الأمين العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل: نلمس بدايات صحوة إسلامية في حياة الجيل الجديد من مسلمي البرازيل

قال إن أهم ما يواجهنا عائق اللغة ونقص الوعي الديني

الشيخ خالد رزق تقي الدين يعرض بعض الكتب الإسلامية باللغة البرتغالية («الشرق الأوسط»)
TT

خبرة طويلة في العمل الدعوي اكتسبها على مدى 25 عاما الشيخ خالد رزق تقي الدين، وتوجت أخيرا بانتخابه أمينا عاما للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل، كما يتولى منصب مدير الشؤون الإسلامية باتحاد المؤسسات الإسلامية في البرازيل والمستشار الديني للاتحاد الإسلامي للطلبة المسلمين بها.

حول واقع المسلمين في البرازيل، وما حققوه من مكاسب، وما يعترضهم من عثرات، وعلاقاتهم بأطياف ومشارب المجتمع البرازيلي من أصحاب الديانات الأخرى التقته «الشرق الأوسط» في هذا الحوار، على هامش زيارته التي قام بها أخيرا للقاهرة التقى خلالها شيخ الجامع الأزهر ووزير الأوقاف المصري، قبل أن يتوجه لدولة الإمارات العربية المتحدة ثم لبنان، في زيارات تهدف إلى دعم المسلمين في البرازيل وتبادل التعاون الدعوي بين المؤسسات الإسلامية في الدول العربية والبرازيل.. وهنا نص الحوار:

* بداية.. عرفنا بالمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل؟ وما أهم أهدافه؟

- المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل هو تجمع مستقل يضم في عضويته الغالبية العظمى من أئمة ودعاة وعلماء ومشايخ أهل السنة والجماعة في البرازيل، وهم عبارة عن دعاة محليين ومبتعثين من وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية في الأقطار الإسلامية المختلفة لرعاية الشؤون الإسلامية للمسلمين في البرازيل، وقد تم تأسيسه عام 2005 في مدينة ساو باولو بحضور 40 شيخا وداعية من كافة الولايات البرازيلية، أما أهداف المجلس فتتلخص في إيجاد مرجعية إسلامية شرعية موحدة تمثل المسلمين في البرازيل معترف بها من قبل السلطات البرازيلية والمؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي، وكذلك إيجاد التقارب بين أئمة المساجد في البرازيل وتوحيد الآراء الفقهية بينهم، والعمل على مساعدتهم ودعمهم والارتقاء بدورهم، وتذليل العقبات التي تعترضهم، بالإضافة إلى رعاية الشؤون الإسلامية في المؤسسات الإسلامية والعمل على توحيدها ودفعها للعمل المنظم والمخطط للدعوة إلى الله في البرازيل ووضع الخطط المستقبلية والبرامج الدعوية بما يتناسب مع وسطية الإسلام.

* التقيت خلال زيارتك للقاهرة شيخ الجامع الأزهر وقيادات وزارة الأوقاف.. فما الهدف من اللقاءين وبماذا خرجت من نتائج؟

- الزيارة هدفها الأساسي التعريف بالمجلس ودعم التعاون لخدمة مليون ونصف المليون مسلم الموجودين في البرازيل، فكان اللقاء مع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر مثمرا، حيث تفهم أهمية تدريس اللغة البرتغالية داخل جامعة الأزهر مستقبلا والتي ينطق بها حاليا 300 مليون ناطق في 7 دول تضم الكثير من المسلمين، كما وافق فضيلته على إرسال دعاة جدد إلى البرازيل بجانب دعاة وزارة الأوقاف وأيضا معلمي اللغة العربية إلى جانب إيجاز الكتب التي يقوم المجلس بإصدارها مما يعطيها مصداقية وانتشارا واسعا، وابتعاث طلاب من البرازيل بمعدل 5 منح دراسية سنويا، وهو ما وافق عليه أيضا رئيس جامعة الأزهر.

