مصر: جدل فقهي بسبب فتوى بجواز استخدام العطور المحتوية على كحول

مفتي الديار المصرية: الخمر طاهر وإن كان محرما

TT

أثارت فتوى للدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية بجواز استخدام العطور التي يدخل في تركيبها نسبة كحول جدلا فقهيا بين علماء الأزهر ما بين مؤيد ومعارض، حيث يرى بعض العلماء أن استخدام العطور للتطيب والاستفادة من رائحتها حرام شرعا وذلك لأنها تحتوي على الكحول وهو مادة مسكرة ومحرمة شرعا. بينما يرى بعض العلماء أن استخدام العطور المحتوية على الكحول جائز شرعا لأنه لا يتم تناولها كالطعام أو المشروبات، وإنما تستعمل من أجل التنعم بالرائحة العطرية، فضلا عن أن الكحول وإن كان يستخدم في صناعة الخمور إلا أنه طاهر.

وتقول الفتوى التي تضمنها كتاب بعنوان «فتاوى البيت المسلم» أصدره الدكتور جمعة أخيرا: «إن المقرر شرعا، هو أن الأصل في الأعيان الطهارة، ولا يلزم كون الشيء محرما أن يكون نجسا، لأن التنجيس حكم شرعي لا بد له من دليل مستقل، وقد ذهب بعض الفقهاء ومنهم ربيعة والليث بن سعد وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين إلى أن الخمر، وإن كان محرما، إلا أنه طاهر، وأن المحرم إنما هو شربها خلافا للجمهور الذين يقولون (إنها محرمة ونجسة)». وأضافت الفتوى: «إنه بالنظر إلى العطور في ضوء القواعد الفقهية العامة، نجد أنها تتكون من عدة عناصر: أهمها الماء والمادة العطرية والكحول، وهو يمثل أعلى نسبة في تركيبها، وغالبا ما يستخلص من مولاس القصب بواسطة التقطير. وأنه طبقا للنصوص الفقهية، فإن الأصل في الأعيان الطهارة وأن التحريم لا يلازم النجاسة، فتكون العطور طاهرة، وبخاصة أنها معدة للتنظيف والتطيب، ومن ثم يكون استعمالها جائزا شرعا ولا تأثير لاستعمالها على نقض الوضوء».

وفي تعليقه على هذه الفتوى، قال الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في القاهرة والخبير الفقهي في المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة: «إنه لا يجوز شرعا استخدام العطور أو اللوسيونات التي يدخل في تركيبها الكحول للتعطير، وذلك لأن الكحول يشكل مكونا أساسيا لمحتوى العطور، حيث يمثل نسبة أكثر من 90 في المائة من مكوناتها، والنسبة المتبقية هي عبارة عن الزيوت الطيارة ونحوها من المواد التي تعطي الرائحة المميزة لهذه المواد المعطرة. وليس صحيحا أنه يدخل في تكوينها الماء كما ورد في الفتوى». وأشار إلى أن الكحول الذي تشتمل عليه المواد العطرية هو ذاته الذي يسبب السكر الذي تؤدي إليه الخمور المنتشرة الآن. وقال: «ولذا، فإن بعض السفهاء يعمدون إلى شرب العطور للاستعاضة عن شرب الخمور، ودليل التحريم هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام». وأضاف أن القول بنجاسة هذا الكحول الذي يدخل في هذه المواد العطرية ليس هو في حرمة تناولها وإنما دليل نجاستها كما ورد في قول الله تعالى: «إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه» فالله تعالى قد أخبر بأن الخمر رجس، والرجس هو النجس، ومن ثم فإن نجاسة الخمر ليست مبنية على تحريم كما ورد خطأ في الفتوى، وإنما نجاسة الخمر ثبتت بقول الله تعالى:: «إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس..» ومن ثم فإن هذا الرجس الذي نصت عليه الآية الكريمة لا يحكم عليه في الأشياء، لأن هذا النص هو حكم في المسألة، ومن ثم فلا وجه للاستدلال على طهارة الخمر أو الكحول. وقال الدكتور إدريس إن القاعدة التي استدل بها صاحب الفتوى محل خلاف بين العلماء، وذلك لأن القول بأن الأصل في الأعيان الطهارة قاعدة لا يسلم بها على إطلاقها، وليست قاعدة متفق عليها بين الفقهاء كما أن الكحول ونحوه ليس معدا للطهارة. من جانبه يرى الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح الأستاذ في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر بالقاهرة أن استخدام العطور المحتوية على الكحول جائز شرعا لأنها لا تستخدم كمطعومات أو مشروبات وإنما من أجل شم الرائحة العطرية البديعة، فضلا عن أن الكحول، وإن كان يستخدم في صناعة الخمور إلا أنه طاهر في حد ذاته.