الأمين العام لمجلس الشؤون الإسلامية في القاهرة: نجاح الحوار بين الغرب والعالم الإسلامي مرهون بالاحترام المتبادل

د. محمد الشحات الجندي أكد الحرص على صلات قوية مع الجاليات المسلمة

جانب من أحد المؤتمرات الإسلامية في القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

شدد الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة على أهمية الحوار بين العالم الإسلامي والغرب بهدف تنمية علاقات التعاون البناء بين الطرفين وفق ضوابط قائمة على الاحترام والتفاهم، واختفاء ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا العالمين العربي والإسلامي.

واعتبر الدكتور الجندي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أن انتشار ظاهرة «إسلاموفوبيا» أو الخوف من الإسلام أخطر تحد يواجه المسلمين في المجتمعات الغربية نتيجة لما يثار من مفاهيم مغلوطة عن الإسلام، من خلال الإعلام أو المناهج الدراسية التي ترسخ في ذهن المجتمعات الغربية بأن الإسلام تخلف وظلامية ورجعية، وأنه يمثل العنف والإرهاب والتدمير، مطالبا العالم الإسلامي بتبني خطط محكمة لمواجهة هذا التحدي الخطير».

كما تطرق الدكتور الجندي في حديثه إلى بعض القضايا المثارة على الساحة الإسلامية ودور المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة خلال المرحلة المقبلة في مواجهة التحديات الراهنة، وفيما يلي نص الحوار:

* منذ أن توليتم مسؤولية الأمانة العامة للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية منذ أشهر قليلة أعلنتم عن خطة لتفعيل نشاط المجلس ولجانه، ما ملامح هذه الخطة، خاصة الدور الذي يؤديه المجلس لخدمة الجاليات الإسلامية في الخارج؟

ـ هذا صحيح، خطة عمل المجلس الحالية لا تختلف كثيرا عما كانت عليه في الماضي، لكن الجديد في هذا الأمر هو تصورنا لكيفية تفعيل هذه الخطة، لأن طبيعة عمل المجلس هي أن يتولى التعريف بالإسلام في الداخل والخارج، وذلك من خلال عدة لجان في كافة التخصصات مثل لجان القرآن والسنة والسيرة والتاريخ الإسلامي والدراسات الفقهية والفكر الإسلامي والمرأة والإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ولذلك نحاول خلال هذه الفترة أن يعمل المجلس من خلال هذه اللجان على التعريف بالإسلام الصحيح في الداخل والخارج بطريقة سهلة ومبسطة بعيدا عن الخلافات الفقهية، فهناك إصدارات وموسوعات شهرية تصدر عن المجلس نعمل على ترجمتها إلى جميع اللغات الحية، فضلا عن أن هذه الإصدارات والموسوعات تمثل ثروة علمية هائلة، بالإضافة إلى أننا نعمل جاهدين لتفعيل دور المجلس في التواصل مع المسلمين في الخارج من خلال آليات مختلفة، فنحن نعمل على نشر الدعوة الإسلامية باللغات الأجنبية المختلفة في مختلف دول العالم الغربي ليتعرفوا علي حقيقة الإسلام. أيضا نعمل على إعداد ندوات وملتقيات تهم الشأن العام في مصر، وفي هذا الصدد أعد المجلس من خلال لجانه المتخصصة مشروع قانون للرؤية والحضانة، كما أننا نعد الآن لعمل برنامج دعوي وتعريفي عن عروبة القدس وتاريخها الإسلامي وذلك بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي والمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.

* وماذا عن الجاليات الإسلامية؟ ـ إننا نحرص الآن على أن تكون لنا صلات قوية مع الجاليات والمجتمعات المسلمة في الدول الأوروبية والأميركية، ولدينا في المجلس لجنة للعلاقات الخارجية وهناك إدارة لذلك، كما أن لدينا تعاونا مع مختلف المنظمات والهيئات الإسلامية العاملة في مجال الدعوة في أوروبا وأميركا، ونقوم بالتنسيق معها ونقوم بدعوتها إلى مؤتمرات المجلس، ونقوم بدعم علاقتنا بهم باستمرار، ونعمل على معرفة مشكلاتهم، ونقوم بإمدادهم بكافة ما يحتاجون إليه من مطبوعات مترجمة عن الإسلام.

* المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ينظم مؤتمرا دوليا سنويا، وهذا المؤتمر عادة ما يسفر عن توصيات مهمة، هل يتم تفعيل هذه التوصيات؟

ـ نعم يتم رفع هذه التوصيات إلى الجهات المختصة، فمثلا المؤتمر قبل الماضي كان من بين توصياته ضرورة إنشاء قناة فضائية إسلامية تبث برامج باللغات المختلفة للتعريف بالإسلام الصحيح خاصة في الغرب، وأجرينا الاتصالات في منظمة المؤتمر الإسلامي، وطلبنا منهم أن نتعاون معا، حتى تخرج هذه القناة التي تتحدث باسم العالم الإسلامي وتفند الشبهات ضد الإسلام، فكان الرد إيجابيا، إذ قالوا إننا وضعنا هذا الاقتراح على جدول أعمال المنظمة، أي إنهم سيعرضون ذلك الاقتراح على الحكومات خلال المؤتمر القادم للمنظمة.