أما لقاء الدكتور محمود حمدي زقزوق، وزير الأوقاف المصري، فهدف إلى زيادة التواصل وإيجاد آلية للعمل تتضمن وجود أرشيف للمعلومات عن مسلمي البرازيل بهدف إيجاد خلفية عن المدعوين تساعد الداعية القادم إلى البرازيل في التعرف على من يخاطبهم، كما طلبنا منه أهمية تأهيل الدعاة ووجود حد أدنى من اللغة البرتغالية للداعية، إلى جانب تعاون الوزارة مع المجلس في عقد مؤتمر لحوار الأديان في البرازيل، خاصة أن البرازيل بها تسامح ديني وحرية المعتقد، ومؤتمر آخر عن الدعوة الإسلامية بعنوان «الماضي والحاضر والمستقبل» للخروج بتوصيات تسهم في نشر الدعوة الإسلامية داخل البرازيل ودول أميركا الجنوبية.

* ذكرت أن هناك تسامحا دينيا في البرازيل.. فهل معنى ذلك أنه لا توجد بها ظاهرة «الإسلاموفوبيا»؟

- لا يوجد خوف من الإسلام داخل البرازيل مقارنة بأوروبا مثلا، إنما يمكننا القول إنه يوجد بعض التخوفات التي تروجها وسائل الإعلام العالمية والتي أحيانا تتأثر بها بعض وسائل الإعلام المحلية، ولكننا نتصدى لذلك عن طريق «حق الرد» الذي يسمحون لنا به في هذه الوسائل.

* هل هناك خطر على مسلمي البرازيل من منظمات التبشير؟

- هناك نشاط تبشيري في البرازيل، ولكنه غير كبير داخل الجاليات المسلمة وإن كان مؤخرا بدأ هذا النشاط في طرق أبواب المسلمين، ومعه توجد حالات قليلة اعتنقت المسيحية، لكننا نحاول من خلال المجلس واتحاد المؤسسات الإسلامية السعي إلى التقارب مع المسلمين وزيارة البيوت، بخلاف المشروعات، بل إننا وجدنا أن المسلمين يتماسكون كلما كانوا قريبين جغرافيا من المسجد لذا نحاول تحفيزهم للسكن بالقرب من المساجد.

* إذن ما هي أهم التحديات التي تواجه المسلمين في البرازيل؟

- هناك عدد من التحديات، منها ضعف الوعي الديني بسبب قلة العلم الشرعي وندرة الدعاة العاملين في الساحة، وندرة المدارس الإسلامية والكتب الصادرة باللغة البرتغالية التي توضح عقائد ومفاهيم الإسلام الصحيحة، كذلك من أكبر المشكلات الانحلال الأخلاقي، الناتج عن الحرية المطلقة في المجتمع البرازيلي من شرب للخمر وصالات للرقص وعلاقات مفتوحة بين الجنسين، مما عمل على انجراف نسبة من الشباب المسلم إليها وهو ما لا يتناسب مع القيم الإسلامية، وقد أدى ذلك إلى نوع من الخلل في المفاهيم الاجتماعية داخل الأسر المسلمة التي تأثرت بشكل كبير بمفاهيم المجتمع البرازيلي، مما ترتب عليه وجود التفكك الأسري، وارتباط ظاهري بالإسلام خاصة لدى الأجيال الجديدة في الجاليات مما جعلهم أقرب إلى العقلية البرازيلية منه إلى الروح الإسلامية، وهو ما يحتاج منا إلى عمل دعوي قوي، بدأت ثماره في الظهور مؤخرا، حيث نلاحظ أن هناك بدايات صحوة إسلامية في حياة الجيل الجديد من مسلمي البرازيل.

