ندوة تعريفية بمشروع ترجمة «صحيح البخاري» إلى اللغة البوسنية بمكرمة سعودية

رئيس العلماء في البوسنة لـ «الشرق الأوسط»: الاعتدال منزلة بين الاعتلال والتطرف

TT

نظمت السفارة السعودية لدى البوسنة و«مركز خادم الحرمين الشريفين الثقافي الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود في سراييفو» بالتعاون مع المشيخة الإسلامية في البوسنة، ندوة تعريفية، بمشروع ترجمة «صحيح البخاري»، حضرها السفير السعودي عيد بن محمد الثقفي، ورئيس العلماء في البوسنة الدكتور مصطفى تسيريتش، ومدير «مركز خادم الحرمين الثقافي» في سراييفو، عبد العزيز العقيلي، والمفتي العام في صربيا الشيخ معمر زوكارليتش، وعدد من المفتين في منطقة غرب البلقان.

وقال السفير السعودي لدى البوسنة عيد بن محمد الثقفي لـ«الشرق الأوسط»: «يسعدني حضور مناسبة تقديم كتاب (صحيح البخاري) إلى اللغة البوسنية، باعتبارها سابقة تاريخية تسجل لأول مرة جديرة بالمتابعة والإشادة» وتابع: «المملكة ماضية في دورها في خدمة المسلمين في العالم. والحمد لله اليوم يد المملكة ممدودة للمسلمين أينما كانوا، وهي تعتبر ذلك جزءا من واجبها حيال المسلمين والإنسانية». وشكر السفير السعودي جميع من ساهم في إنجاز المشروع: «أريد أن أقدم شكري لكل من ساهم في هذا العمل المبارك بدءا بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة السعودية العليا لجمع التبرعات لمسلمي البوسنة والهرسك، والشيخ ناصر بن عبد الرحمن السعيد المشرف العام على المكتب الإقليمي للهيئة في البوسنة، وفضيلة مفتي البوسنة، وأصحاب الفضيلة علماء البوسنة، والمترجمين الذين ساهموا بعملهم وجهدهم في الترجمة، وكذلك سعادة مدير مركز الملك فهد الثقافي المكلف عبد العزيز العقيلي». وأضاف: «لا أشك في أن هذه العمل هو استمرار لرسالة المملكة العربية السعودية في خدمة الدين الإسلامي، فبعد طباعة المصحف الشريف وترجمة معانيه إلى أغلب اللغات، تقوم المملكة الآن بترجمة كتاب (صحيح البخاري)، أصح الكتب بعد القرآن الكريم، إلى اللغة البوسنية». ودعا الله أن «يجزي خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة خير الجزاء وأن يجعل ذلك في موازين حسناتهم». وحول الزيارة التي قام بها عضو مجلس الرئاسة البوسني إلى المملكة، قال عيد الثقفي: «كانت زيارة حارث سيلاجيتش للمملكة مثمرة، وهدفت إلى إطلاع القيادة السعودية على الأوضاع في البوسنة والهرسك».

من جهته، قال رئيس العلماء في البوسنة والهرسك الدكتور مصطفى تسيريتش لـ«الشرق الأوسط»: «امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا؛ كتاب الله وسنتي. يتنزل الاهتمام بأصح الكتب بعد القرآن الكريم، ونحن نشكر الله أن جعلنا ندرك هذه اللحظة التاريخية المباركة وجعلنا شهداء على التمسك بكتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم». وأضاف: «نحن لدينا كثير من ترجمات معاني القرآن الكريم، (10 ترجمات) ونقل معاني الوحي الإلهي إلى اللغة البوسنية التي يستطيع قراءتها نحو 40 مليون نسمة في منطقة شبه جزيرة البلقان، ولذلك فإن نقل أي كتاب إلى اللغة البوسنية هو نقل الإسلام إلى الشعوب الأخرى التي تفهم هذه اللغة؛ بل هو نقل للذين يتقاسمون معنا اللغة والدين والثقافة». وقال: «يسعدني في هذا اليوم المبارك أن نثمن ونؤكد على أن المملكة العربية السعودية، وخادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبد العزيز كانت يده ممدودة إلينا أثناء المحنة الكبرى التي مررنا بها؛ فمن أول يوم كانت المملكة معنا في كل خطوة خطوناها، وذلك من خلال إنشاء الهيئة السعودية العليا لمساعدة البوسنة التي يرأسها بشرف الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الرياض الذي أكرمنا بقبول الوسام البوسني للعطاء الإسلامي المميز من الدرجة الأولى بمناسبة مرور 6 قرون على وجود الإسلام في المنطقة».

