أفكار التطرف» وشارك فيه علماء وباحثون من شتى الدول العربية.

من ناحية أخرى يدرس الأزهر حاليا اقتراحا تقدمت به لجنة الشؤون الدينية في البرلمان المصري إلى مجمع البحوث الإسلامية بإطلاق قناة فضائية دينية للأزهر مهمتها تصحيح بعض المفاهيم الإسلامية الخاصة بالمعاملات والعبادات للمسلمين وغير المسلمين، ونشر تعاليم الإسلام الصحيحة للتأكيد على وسطيته، وترسيخ تعاليمه في دعم الوحدة الوطنية، والعمل على مواجهة التحديات التي? ?تواجه الأمة الإسلامية، والرد على المفاهيم المغلوطة التي تبثها الفضائيات الدينية المتطرفة? و?التي? تحاول أن ?تعبث بعقول مشاهديها، فضلا عن بث فتاوى? ?لا تستند إلى أدلة صحيحة من الكتاب أو السنة النبوية مما يؤدي لنشر البلبلة والفتنة.

وقالت مصادر ذات صلة بالأزهر إن القناة ستعمل في إطار هدفها الأساسي على تنوير المجتمع وتسليحه بقيم الإسلام الحضاري، ونشر قيم التسامح?، والتعريف الحقيقي برسالة الأنبياء والرسل. ومن أهداف القناة أيضا إنتاج مسلسلات وأفلام ترصد التاريخ الإسلامي بشكل مبسط? ?يفهمه العالم بدلا من الأعمال الدرامية التي تسيء? ?للإسلام، فضلا عن البرامج? الأخرى التي ?يتحدث فيها العلماء المستنيرون في قضايا عصرهم?.? وأكد الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس لجنة الشؤون الدينية في البرلمان المصري أن الحكومة المصرية قد وعدت باتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لكي تخرج قناة الأزهر للنور وتقوم بدورها في? ?نشر اعتدال وسماحة الإسلام،? مؤكدا أن القناة الجديدة ستغير الرسالة الإعلامية للبرامج الدينية، وتكون بمثابة تجمع لكل المسلمين في أنحاء العالم وتطبق حقوق الإنسان في أهدافها السامية.

من جانبه اقترح الدكتور سالم عبد الجليل وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية لمواجهة ظاهرة الإفتاء والدعوة عبر الفضائيات ضرورة أن تنهض المؤسسات الدينية الرسمية في عالمنا العربي والإسلامي بالخطاب الديني والفتوى، خاصة أن كثيرا من أصحاب الفكر المتشدد يستغلون الثورة المعلوماتية سواء كانت الفضائيات أو غيرها من وسائل الإعلام الأخرى لنشر فكرهم.

وأضاف قائلا: «من بين الخطط الاستراتيجية التي يجب أن تتبناها الجهات المعنية الاهتمام بتدريب الدعاة المتخصصين على تجديد خطابهم الديني، وتعليمهم أصول الفتوى وما يقتضيه الحال لجذب الجماهير الذين انجرفوا خلف الأصوات المتشددة، فضلا عن ذلك لابد من تبني فكرة الدراما لنشر الإسلام المعتدل الوسطي بقيمه النبيلة التي تراعي حقوق الإنسان كإنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو دينه، وتطبيق فكرة صناعة نجوم الدعوة كما فعلت هذه القنوات، ولكن بمواصفات أكثر دقة لكي يلعب هؤلاء النجوم، دورا فاعلا في تعميق المفهوم الصحيح للتدين الذي يعنى بربط الدين بواقع الأمة، والإسهام في إيجاد الحلول لما تعانيه من مشكلات يومية، وإعادة تشكيل وعي المسلم وفهمه وتصوراته ورؤاه وفق عقيدة الإسلام الصحيحة».

ومن جانبه ناشد الدكتور إسماعيل الدفتار الأستاذ بجامعة الأزهر عضو مجلس الشورى المصري القائمين على أمر هذه الفضائيات بالالتزام بما جاء في ميثاق الشرف الإعلامي بالبعد عن نشر القضايا الخلافية التي تثير البلبلة والاضطراب الفكري عند المسلمين، مؤكدا أن هذه الفضائيات الدينية قد لعبت دوراً بالغ الأثر في المشهد الإسلامي، فهي الوسيط الذي صنع ظاهرة الدعاة الجدد أهم الظواهر الدينية في العقد الأخير، كما أحدثت تغييرات جذرية في نمط التدين السائد واتجاهاته.

ويرى اللواء احمد فخر رئيس المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية أن انتشار هذه الفضائيات بشكلها الحالي والتنافس فيما بينها قد دعاها إلى السعي لجذب العناصر ذات الحضور الإعلامي من المتخصصين والهواة بدعوى إنشاء مساحة واسعة لحرية الرأي، وكان نتيجة ذلك أن كثيرا من الهواة الذين لا يملكون ناصية التحليل السياسي والاقتصادي والمعرفة العميقة بسماحة الأديان قد ساهموا أو روجوا لأفكار مغلوطة سياسيا ودينيا، وأثروا بالتالي في قطاعات الرأي العام بخاصة الشباب، مثل الخلط بين مفهوم الجهاد والإرهاب والعنف والقتل، وإبداء الفتاوى في شكليات الدين بدون دراية دراسية أو علمية في هذه المجالات.