وزير الأوقاف الأردني: لا ندقق في هوية الخطباء الحزبية بقدر التدقيق في التزامهم بقانون الوعظ والإرشاد

د. عبد السلام العبادي لـ «الشرق الأوسط»: تنسيق مبكر مع وزارة الحج السعودية للحجاج الأردنيين وفلسطينيي 1948

د. عبد السلام العبادي وزير الأوقاف والمقدسات الإسلامية الأردني («الشرق الأوسط»)
TT

أوضح الدكتور عبد السلام العبادي، وزير الأوقاف والمقدسات الإسلامية الأردني، أن هناك تنسيقا مبكرا يجري سنويا مع الإخوة في المملكة العربية السعودية لوضع الترتيبات الخاصة لموسم الحج، إضافة إلى حجاج مسلمي فلسطينيي عام 1948، وكذلك الالتزام بالترتيبات التي يتم الاتفاق عليها.

وقال الدكتور العبادي في حوار مع «الشرق الأوسط» في عمان إننا لا ندقق في هوية الخطباء الحزبية (جماعة الإخوان المسلمين) بقدر التدقيق في التزامهم بقانون الوعظ والإرشاد الذي يمنع الإساءة إلى الآخرين والتهجم على الدول العربية والإساءة إلى العلاقات الأردنية الخارجية، مشيرا إلى أن الأردن، من خلال دوره التاريخي في رعاية المقدسات الإسلامية في القدس الشريف والذي أكدت على احترامه اتفاقية السلام مع إسرائيل، يقوم برعاية وإعمار المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس المحتلة، والإشراف على المدارس التابعة لدائرة الأوقاف في القدس والتي تدرس المنهاج الأردني.

* ما هي الآلية التي تتبعها وزارة الأوقاف الأردنية في الترتيبات لموسم الحج مع وزارة الحج السعودية؟

- في البداية لا بد من التنسيق المبكر مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية، حيث يجري اجتماع موسع بين وزارة الأوقاف وشؤون المقدسات الإسلامية الأردنية، مع وزارة الحج السعودية وكل الفعاليات المسؤولة عن الحج في المملكة العربية السعودية، ويجري بحث كل الترتيبات المتعلقة بالحج وزيارة الأماكن المقدسة، بعد أن يجرى تقييم لما تم في العام السابق، ويتم الاتفاق على كل التفاصيل المتعلقة بإجراءات بعثة الحج الأردنية في المدينة المنورة ومكة المكرمة وأيضا في المشاعر المقدسة في منى وعرفات. وعلى ضوء ذلك يجري البدء في التحضير للموسم في الأردن، حيث نعلن عن التسجيل للراغبين في الحج الذين بلغ عددهم هذا العام قرابة 30 ألفا، وتبدأ الوزارة باعتماد مكاتب الحج والعمرة، وفي هذا العام تم التأكيد على أن دور وزارة الأوقاف هو دور الإشراف والرقابة والمحاسبة إذا حدث أي تقصير، والشركات التي تتولى عملية نقل الحجاج هي شركات مؤهلة ومدربة لهذا الغرض، ويتم اعتمادها وفق معايير وأسس واضحة، وبعد ذلك يطلب منها أن تذهب لاستئجار السكن في مكة المكرمة والمدينة المنورة ضمن مواصفات تم اعتمادها من لجنة الحج في الوزارة. وفي هذا العام تم ضبط هذا العمل الدقيق ضمن العملية الكبيرة التي تحتاج كل حرص وعناية، حيث تم إصدار نظام سمي نظام «شؤون الحج والعمرة» يبين كل تفاصيل واجبات الحج والمتعهدين وكيفية إدارة الوزارة لهذه العملية بتفاصيلها، حيث أصبحت العملية قائمة على مؤسسية واضحة. وبعد أن قامت الشركات باستئجار البنايات قامت لجنة من الوزارة بتسلم هذه البنايات للتأكد من التزام المتعهدين بمواصفات السكن، وبعد ذلك تم اختيار الحجاج على أسس واضحة، حسب حصة الأردن التي تبلغ نحو سبعة آلاف حاج، وذلك لأن مؤتمر القمة الإسلامي حدد حصة الحج في البلدان الإسلامية لكل مليون من عدد السكان ألف حاج، والإخوة في المملكة العربية السعودية يلتزمون بهذه القاعدة، وإذا حدثت تجاوزات فإن هناك تجاوزات بسيطة لا تذكر، والأصل الالتزام بالقاعدة، ويجري اختيار الحجاج الأردنيين من ضمن المسجلين وذلك ضمن أسس واضحة، حيث نبدأ من الأكبر سنا فالأصغر، بالإضافة إلى بعض الحالات الإنسانية مثل المرضى بالسرطان الذين نعطيهم الأولوية وفق قرارات لجنة طبية إذا كانت هناك حاجة ماسة لحجهم، وذلك بتعجيل حجهم هذا العام، إضافة إلى المحارم من الشباب المرافقين لكبيرات السن، فنجد أن 25 في المائة من المرافقين من الشباب. بعد ذلك يتم تسجيل هؤلاء الحجاج عند الشركات، حيث إن الشركات تعلن عن برامجها الخاصة، حسب فئات الأسعار التي اعتمدتها الوزارة، فنجد أن هناك أسعارا بالآلاف، حسب الخدمات الإضافية التي يطلبها الحاج، مثل الإقامة في فنادق قريبة من الحرم المكي والمسجد النبوي، بالإضافة إلى خدمات إضافية في منى وعرفات، وهناك تنوع في الأسعار يتلاءم مع وضع الحاج المادي والاقتصادي، وإذا نظرنا لتفاوت الأسعار فإنها تنعكس على تفاوت الخدمة التي يريدها الحاج نفسه، حيث إن هناك أربع فئات من الخدمة التي تقدمها هذه الشركات باعتماد الوزارة والرقابة على الأسعار.