* هل المجلس يقوم بأي نشاط في مجالات الحوار، وكيف تري مستقبل الحوار بين الغرب والعالم الإسلامي؟

ـ بالتأكيد، فلدينا نشاط واسع في مسألة الحوار مع الغرب، بل لدينا لجنة متخصصة في المجلس للحوار يطلق عليها لجنة الحوار والعلاقات الخارجية ويترأسها الدكتور علي السمان وتضم نخبة متميزة من العلماء والمفكرين الإسلاميين، وذلك لأهمية الحوار مع الغرب، فهناك قضايا ومصالح مشتركة بيننا وبين الغرب، ونحن نعمل للتعاون البناء مع الغرب وفق ضوابط واحترام بعضنا بعضا، وهذا لن يكون إلا بالحوار والتفاهم، ومن خلال الحوار نطالب الغرب بأن يسلم بحقوق العرب والمسلمين طالما ينادي بحقوق الإنسان، وأن تختفي ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا العالم العربي والإسلامي، وألا تكون حقوق الإنسان غير المسلم هي المرعية وهي التي تؤخذ في الاعتبار، وحقوق الإنسان العربي والمسلم لا تؤخذ في الاعتبار.

* لكن كيف نتحاور مع الغرب بشكل يوضح الإسلام الصحيح وموقفه من الشبهات التي تثار في الغرب ضد الإسلام؟

ـ كما ذكرت، فإن الحوار ضرورة ولا بديل عن الحوار، ويجب أن تكون استراتيجيتنا نحن المسلمين في تنمية علاقاتنا مع الغرب هو الحوار، فالحوار وسيلة للتعارف ونحن مأمورون به شرعا، وبالتالي عندما نتحاور مع الغرب علينا أن نبين للغرب أن الإسلام دين حرية وحضارة ولا يرفض الآخر، بل يحترمه، ويحترم حضارته وعقيدته إن كانت من منطلق أن الجميع أخوة في الإنسانية، وأن نبين موقف الإسلام من قضايا حقوق الإسلام وموقفه من الإرهاب، ونبين لهم أن الشريعة الإسلامية تنبذ العنف والإرهاب ضد المسلم وغير المسلم، وأن قتل النفس الإنسانية من دون وجه حق كقتل الإنسانية جميعا، كما أنه يجب أن نبحث القواسم المشتركة بيننا وبينهم من دون انتقاص لهويتنا الدينية والحضارية، وأن يكون الحوار للمصالح المشتركة، وذلك مهم جدا، فالغرب، كما قلت، لديه مصلحة عامة عند العرب والمسلمين، والعكس، فتبادل المنافع أمر ضروري، ونحن نعيش في عصر التكتلات الكبرى.

* مصطلح «إسلاموفوبيا» أو الخوف من الإسلام من أخطر التحديات التي يواجها المسلمين في المجتمعات الغربية نتيجة لما يثار من مفاهيم مغلوطة عن الإسلام، ما دور المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مواجهة هذا التحدي؟ وما الذي ينبغي أن تقوم به المؤسسات الدينية الأخرى في العالم الإسلامي؟

ـ للأسف هناك ثقافة سلبية عن الإسلام تنتشر في الغرب، وتصور الإسلام للإنسان الغربي بشكل مغلوط على نحو ما يدل عليه مصطلح «إسلاموفوبيا»، وذلك من خلال الإعلام أو المناهج الدراسية التي ترسخ في ذهن المجتمعات الغربية بأن الإسلام تخلف وظلامية ورجعية، وأنه يمثل العنف والإرهاب والقتل والتدمير، وهذا يمثل تحديا كبيرا يجب أن يحشد له العالم الإسلامي جهود جبارة، عن طريق الحوار وتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة، فضلا عن ذلك يجب أن تكثف المؤسسات الإسلامية من تدريب الدعاة وتأهيلهم لبيان صحيح الإسلام والرد على الشبهات بطرق علمية، بالإضافة إلى رصد هذه الشبهات والرد عليها بالحوار، بعيدا عن الانفعالات وردود الأفعال الوقتية، وإبراز القيم الإسلامية التي تساهم في صنع السلام العالمي، وتقف في وجه الإرهاب.

* وماذا عن دور المجلس؟ ـ نحن في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، كما ذكرت في بداية حديثي، نعمل بشتى الطرق لنوصل للغرب رسالة مفادها أن الإسلام دين سلام، والإسلام أسيء فهمه، ونحاول دعم الجاليات المسلمة في الغرب، لأنها بمثابة رأس الحربة وهم أيضا بمثابة سفراء حقيقيين للإسلام في الغرب.