إلا الوطن

TT

قرن الله في كتابه الإخراج من الوطن بقتل النفس فقال: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ) وحب الوطن واجب شرعي وفريضة إنسانية والدفاع عنه واجب مقدس، وخيانة الوطن جريمة كبرى والتنكر لحقه رذالة ونذالة، وعقوقه خيانة وتمرد وعمالة، يقول شوقي:

* وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ - يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم يحب وطنه ويشتاق لمكة وهو يمنع من دخولها، وتذرف عيناه وهو يودعها، ويقول بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم وأنفاسه تلتهب من لوعة فراقها: «والله يا مكة إنك من أحب بلاد الله إلي ولو أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت»، وكل حر أصيل مؤمن صادق يدافع عن وطنه ويذود عن حماه ويبذل روحه رخيصة في سبيل الله إذا استهدف معتقده أو وطنه، ونحن في السعودية تعرضت حدودنا لتسلل من الحوثيين المخالفين لإجماع الأمة الحاملين السلاح على المجتمع المسلم بأفكار غريبة ومشروع أجنبي، حينها وجب علينا أن نقول لهم: كلا وألف كلا لا تقتربوا من عرين الأسود ومهد البطولات وميلاد ثورة التوحيد وديار الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد والمثنى وسعد وحمزة ومحمد بن عبد الوهاب وعبد العزيز بن عبد الرحمن، فبلادنا لم ترضخ لمستعمر ولم تخضع لمستبد ولم ترض بعميل، فأرضنا أرض الفاتحين والمصلحين والمجاهدين والمجددين، ومن بلادنا أُرسلت رسالة النور والإيمان والعدل والسلام، وعلى صخور بلادنا تُحطم جماجم الطغاة وتُمزق أشلاء الغلاة، وتُسحق أنوف البغاة، وكما قال الشاعر خلف بن هذال:

* لأوامر القايد الأعلى تمثلنا - أرواحنا في سبيل الله نعربنها

* وإن دندنت طلبة الحرّاب دندنا - بآيات حقٍ علي وبلال دندنها

* ماذا ينتظر منا المعتدون الآثمون إذا أرادوا غزونا واستباحة حمانا؟ هل يظنون أنا سوف نرفع شكوى لمجلس الأمن أو احتجاجا لمنظمات حقوق الإنسان ونحن الذين علّمنا العالم فنون التضحية ودروس الفداء، ولقّنا الشعوب تعاليم النضال والكفاح عن الأوطان والذب عن القيم، فأول من قاد معركة التحرير والتنوير هو رسولنا صلى الله عليه وسلم من أرضنا الطاهرة، وسادة الفتوحات وأبطال الغزوات وُلدوا على تراب أوطاننا، فأرضنا قبلة العالم ومنبر الهداية ومنطلق الحرية وفجر التجديد ومهبط الوحي وميدان التوحيد، نحن بعنا أنفسنا من الله لحماية عقيدتنا وأوطاننا، وعُقدت البيعة بين الرسول صلى الله سلم وأجدادنا في المدينة ونص صك البيعة قوله تعالى : (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، قد نختلف نحن أبناء الوطن في وجهات النظر فيما بيننا وهذا أمر طبيعي ووارد شرعي، ولكن إذا قصد عقيدتنا قاصد أو هدد أوطاننا مهدد فنحن يد واحدة، وحينها ينتهي الخلاف بيننا وتُرفع وجهات النظر ونتحول إلى صف موحد وسيل عاتٍ جارف يدمر المعتدين، ونقول لكل شرذمة باغية هيهات أن تحتلوا شبراً من أرضنا أو تساومونا على شيء من ديننا، فدون ذلك قيام الساعة وخرق القتاد وسقوط الجماجم وأنهار الدماء، ونقول للسعوديين شكراً لوحدة الصف وسمو الهدف وجلالة الرسالة ونبل المشروع الإيماني الرباني الحضاري الذي تحملونه:

* أخي جاوز الظالمون المدى - فحق الجهاد وحق الفدا

* أنتركهم يغصبون العروبة - أرض الأبوة والسؤددا

* فجرد حسامك من غمده - فليس له اليوم أن يُغمدا ونقول لخادم الحرمين الشريفين سر بنا للدفاع عن الدين والوطن فنحن معك صفاً واحداً.