* ماذا عن الفلسطينيين من عرب 48 (عرب إسرائيل)؟

- نحن بالإضافة لتولينا لشؤون الحجاج الأردنيين فإنه بمبادرة كريمة من الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال أتاح بالتنسيق مع الإخوة في المملكة العربية السعودية فرصة الحج لمسلمي 48، وبعدها بسنوات أتاح فرصة العمرة لهؤلاء، حيث يجري منح هؤلاء جوازات سفر أردنية مؤقتة وعددهم الآن نحو 4500 حاج بموافقة المملكة العربية السعودية. أما العمرة فهي مفتوحة وتصل إلى 30 ألفا سنويا، وكل هؤلاء تعنى وزارة الأوقاف الأردنية بشؤونهم، ويجري عمل ترتيب شمولي لهم بحيث يتم ترخيص الأسعار عليهم، حيث تقوم الوزارة بعملية تسهيل نقلهم وإسكانهم وترتيب أوضاعهم هناك مثلما ينطبق على الحاج الأردني، حيث يتم اختيار شركات أردنية من خلال عطاءات لأرخص الأسعار وأنسب العروض لهم. أما بالنسبة للحجاج الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة فإن هؤلاء تشرف عليهم السلطة الوطنية الفلسطينية بالتعاون والتنسيق مع السلطات المعنية في المملكة العربية السعودية.

* يلاحظ أن الوزارة تمنع بعض الخطباء من تأدية الخطابة في المساجد.. ما هو دور الوزارة في مجال الوعظ والإرشاد؟

