حجاج البيت الحرام يودعون مكة بعد موسم نجح «بلا حوادث»

أمتعتهم تعدت 100 ألف طن

المدينة البيضاء تودع حشود الحجاج في آخر أيام التشريق أمس (تصوير: محمد على)
TT

مع مغيب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، انتهت شرعيا مناسك الحج لعام 1430 هجريا، إذ غادر 2.3 مليون حاج من داخل وخارج السعودية المشاعر المقدسة، عقب موسم كسبت فيه الحكومة السعودية رهانها، معلنة منذ وقت مبكر استنفارا كاملا في كل الجهات المعنية بالحج.

وأعلنت السعودية على لسان الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية «نجاح موسم الحج لهذا العام، بلا حوادث».

واتجهت الأغلبية من الحجاج بعد خروجهم من مكة المكرمة نحو المدينة المنورة، إذ تشهد «طيبة» الفترة الثانية لموسم الحج في هذا العام، بعد أن شهدت الفترة الأولى التي زارها العدد الأقل من الحجاج القادمين من الخارج.

ويحمل ضيوف الرحمن أمتعتهم التي «ستتجاوز حاجز 100 ألف طن من الأمتعة» وذلك بحسب الدكتور عبد الإله جدع مشرف العلاقات العامة والإعلام في مكتب الوكلاء الموحد.

من جانبها، تعكف أمانة العاصمة المقدسة «بلدية مكة المكرمة» حاليا على اجتثاث أكثر 80 ألف طن من النفايات في المشاعر المقدسة، والتي خلفها الحجاج طوال خمسة أيام قضوها هناك، بعد أن استنفرت كل طاقتها لتنظيف مشعر منى وتفريغ المخازن متخلصة من النفايات بواسطة 6000 عامل و68 سيارة ضاغطة للنفايات و246 عربة نقل، وأكثر من 230 معدة مختلفة من صهاريج ومكانس الآلية وسحابات، وقد جهزت مسبقا 200 صندوق كهربائي ضاغط للنفايات، و131 مخزنا أرضيا يستوعب 15 طنا من النفايات، وذلك لتخزين النفايات المؤقت.

فيما هيأت الشركة السعودية للكهرباء خلال الموسم أحمالا كهربائية بلغت هذا العام 1977 ميغاوات، كما بلغ الحمل الأقصى يوم الوقفة بمشعر عرفات 43 ميغاوات، وسجل أقصى حمل كهربائي في مشعر منى ثاني أيام العيد بنحو 160 ميغاوات.

وسجلت وزارة الصحة 5 وفيات جراء إصابات بفيروس إنفلونزا الخنازير (AH1N1)، بينما وصلت الإصابات إلى 73 إحالة بحسب الدكتور عبد الله الربيعة وزير الصحة السعودي.

وفي إحصاء الوزارة لعدد المراجعات والحالات، قدمت وزارة الصحة الخدمات العلاجية لنحو 32 ألف مريض راجعوا مستشفيات ومراكز صحية تابعة للوزارة، وأشارت إلى أن نحو 65 ألف مريض تلقوا الخدمات عن طريق العيادات الخارجية للمستشفيات، إضافة إلى 27 ألف مريض استفادوا من الخدمات الطبية الميدانية والإسعافية، فضلا عن تنويم 2600 مريض.

وبلغت كميات المياه التي تم استهلاكها بمشعر منى اليوم 250 ألف متر مكعب، منها 190 ألف متر مكعب استهلكها الحجاج، و60 ألف متر مكعب استهلكت في المجازر والمياه المبردة المنتشرة في كامل أرجاء منى. ومن جانبها باشرت وزارة العدل السعودية 98 قضية، عبر 13 قاضيا خلال موسم الحج، موزعين بين المسجد الحرام والمشاعر المقدسة.