وأوضح: «لقد طلبنا من سعادة السفير عيد بن محمد الثقفي أن يبلغ احترامنا وتقديرنا وتثميننا لجهود المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. والأمير سلطان بن عبد العزيز، والشعب السعودي، الذي وقف معنا موقفا مشرفا في أشد اللحظات حرجا، أثناء التجربة المريرة التي مررنا بها في شبه جزيرة البلقان، خاصة البوسنة، التي نستطيع أن نقارنها بمحنة المسلمين في شبه جزيرة آيبيريا وهي الأندلس. ونحن نريد أن نبلغ المملكة قيادة وشعبا ومن ورائها المسلمين عموما، لا سيما المحسنين الذين ساعدونا، بأن البوسنة هي الأندلس الحية». وعن ترجمة «البخاري» قال: «بهذه الترجمة لـ(البخاري) التي هي ترجمة تاريخية وبمعان كبيرة، نكون قد تلقينا بشرى جديدة تضاف للبشائر التي تعودنا على استقبالها من المملكة العربية السعودية، ومنها ترميم المساجد، وتعبيد الطرق، والمساعدات المقدمة لليتامى، وإنشاء مساجد جديدة، خاصة هذا المركز الذي فيه خير كثير، بإدارة رجل كبير مبارك، هو أخونا عبد العزيز العقيلي، الذي يبذل جدا كبيرا لتكون علاقته مع المشيخة والأئمة والذين يأتون لطلب العلم على أحسن ما يرام». وأشاد بجهود المركز الثقافي، حيث «يدرس الطلبة الحاسب الآلي واللغة العربية واللغة الإنجليزية وغيرها من المناشط»، ووصف علاقة بلاده بالمملكة بأنها علاقة أشقاء: «عندما يسألونني متى تزور المملكة نقول لهم نحن في البوسنة نزور المملكة 5 مرات، حيث نتوجه للقبلة الموجودة في شبه الجزيرة العربية وهي المملكة العربية السعودية». وهنأ المسلمين في البلقان بترجمة «البخاري» قائلا: «بهذه المناسبة أهنئ المشيخة والمسلمين في شبه جزيرة البلقان، والذين ساهموا في خدمة ترجمة (البخاري) إلى اللغة البوسنية. ونحن نعلم أنه من دون السنة ومن دون الحديث لا يمكن أن نفهم القرآن الكريم، ونشكر ما قامت به المملكة من خلال الهيئة والشيخ ناصر السعيد وهذا المركز. الشيخ ناصر معروف لدى البوسنيين، فهو رجل كريم ساعدنا في كثير من الأشياء». وعن دور «صحيح البخاري» في المستقبل، قال: «سيكون في خدمة الإسلام والاعتدال وهو منزلة بين الاعتلال والتطرف».

وقال مفتي بيهاتش الشيخ حسن ماكيتش لـ«الشرق الأوسط»: «لقد انتظرنا هذه الترجمة 40 سنة، وهي السن التي نزل فيها الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن نستبشر بذلك أيما استبشار». وأضاف: «نحن نعلم أنه من دون السنة لا نستطيع أن نفهم القرآن الكريم، وهذه خدمة جليلة قامت بها المملكة من خلال الهيئة والمركز الثقافي والشيخ ناصر السعيد».