عميدة كلية أصول الدين في جاكرتا: إتاحة الفرصة للمرأة المسلمة لتتبوأ المكانة المناسبة فريضة إسلامية

فائزة شبراماليسى: الشريعة لا يوجد فيها ما يمنع المرأة من تولي منصب الرئاسة

الإسلام فرض على المسلمين الحوار مع غيرهم من ذوي العقائد الأخرى («الشرق الاوسط»)
TT

أكدت الدكتورة فائزة شبراماليسى، عميدة كلية أصول الدين في جامعة علوم القرآن بجاكرتا، عضو مجلس العلماء في إندونيسيا، أنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية ما يمنع المرأة من تولي أرفع المناصب القيادية ما دامت توافرت فيها الصفات المناسبة، والخبرة اللازمة، بما في ذلك منصب الرئاسة، مشيرة إلي الاختلاف بين منصب الإمامة ومنصب الرئاسة. كما طالبت بإتاحة الفرصة للمرأة المسلمة لتتبوأ المكانة المناسبة وتلتحق بالوظائف التي تستطيع من خلالها أداء دورها، لكي نثبت للغرب أن الإسلام دين تقدم وحرية، ولم يفرض قيودا على المرأة، بل كرمها وأعطاها كل الحقوق.

وقالت الدكتورة فائزة شبراماليسى، في حديث لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركتها في الملتقى الدولي الرابع لخريجي الأزهر الذي نظمته الرابطة العالمية لخريجي الأزهر بعنوان (الأزهر والغرب.. ضوابط الحوار وحدوده) في القاهرة أخيرا، إنه يجب علينا أن نبين لغير المسلمين ونثبت لهم عمليا أن شريعة الإسلام أعظم شريعة على وجه الأرض.

* ما تعليقك على ما يثار في وسائل الإعلام الغربي من أن الإسلام قد فرض قيودا على المرأة ولم يساو بينها وبين الرجل في الحقوق، خاصة في تولي المناصب القيادية؟

ـ الإسلام دين تقدم وحرية، ولم يفرض قيودا على المرأة، بل كرمها وأعطاها كل الحقوق، لكن المؤسف أن هناك بعض القيود التي فرضتها العادات والتقاليد على المرأة في بعض المجتمعات الإسلامية وتوارثتها الأجيال الحالية واعتبرتها جزءا من الدين، وبالتالي أساءت إلى الإسلام، وجعلت غير المسلمين ينظرون إلى المرأة المسلمة على أنها أسيرة لدى الرجل تحتاج إلى الحرية. إن الشريعة الإسلامية لم تحرم على المرأة تولي المناصب القيادية بما فيها رئاسة الدولة ما دامت توفرت لديها الكفاءة والخبرة اللازمة لذلك، والتاريخ الإسلامي مليء بالنساء النابغات في مختلف المجالات، فكانت المرأة مفتية، وكانت تشارك بالرأي في كثير من أمور الدولة، واشتهر كثير من النساء في عهد النبي والصحابة بالعلم والفقه وتعلم العلوم النافعة، وبالتالي فإنه يجب علينا الرجوع إلى أصول الإسلام الصحيحة وعصوره الأولى في التعامل مع قضية المرأة لتصحيح كثير من المفاهيم السائدة عن صورة المرأة في الإسلام.

* لكن بعض العلماء المسلمين يحرمون على المرأة تولي منصب رئاسة الدولة ومساواة هذا المنصب بالإمامة العظمى في الإسلام، مستندين في ذلك إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا يفلح قوم ولوا أمورهم امرأة»؟

ـ هذا غير صحيح، لأن هناك فرقا بين الإمامة العظمى (الخلافة) وبين رئاسة الدولة، فقد أجمع علماء المسلمين على عدم جواز تولي المرأة للإمامة العظمى، أما رئاسة الدولة فلا حرج في أن تتولى المرأة هذا المنصب، إذا رأى أهل الحل والعقد (أعضاء البرلمان في الدولة الحديثة) صلاحيتها لذلك المنصب، على أن تكون مؤهلة ومختارة من قبل الشعب، فلا مانع شرعا من تولي المرأة رئاسة الدولة.. فضلا عن أن الرئاسة تختلف عن الإمامة العظمى في أن الإمامة العظمى تشترط الذكورة، كما أن منصب رئيس الدولة لا يجعل الرئيس منفردا بمهام الحكم وحده، بل توجد معه أجهزة أخرى معاونة له في الحكم ورسم السياسات.

* وأنت تشاركين في مؤتمر للحوار بين الإسلام والغرب، ما هي جدوى هذه المؤتمرات، حيث يرى البعض أنه لا جدوى من الحوار ما دام الغرب لم يتوقف عن الإساءة للإسلام.. فما تعليقك؟

ـ نحن المسلمين مأمورون بالحوار مع غير المسلمين أيا كانت عقائدهم، لأن الإسلام قد فرض علينا ذلك في قول الله تعالى «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا»، فالحوار وسيلة للتعارف، وأنه على الرغم من إساءة الغرب للإسلام نتيجة جهل الكثيرين منهم بالإسلام فإننا لابد أن نستمر في الحوار لتحقيق التعارف الذي قال به القرآن الكريم، ومن ثم فنحن المسلمين علينا واجبات لتفعيل الحوار حتى نجني من ورائه الثمار المرجوة.

* وهل توجد واجبات على العالم الإسلامي في هذا الحوار؟

بالتأكيد.. ومن بين هذه الأمور الواجبة علينا لندفع بالحوار في الاتجاه الصحيح تطوير خطابنا الديني والثقافي والإعلامي الموجه للغرب، ونحن بهذه المناسبة نرحب بإطلاق قناة فضائية إسلامية يطلق عليها اسم (أزهري) مع بداية شهر رمضان المقبل. ونتمنى أن تكون بداية لتتابع إطلاق فضائيات أخرى تخاطب مسلمي العالم وغير المسلمين على حد سواء، لتقديم فهم أفضل للإسلام وللعالم الإسلامي. أيضا يجب مراجعة الخطابات السياسية والثقافية العربية والإسلامية المنغلقة والمتشددة التي تولد سوء الظن بين أبناء الحضارات المختلفة، وتوفر خطابا مرنا في مواجهة الغرب بدلا من تبني خطاب الانعزال خوفا من الغزو الثقافي للآخر، خاصة أن الإسلام يأمر بالتعارف والتواصل المستمر مع الشعوب كافة، والتعلم من إنجازات الغرب. علما بأن الاتجاهات التي تمنع الاطلاع على ثقافة الغير تمنح الفرصة لبعض الأصوات بالغرب أن تهاجم الإسلام وتصفه بالانغلاق وعدم التسامح.

* وما هي فرص نجاح هذا الحوار في تقديرك؟

لدينا اليوم فرصة كبيرة علينا انتهازها للتواصل مع الغرب، وتتمثل في وصول الرئيس باراك أوباما لقمة السلطة في الولايات المتحدة. الرئيس الأمريكي يبدو مهتما بالحوار مع العالم الإسلامي للتعرف على جوهر الحضارة الإسلامية وحقيقة قيمها الإنسانية، هذا الاهتمام الذي يبديه لا يخلو من محبة وتسامح وانفتاح على الآخر.