رئيس هيئة العلماء في شرق أوروبا: أي فتوى لا بد أن تكون في سياق الزمن

مصطفى تسيريتش لـ «الشرق الأوسط»: نحن في دائرة كشف التاريخ

جانب من تجمع مسلمين بوسنين في سراييفو(إ.ب.أ)
TT

شدد الدكتور مصطفى تسيريتش، رئيس هيئة العلماء في البوسنة وشرق أوروبا، على ضرورة اعتماد مقاييس الزمن في فهم التراث، ومعرفة الدور الذي تضطلع به الأمة في تعاملها مع التاريخ. وقال في حديث مع «الشرق الأوسط» على أثر ردود الأفعال الإيجابية على مداخلته في «ماريديان»: «أي فتوى لا بد أن تكون في سياق الزمن، وتاريخ المسلمين ينقسم إلى عدة دوائر». وأضاف «هناك دائرة صناعة التاريخ، ودائرة قيادة التاريخ، ودائرة اتباع التاريخ، ودائرة كشف التاريخ». وعن الدائرة التي يجد المسلمون أنفسهم فيها في اللحظة الراهنة، أوضح «نحن في دائرة كشف التاريخ، بينما كانت الدائرة التي أصدر فيها ابن تيمية بعض فتاواه، هي دائرة اتباع التاريخ».

وقال الدكتور تسيريتش «يجب أن نعرف في أي سياق تنزلت الفتاوى السابقة، فالفتوى ليست مقدسة، فهي جهود لأناس في موقع المسؤولية تعاملوا مع الأسئلة الموجودة في زمانهم بآليات زمانهم». وأردف قائلا «الجواب يمكن تغييره وفقا للدائرة التي يجد المسلمون أنفسهم فيها، ونحن في اللحظة الراهنة لسنا صناعا للتاريخ ولسنا قادة للتاريخ، ونحن نأمل أن نتحول من تابعين للتاريخ وكاشفين للتاريخ إلى صناع للتاريخ».

وأضاف أن المسلمين يواجهون مشكلات كثيرة، وعلى بعضهم الاعتراف ببعض، حتى يعترف بهم العالم. وأعرب الدكتور تسيريتش عن تثمينه للتراث الإسلامي «الذي كان متقدما دائما وباستمرار عن معاصريه في الدول الأخرى إذا استثنينا المرحلة الراهنة، وهي مرحلة تتسم بالقطع مع الماضي».

وأوضح «عندما ننظر في التاريخ الإسلامي يجب أن نقارنه بما سبقه، وبالثقافات التي عاصرته في تلك المرحلة، لنرى التمايز بينها جميعا، فالعهدة العمرية في القدس مثلا يجب أن تقارن بما فعله الرومان، وما فعله الفرس، وما فعله البابليون، وما فعله الصليبيون، وغيرهم عندما دخلوا القدس، وكذلك فن العمارة، والصناعة، والزراعة وغير ذلك».

وأكد الدكتور تسيريتش أن المسلمين يجب ألا يعيشوا في الماضي، لكن عليهم ألا ينسوا أنهم أبناء حضارة عظيمة، سادت لعدة قرون، وكانت نموذجا يحتذى في كل شيء من الطب إلى الهندسة إلى العمارة، وقبل ذلك الأخلاق والوفاء بالعهود.

وحول أهمية التراث في عصرنا، أفاد «نحن نرى أن الذين ليس لهم جذور يتخذون لهم جذورا، فلماذا نتخلى عن جذورنا، ونحن نرى الذين عملوا على القطع مع جذورهم يعودون إليها، فلماذا نهجر نحن جذورنا؟.. وقبل ذلك وبعده يمكن لماضينا أن يكون دافعا لنا لنعود مجددا لصناعة التاريخ، كما كنا».

واستطرد قائلا «هناك قانون يحكم المسلمين، وهو يختلف عن قانون آخر يحكم غيرهم، وهو أن المسلم كلما كان مطبقا أكثر لدينه كان أكثر إنسانية، وكلما كانت الأمة مطبقة لدينها كانت صانعة للتاريخ وقائدة للتاريخ، وكلما انتكست وبعدت عن دينها كانت تابعة لتاريخ الآخرين وكارهة لتاريخها».

وتوقع الدكتور تسيريتش عودة لدورة حضارية إسلامية جديدة في القرن الحالي، تبدو إرهاصاتها من خلال الفوضى الجارية.