ووسط أجواء لطيفة شهدها اليوم السابع من شهر ذي الحجة، اتسعت دائرة القادمين نحو المشاعر المقدسة في وقت كان يمتلئ فيه مشعر «منى» بالجهات العسكرية والصحية والخدمية بمختلف مهامها في الحج، فقد جندت لجان الحج المعنية ما يربو على 100 ألف عنصر من عناصر الأمن، و15 ألف عنصر طبي، لتنفيذ خطط التفويج وتنظيم المشاعر المقدسة وتقديم الخدمات الطبية لحجاج بيت الله.

واكتملت أفواج الحجاج القادمين من نحو 186 دولة حول العالم في اليوم الثامن، إذ رُسمت لوحة روحانية امتلأ بين أرجائها بياض ناصع في الأبدان والسماء، إذ امتزج لون الإحرام الأبيض والأمطار الطاهرة التي تساقطت مع صباح «يوم التروية» غاسلة القلوب والأبدان، «لم تسفر عن أي حوادث أو أضرار، وهي تجربة ملموسة للمشاريع التي نفذتها السعودية خلال تطويرها المستمر للمرافق والبنى التحتية في المشاعر المقدسة» بحسب الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، خلال مؤتمر عقد في مساء اليوم ذاته في إمارة منطقة مكة المكرمة بمنى.

بينما وقف الحجاج على صعيد عرفة يوم التاسع من ذي الحجة ليشهدوا هناك «خير يوم طلعت عليه الشمس» بحسب الحديث الشريف، حيث شهد ضيوف الرحمن أجواء روحانية، أدوا خلالها صلاتي الظهر والعصر جمعا، بينما سيرت وزارة الصحة السعودية ثلاث قوافل إلى مشعر عرفات، أقلت على متنها 296 مريضا لتمكينهم من إكمال مناسك الحج تحت عناية فرق طبية متكاملة تتكون من أطباء وفنيين وممرضين لتقديم الرعاية الطبية الكاملة، وسخر الهلال الأحمر السعودي نحو 19 مركزا للإسعاف و42 فرقة متنقلة قدمت الخدمات الإسعافية لـ823 حالة، ما بين مرضية وإسعافية طارئة نقل منها 421 حالة إلى المراكز الصحية، و206 منها أسعفت في مواقعها. فيما جهزت النقابة العامة للسيارات أسطولا بلغ نحو 20 ألف حافلة، صعدت 1.45 مليون حاج إلى عرفة، ثم أنفرتهم إلى مزدلفة.

وبعيد صلاة المغرب والعشاء، عاد الحجاج أدراجهم إلى مزدلفة ثم إلى منى صبحا، حيث استقبلوا عيد الأضحى المبارك مكبرين مهللين.

وكانت أعمال أداء نسك الهدي والأضاحي قد بدأت عقب صلاة عيد الأضحى المبارك، وبلغت مبيعات السندات للحوم الهدي والأضاحي نحو 550 ألف رأس من الماشية، ووزعت اللحوم الطازجة على الفقراء في الحرم المكي، وعلى الحجاج في المشاعر المقدسة، إضافة إلى 24 دولة فقيرة ستستقبل أضاحي الحجاج. ورمى الحجاج جمرة العقبة منذ انتهاء أعمال الهدي، من دون أي زحام، في ظل مبنى الجمرات المكون من 5 طوابق، إضافة إلى الطابق الأرضي، وقد انتشر أفراد الأمن على أرجاء المبنى بشكل عام، وحول جمرة العقبة في كل الطوابق بشكل خاص.

قضى الحجاج بعد التحلل من إحرامهم ورمي الشيطان الأكبر «العقبة» أيام التشريق، مترددين بين الجمرات للرجم، والأسواق الموزعة على نحو 33 ألف محل تجاري ومبسط ومطعم، حتى غادر المتعجل منهم يوم الثاني عشر من ذي الحجة، وانتظر البعض الآخر حتى انتهاء اليوم الأخير من مناسك الحج.