باحثون مصريون يطالبون بتجديد الخطاب الديني واستلهام أفكار محمد عبده

في ندوة بمناسبة صدور أعماله الكاملة

جانب من ندوة حول كتاب المجموعة الكاملة للإمام محمد عبده («الشرق الأوسط»)
TT

دعا باحثون مصريون إلى أهمية تجديد الخطاب الديني في إطلاق قوى التغيير في البلاد العربية والإسلامية، وفض الإشكاليات الملتبسة حول الدين الإسلامي، واستخدامه كتجارة لتحقيق أغراض شخصية.

وانتقد الباحثون ممن شاركوا في الندوة، التي أقامتها الهيئة المصرية العامة للكتاب أخيرا، ودارت حول كتاب المجموعة الكاملة للإمام محمد عبده، الذي أصدرته الهيئة في خمسة أجزاء، عجز النخبة المثقفة في إعادة قراءة التاريخ أو صياغته من جديد. من جانبه وصف الباحث الدكتور عمار علي حسن، الإصلاح عند محمد عبده بأنه إصلاح يرتبط باللغة. وقال: إنه كان يدعو في أعماله إلى تطوير الفهم الديني، وإصلاح اللغة، ما يؤكد أهمية اللغة كمفصل بين الاصطلاحين يستحق التوقف.

وأضاف أن فكر الإصلاح عند عبده، علاوة على ذلك، يكمن في اهتمامه بالتوعية السياسية، وأن يدرك الناس أن الحاكم غير معصوم من الخطأ. لافتا إلى أنه كان يهدف إلى التخلص من الفهم التقليدي للدين، «وكان يدرك جيدا أنه لا يمكن أن نغير الخطاب الديني إلا بتطوير فهم الناس للدين».

ورأى الدكتور حسن أن خطاب محمد عبده كان يقوم على أساليب الاحتجاج التي كان يستخدمها، حيث يجعل العقل هو الأساس، وهو الطريقة التي كان يتعامل بها مع النصوص التي يأخذها من السابقين، إلى جانب التفاسير والتعامل مع تأويل النص القرآني.

وأوضح أن محمد عبده كان يختار للأنواع التي استخدمها في خطابه، أن تكون محكومة بعناصر عدة، أهمها تعلقه بالجمهور وفهمه للخطاب، والتمسك بالتدريس، وأنه كان يستهدف تحقيق إصلاح نخبوي، «أي الإصلاح في مستوى محدد، واهتمامه بإصلاح التعليم وإصلاح الأزهر، إلا أنه لم تتح له الظروف السياسية ولا الاجتماعية لاتخاذ هذا النوع أساسا لخطابه».

من جانبه لفت الباحث الدكتور عماد عبد اللطيف إلى أن الإمام محمد عبده كان يكتب في جريدة «الوقائع المصرية» ومن خلالها كتب مقالات عالجت موضوعات متعددة تتعلق بالدين والسياسة.

وأرجع الدكتور عبد اللطيف قلة الخطب لدى الإمام في فترة ما بعد رجوعه إلى مصر، عائدا منها من المنفى، نتيجة لما ترتب على ذلك من تقييد لحريته. موضحا أننا لم نتجاوز الحالة الاجتماعية التي وقف عندها محمد عبده، وأن الجمود وعدم التطور الذي نشهده حاليا يؤديان إلى الحنين للحظة التاريخية وفترة النهضة التي عاشتها مصر أثناء خطاب أستاذه الأفغاني.

وعلى ذلك أوضح الباحث أن خطاب محمد عبده، برمته لا يصلح لوقتنا الراهن وربما يكون أصلح منه خطاب أستاذه جمال الدين الأفغاني. مشيرا إلى أن النخب التي صنعت تاريخ الإنسانية، لم تعد قادرة على صناعة التاريخ.

ورغم ذلك أكد الدكتور عبد اللطيف أن خطاب محمد عبده عني بالتسامح وكان يؤمن بوجود اعتقادات متعددة وتحدث كثيرا عن حرية الاعتقاد،«وهذا الخطاب مهم لعلاج الاحتقان الطائفي الذي نعيش فيه الآن، فكان عبده مدركا للفرق بين التسامح والتساهل وكان معنيا بالرد على الأباطيل والشبهات التي يواجهها الإسلام».