علماء أزهريون: تهديدات الغرب تأتي من داخله.. وادعاءاته بتهديد الإسلام له مجرد أوهام

طالبوا بمرصد للرد على ما يُنشر عن المسلمين بشكل موضوعي

TT

طالب علماء أزهريون بضرورة وضع استراتيجية تشارك فيها الحكومات العربية والإسلامية والمنظمات الأهلية ومراكز الدراسات والبحوث ومنظمات المجتمع المدني، لتوضيح حقيقة قيم الإسلام وأحكامه والمبادئ التي يقوم عليها باللغات الأجنبية، وإقامة مرصد للرد على الأخبار والتعليقات التي تكتب عن الإسلام في وسائل الإعلام الغربية بشكل موضوعي. وأكد العلماء أن ما يدعيه الغرب بتهديد الإسلام له مجرد أوهام؛ لأن التهديد يأتي من داخله، ولأن المسلمين لا يكرهون الغرب ويدعون دائما للتحاور مع الآخر؛ لأنهم محكومون برسالة سماوية تحث على الإخاء والتسامح والتعايش بين الناس على مختلف عقائدهم. وذلك على خلفية تهديدات القس تيري جونز، راعي إحدى الكنائس الأميركية، الذي هدد بحرق نسخ من القرآن الكريم في ذكرى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 بحجة أن القرآن الكريم هو المحرض على الإرهاب، ثم تراجع عن تهديده نتيجة ضغوط أميركية ودولية.

فمن جانبه، أوضح الدكتور جعفر عبد السلام، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، أستاذ القانون الدولي في جامعة الأزهر، أن ظاهرة كراهية الإسلام ليست ظاهرة جديدة، وإنما هي ظاهرة وجدت منذ بعثة النبي، صلى الله عليه وسلم، حسب ما قاله ورقة بن نوفل «إن محمدا سيعذب ويخرجه قومه»، وكان رأيه في ذلك أن من يأتي بمثل ما أتى به محمد، صلى الله عليه وسلم، لا بد أن ينال العذاب والأذى. وأضاف عبد السلام: من المؤسف أن نجد أن هذه الظاهرة تتجدد بعنف منذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن، وأن هذه الكراهية أدت إلى ظاهرة الخوف من الإسلام «الإسلاموفوبيا»، وقد وصلت هذه الظاهرة إلى قمتها في السنوات الأخيرة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 على وجه الخصوص، فوجدنا مؤلفات ورسومات وصورا وأفلاما سينمائية تصور وتحتوي على معلومات مغلوطة هاجمت الإسلام وعبرت عن كراهيتها له، ولعل من أشد الظواهر التي تعبر عن هذه الكراهية والفهم المغلوط للإسلام، تلك المحاضرة التي ألقاها البابا بنديكتوس السادس عشر، بابا الفاتيكان، بألمانيا، والتي وجه فيها انتقادات حادة للإسلام، ومؤخرا تهديدات القس تيري جونز، راعي إحدى الكنائس الأميركية، بحرق نسخ من القرآن الكريم، بحجة أن القرآن هو المحرض على الإرهاب.

وأشار الدكتور عبد السلام إلى أن مثل هذه الادعاءات تسيء إلى الإسلام والمسلمين وتؤدي إلى تأجيج الكراهية لهم، الأمر الذي ينذر بعواقب سيئة على العلاقات الدولية مع الغرب، ويؤدي إلى فتح ملفات مغرضة تسيء إلى الدول الإسلامية وعلاقاتها بالمجتمع الدولي.

ويرى الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية أن «تراث الغرب الثقافي يحتوي على معلومات مغلوطة تسيء إلى الإسلام، ويبدو ذلك واضحا في مناهج تعليم الأطفال في الغرب، وما يتلقونه من معلومات مشوهة عن الإسلام تجعلهم ينشأون على كراهيته، فضلا عن الإعلام الذي يتبوأ الدور الأكبر في إشاعة الكراهية، وكذا كتابات المستشرقين غير المنصفين عن الإسلام، وأخيرا السلوك السلبي لبعض المسلمين في الخارج، هذه العوامل كلها جعلت ثقة الغرب في المسلمين تضعف، وساد الربط بين الإسلام كدين وبين هذه السلوكيات. واقترح عبد السلام وضع استراتيجية واضحة تشارك فيها الحكومات العربية والإسلامية والمنظمات ومراكز الدراسات والبحوث ومنظمات المجتمع المدني لتوضيح حقيقة الإسلام وقيمه وأحكامه والمبادئ التي يقوم عليها باللغات الأجنبية، وإقامة مرصد للرد على الأفكار والأخبار والتعليقات التي تنشر عن الإسلام في جميع وسائل الإعلام وإخضاعها للتحليل العلمي والرد عليها بشكل موضوعي.

بينما أكد الدكتور محمد أبو ليلة، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة، أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية اللغات والترجمة في جامعة الأزهر، أنه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي اختار الغرب لنفسه خصما آخر، هو دين الإسلام والمسلمون، وركز أجهزة إعلامه على تشويه صورة الإسلام ووصفه بأنه دين إرهاب وعنف، وأن الأصوليين المسلمين يريدون القضاء على الغرب وحضارته، وبعد أحداث 11 سبتمبر حمل الغرب الأمر على الإسلام والمسلمين على الرغم من أن جميع المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي، كالأزهر ورابطة العالم الإسلامي، استنكرت أحداث 11 سبتمبر وأصدرت بيانات وعقدت مؤتمرات بينت فيها أن مثل هذه الأعمال غير مبررة دينيا وأخلاقيا وإنسانيا.

وأضاف أن ما يدعيه الغرب بتهديد الإسلام له مجرد أوهام؛ لأن تهديد الغرب يأتي من داخله، وأن الغرب إذا سمح للأصوليات المتطرفة أن تسيطر على الساحة وتهاجم الإسلام وحضارته ومقدساته، فهذا هو الخطر بعينه.

وقال الدكتور أبو ليلة: «إن المسلمين لا يكرهون الغرب، ويدعون دائما للتحاور مع الآخر؛ لأنهم محكومون برسالة سماوية تحث على الإخاء والتسامح والتعايش بين الناس على مختلف عقائدهم، وهذا ما ينبغي أن نوصله للغرب، عبر وسائل شفافة وموضوعية».