باحثة أميركية: تصحيح صورة الإسلام يتطلب تطوير الخطاب الديني في العالم الإسلامي

عائشة هنري لـ «الشرق الأوسط» : البعض يتعمد تشويه صورته

الباحثة الأميركية د. عائشة هنري («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت الباحثة الأميركية الدكتورة عائشة هنري، أهمية تأهيل العلماء والدعاة المسلمين الذين يذهبون في بعثات إلى الغرب، على إجادة فن الحوار ومعرفة ثقافة الخطاب ولغته مع الغربيين، لافتة إلى أهمية تطوير الخطاب الديني في العالم الإسلامي، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام. ووصفت الحملة التي يتعرض لها الإسلام في الغرب بأنها مخطط خفي لعرقلة انتشار الإسلام في الأوساط الغربية والأميركية.

وقالت الدكتورة عائشة هنري لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركتها في مؤتمر نظمته الرابطة العالمية لخريجي الأزهر بالقاهرة أخيرا، إن الإسلام يملك قوة روحية دافعة لكل مقومات الحضارة والتقدم، وإن كل من يعرف حقيقة الإسلام من غير المسلمين في الغرب والولايات المتحدة الأميركية ينجذب إليه بقوة واقتناع، خاصة أن الدين الإسلامي جاء برسالة عالمية خاتمة لكل الأديان السماوية، وجاء بتشريعات تتلاءم مع الفطرة الإنسانية ومع الواقع المعاصر..

* ما تفسيرك للحملة الشعواء المثارة ضد الإسلام في الغرب؟

- نعم بصفتي مسلمة أميركية اعتنقت الإسلام منذ أكثر من ثلاثين عاما، كنت في المرحلة التي سبقت اعتناقي للإسلام وحتى بعد اعتناقي للإسلام، اقرأ واسمع من حين لآخر عن الإسلام بأنه دين يدعو أتباعه إلى التأخر وإلى الكسل والحياة البدائية والجري وراء إشباع الملذات والشهوات من النساء، وغير ذلك من الأوصاف المنفرة، فضلا عن تصوير السلبيات التي يرتكبها بعض المسلمين في أي مكان في العالم على أنها هي من تعاليم الدين الإسلامي، والعمل على تعميم هذه السيئات وتضخيمها أحيانا نكاية بالإسلام والمسلمين، وبعد أن هداني الله عز وجل إلى الإسلام تعرفت على السبب الرئيسي الذي جعل مؤسسات ومنظمات معينة في الغرب تسعى لإعطاء فكرة سيئة عن الإسلام، وتتعمد تشويه صورته النقية، عن طريق إبداع مخططات لعرقلة انتشار الإسلام في الأوساط الغربية والأميركية بعد أن أخذ في الانتشار بسرعة مذهلة، خاصة بعد وقوع أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة، وانتشار ظاهرة الخوف من الإسلام واتهامه بالإرهاب.. هذا جعل كثيراً من الأميركيين وغيرهم في بلاد الغرب يبحثون ويقرأون لمعرفة ما هو الإسلام، وإلام يدعو، وهل صحيح أنه دين يدعو إلى الإرهاب؟ وبعد أن عرفوا ما هو الإسلام وجدنا أن كثيرا منهم اعتنق الإسلام، لأنهم وجدوا أنه دين سلام وليس فيه إرهاب، والذي لم يعتنق الإسلام وقف موقفا منصفا بعد أن تغيرت الصورة السلبية لديه عن الإسلام.. والذي لم يقرأ ولم يبحث، وأخذ معلوماته عن الإسلام من خلال وسائل الإعلام والكتابات المغرضة، بقيت الصورة السلبية عن الإسلام لديه كما هي.

* و كيف يمكن تصحيح هذه الصورة السلبية التي يحاول الإعلام الغربي ترسيخها في الأذهان؟

- هذا يجب أن يتم من خلال عدة طرق.. أولا عن طريق إبراز الصورة الصحيحة بالحوار، وكذلك إبراز القيم النافعة التي جاء بها الإسلام للإنسانية جمعاء، كالرحمة والكرم وعدم التفرقة بين إنسان وإنسان، بغض النظر عن لونه وجنسه وعقيدته. ويجب على المسلمين عرض الإسلام وشرح مفاهيمه بطريقة صحيحة.. ثانيا لا بد عقد حوارات ولقاءات مع غير المسلمين لبيان حقيقة الإسلام بشرط ألا يكون الحوار في العقائد أو مقارنة عقيدة بعقيدة أخرى، لكن يجب أن ينصب موضوع الحوار على القيم المشتركة التي جاءت الأديان السماوية من أجلها، وتدعو إلى التعايش بين الناس بسلام.. كذلك يجب ألا يتطرق المتحاورون في حوار أتباع الأديان إلى ما يقوله تراث كل عقيدة عن المعتقد في الله، لكن المهم في هذا الأمر ما يقوله هذا الدين أو ذاك من تعليمات لإصلاح الإنسان وضمان حياة كريمة له. أيضا يجب على المسلمين، لتصحيح صورة الإسلام، أن يقدموا المعاني المستبطنة التي جاء بها الإسلام، والتي يمكن أن ينجذب الناس من خلالها إلى الإسلام، مثل المعاملة الطيبة وحسن الخلق، وكل سلوك حسن يمثل الإسلام قولا وفعلا.

* ما هو توقعك لمستقبل الإسلام في أميركا والغرب خلال السنوات المقبلة؟

- مستقبل الإسلام، سواء في الغرب أو أي بلد آخر في العالم، يبشر بالخير، ذلك لأن الإسلام يتميز بخاصية مهمة لا تتوفر في أي ديانة أخرى، وهى صفة العالمية، وصلاحيته لكل زمان ومكان.. والإسلام يملك منهجا متكاملا للحياة، فيجب ألا نخشى على الإسلام، لكن المطلوب منا نحن المسلمين أن نعمل لخدمة ديننا بإخلاص وتفانٍ، وأن نقدم النماذج الطيبة التي تصور للناس الإسلام الصحيح، وذلك من خلال الدعاة المهرة الذين يجيدون فن الدعوة إلى الله بيسر وسهولة.

* ما هو دورك كامرأة مسلمة في تبليغ كلمة الإسلام إلى غير المسلمين في مجتمعك الأميركي؟

- أي مسلم، سواء أكان رجلا أو امرأة، يجب أن يعلم أنه مطالب بنصرة دينه والدفاع عنه، خاصة في الوقت الحالي الذي يتعرض فيه الإسلام لهجوم عنيف، فمثلا قمت منذ أن أسلمت بتأسيس جمعية في الولايات الأميركية تحت اسم «جمعية النصوص الإسلامية»، وهي تابعة لدار نشر خاصة بي اسمها «الكوثر»، وفي «جمعية النصوص الأميركية» نترجم ونطبع بعض كتب الفقه على المذاهب الأربعة، وكتب ابن عطاء الله السكندري، وغيرها من المؤلفات وكتب التراث التي تعنى بتنمية الجانب الروحي في الإنسان، وقمنا أيضا بنشر هذه الكتب وتوزيعها على السجون والمصحات النفسية وكان لها رد فعل إيجابي.