- أولا بالنسبة للخطباء والوعاظ هم من موظفي الوزارة ومن المكلفين منها بالآلاف، حيث لدينا 5100 مسجد في جميع أنحاء المملكة الأردنية، حيث إن نحو ألفي مسجد نقوم بتأمين الأئمة لها من كوادر وزارة الأوقاف، بالإضافة إلى تأمين الأذان والإقامة من كادر الوزارة، ونحن نستعين بكفاءات المجتمع المتخصصين في علوم الشريعة في أمرين.. الأول: الإمامة في بعض المساجد التي لا يوجد فيها مؤهل، وهنا نسمح لمعلمي التربية الإسلامية بأن يشاركوا في الإمامة، خاصة في الصلوات الجهرية حرصا على تأمين إقامة الصلاة وتأمين إمام متميز، إضافة إلى الاهتمام بخطبة الجمعة من خلال معلمي التربية الإسلامية أو خريجي الشريعة أو من المتقاعدين العسكريين أو من أساتذة الجامعات، وهؤلاء جميعا يتقاضون مكافأة من وزارة الأوقاف عن الخطبة الواحدة.

* ما هي شروط الخطيب؟

- أن يكون لديه تخصص في علوم الشريعة، وأن يخضع لامتحان لجنة في الوزارة للتأكد من قدرته على الخطابة، وبالتالي يكلف بالخطابة، ولا ننظر إلى انتماءات حزبية سواء من جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها، ونحن ندقق في ما يؤديه هؤلاء الخطباء، حسب قانون الوعظ والإرشاد والسياسة العامة، وذلك في الأمور التي لا نسمح فيها بمهاجمة بعض الأشخاص والرموز على منبر رسول الله أو الإساءة إلى العلاقات الأردنية الدولية والعربية، وغير ذلك، فيجري منعه من الخطابة، وهو ما بينه القانون، ولدينا خطباء كثيرون من جماعة الإخوان المسلمين وهم ملتزمون بقانون الوعظ والإرشاد. ونحن لا نعترض على انتماء الشخص بقدر ما نعترض في ما إذا أساء، والإجراءات التي نعمل بها هي أن نقوم بمنعه من الخطابة حتى لو كان موظفا في الوزارة ويبقى على رأس عمله، لكن يتم منعه من الخطابة، وخلال الـ15 سنة الماضية تم منع العشرات من هؤلاء، وليس المئات كما تدعي بعض الأحزاب، وقد تمت إعادة البعض منهم عندما راجعوا الوزارة وقدموا تعهدا بالالتزام بقانون الوعظ والإرشاد بألا يتخذ المنبر للأغراض الحزبية أو مهاجمة الآخرين أو اغتيال بعض الشخصيات أو الإساءة للآخرين، وعلى الخطيب أن يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.

* صدرت في الأردن رسالة عمان حول التسامح بين الأديان.. هل لقيت هذه الرسالة تجاوبا لدى الأطراف المعنية؟

- هذه الرسالة من الأمور الموفقة التي بادر إليها جلالة الملك الأردني عبد الله الثاني نتيجة ما لاحظه في جولاته من أنه يوجد جهل كبير في أحكام هذا الدين واستغلال لبعض الممارسات الخاطئة التي ترتكب باسم هذا الدين، والرد على الكثير من الشبهات التي تثار من أعداء هذا الدين، فجاءت هذه الرسالة لتبين هذه الصورة المشرقة لهذا الدين، وتناقش الكثير من القضايا التي جرى استغلالها، مثل قضايا الإرهاب، حيث توضح موقف الدين العظيم من ظاهرة الإرهاب، بالإضافة إلى واجبات الدعوة وواجبات الإسلام المعاصر والإعلام الإسلامي المعاصر، وقد ترجمت الرسالة إلى الكثير من اللغات، ويجري الآن بإشراف وزارة الأوقاف عقد دورات دولية لشرح مضامين رسالة عمان يدعى إليها الكثير من المفكرين من أنحاء العالم، وقد وصلنا الآن إلى الدورة الرابعة عشرة، وكل دورة يشارك فيها ممثلون من أكثر من سبع دول من المفكرين وكبار العلماء فيها، إضافة إلى شرح المضامين في المؤتمرات الدولية التي يشارك فيها ممثلون أردنيون، إضافة إلى إعطاء فكرة عن الرسالة في التعليم الثانوي وطلبة المدارس والتعليم الجامعي، والرسالة أدت دورا كبيرا، ونحن نتابع هذا المسار لأهميته في مجال الدعوة للإسلام.