ومن جهة أخرى يشعر المسلم البرازيلي بمشكلة عائق اللغة العربية خاصة في الصلاة وقراءة القرآن وحفظه وفي الاستماع إلى خطب الجمعة، فلا توجد مدارس بالمعنى الكامل لتعليم الدين واللغة العربية وإنما هي فصول محدودة تقوم بهذا العمل بإمكانيات بسيطة. كما أنه لا توجد وسائل إعلام تعبر عن الجالية المسلمة في البرازيل، فليست هناك قناة فضائية أو جريدة تعبر عنهم، كذلك فمواقع الإنترنت الإسلامية ناطقة باللغة البرتغالية مما يجعلها تقف عائقا أمام التواصل بين الجاليات والمسلمين في بقاع الأرض.

* ما هي أهم المشروعات التي تقدمونها لمسلمي البرازيل؟

- تعمل الجالية المسلمة لتحقيق الاندماج الإيجابي للمسلمين مع المجتمع البرازيلي من خلال عدة مشروعات، أبرزها معارض الكتب التي تعرف بالإسلام، أما أهم مشروعاتنا فهو مشروع «أصدقاء الإسلام»، الذي يعتمد على قيام المتطوعين من أبناء الجالية المسلمة والأصدقاء البرازيليين بزيارة حي من الأحياء الفقيرة داخل مدينة ساو باولو التي يوجد بها أعلى نسبة من مسلمي البرازيل، يحملون معهم الرعاية الصحية والترفيهية والتربوية والقانونية والهدايا للأطفال، ثم يختارون عشر عائلات تتم دعوتهم لعمل دورة داخل الجمعية على مدار شهر في نهاية كل أسبوع يتعلمون فيها بعض المهن اليدوية كالخياطة والتطريز وقص الشعر.

* برأيك.. على من تقع مسؤولية حمل هموم الجاليات المسلمة في البرازيل والغرب عموما؟

- المسؤولية أولا تقع على أبناء الجالية الإسلامية للحفاظ على هويتها ودينها بإنشاء الجمعيات والدور والمساجد والمدارس والنوادي الرياضية والاجتماعية والثقافية، ثم على المسلمين في المشرق خاصة المؤسسات التي تهتم بالأمور الدعوية والتي يقع عليها الدور الأكبر، كما أن على كل فرد مسلم سمع عن أن هناك مسلما يعاني من مشكلات في دينه أن يناصره، منهاجا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «بلغوا عني ولو آية»، وهذه النصرة قد تتم بأبسط الطرق كأن لا ينساهم من الدعاء بالتثبيت والنصرة، أو أن يقوم كل فرد بما يجيده من خلال عمله وتخصصه، أو بالدعم المادي إذا تيسر له ذلك، وأوجه هنا رسالة إلى شباب المسلمين خاصة أن المجالات متعددة أمامهم للتواصل مع شباب المسلمين في البرازيل من خلال الإنترنت أو مجموعات موقع «الفيس بوك» فاللغة لم تعد عقبة حاليا أمام ذلك التواصل.

* لكل دولة ما تمتاز به، وكرة القدم في البرازيل لها مكانتها، كما سوف تستضيف بطولة كأس العالم 2014، فلماذا لا يكون هناك تفكير في استغلال الحدث في التعريف بالإسلام والمسلمين؟

- بالفعل فكرنا في ذلك وبدأنا خطوات لاستغلال كأس العالم في التعريف بالإسلام من منطلق الاندماج الإيجابي في المجتمع البرازيلي، وقد بدأ التفكير فيه بأكثر من اتجاه، مثل مشروعات موجهة إلى البرازيليين، منها ما هو تأهيلي مثل مشروع «أصدقاء الإسلام» حيث بدأنا تشجيع الأسر على احتراف مهنة أو صنعة تفيدهم ماديا في وقت الحدث في 2014، إلى جانب مشروعات دعوية مثل الخط المجاني للتعرف على الإسلام عن طريق الهاتف، وسوف تكون له دعاية ضخمة في كل أنحاء البرازيل تصل ذروتها وقت البطولة، إلى جانب تطوير رسائل الـ sms الدعوية، وكذلك المعارض الضخمة التي تبرز مفاهيم الإسلام الصحيحة.