* بالنسبة لإعمار القدس.. ما دوركم في ذلك؟

- نحن نملك إدارة متكاملة في القدس من خلال دائرة الأوقاف وشؤون المقدسات الإسلامية، ويزيد عدد موظفيها على 650 موظفا، وهؤلاء موظفون في وزارة الأوقاف بكل فئاتهم من حراس المسجد الأقصى إلى الإداريين الذين باستمرار يدافعون عن المسجد المبارك في وجه ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تسيء للمسجد، بالإضافة إلى أجهزة في إطار الهندسة والإنشاءات والمباني الوقفية والإعمار، وكذلك عدد من العاملين في المساجد الأخرى بالمدينة المقدسة، إضافة إلى جهاز يشرف على التربية والتعليم في المدينة المقدسة، حيث تتبعنا نحو 40 مدرسة تحتوي على 15 ألف طالب يدرسون المنهاج الأردني، ونحن نقوم بهذه الأعمال الكبيرة من خلال هذا الجهاز، بالإضافة إلى لجنة الإعمار للمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة المشرفة التي صدر بها قانون عام 1954، وهو ساري المفعول حتى الآن، وهي تعمل وتشرف على العمارات التي تأتي من مبادرات الملك عبد الله الثاني التي كان آخرها خمسة عطاءات كبرى بكلفة 2.5 مليون دينار على نفقة الملك الخاصة والتي أحيلت قبل شهر إلى جهات كثيرة.. وهنا أود أن أشير إلى أن كلفة النفقات الجارية من الرواتب وغيرها تزيد على خمسة ملايين دينار سنويا لإدارة الأوقاف الإسلامية في القدس تدفع من موازنة وزارة الأوقاف الأردنية، إضافة إلى موازنات المشاريع الرأسمالية، وهي موازنة كبيرة تغطي حاجة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في المدينة.. وبالنسبة للحفريات واضح لدينا أن هناك ممارسات مرفوضة ومدانة تقوم بها سلطات الاحتلال ويجري الاحتجاج عليها باستمرار، بالإضافة إلى حفر بعض الأنفاق بجوار المسجد الأقصى وبعضها يهدد جدران المسجد بالتشقق، ولدينا متابعة حثيثة لها لأهمية وقف مثل هذه الممارسات والتهديدات ضد المسجد الأقصى المبارك، والحكومة الأردنية تتخذ كل الإجراءات الممكنة من خلال الاحتجاج أمام المنظمات الدولية والاحتجاج المباشر لسلطات الاحتلال على هذه الممارسات التي قد يتأثر بها المسجد الأقصى.

* لكن الأردن موقع على اتفاقية سلام مع إسرائيل تنص على إعطاء دور لرعاية الأردن في الإشراف على المقدسات بالقدس، ونجد أن إسرائيل لا تلتزم بهذه المعاهدة؟

- النص الوارد في الاتفاقية هو أن تحترم إسرائيل الحق التاريخي للمملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات الإسلامية، وهذا مستند قوي في كل الدفاعات التي نقوم بها في حماية وصيانة المقدسات الإسلامية وتسهيل عملية الصيانة، حيث إن سلطات الاحتلال تمنع أحيانا دخول بعض مواد البناء من أجل الإعمار، وهذا الأمر يعالج مع سلطات الاحتلال بالرجوع للاتفاقية، إضافة إلى أن الأردن تمكن من وضع القدس على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر في منظمة اليونيسكو، وباستمرار هناك جهود أردنية وبالتعاون مع الدول العربية والإسلامية لحماية المدينة المقدسة ومعالمها الدينية من أي عدوان من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ويجري التركيز الآن على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهو الحل الشافي لكل هذه التحديات التي نواجهها في المدينة المقدسة، ونحن ماضون في دورنا المتميز في المدينة المقدسة لتحافظ على هويتها العربية الإسلامية.