التدريب على شعائر الحج عمليا عبر الإنترنت التفاعلي

موقع «أون إسلام» يقدم محاكاة افتراضية للمناسك عبر مجسم كامل للحرم المكي

الآن يمكن لكل شخص مسلم مقبل على أداء الحج أو العمرة التدريب على أداء المناسك بشكل سليم قبل السفر إلى الأراضي المقدسة («الشرق الأوسط»)
TT

عبر العالم الافتراضي «سكند لايف» أو «الحياة الثانية» ذات التقنيات ثلاثية الأبعاد على شبكة الإنترنت، يمكن الآن لكل شخص مسلم مقبل على أداء الحج أو العمرة، التدريب على أداء المناسك بشكل سليم قبل السفر إلى رحلته، من خلال التعايش الكامل مع الشعائر، وكأنه موجود داخل مكة والأماكن المقدسة في الحقيقة، وذلك بعدما أطلق موقع «أون إسلام. نت» مؤخرا مشروع الحج التفاعلي المجاني الذي يقام على «جزيرة الحج» التي يشرف عليها الموقع داخل عالم «سكند لايف».

ويهدف المشروع إلى إجراء تدريب عملي على الشعائر خطوة بخطوة باستخدام التقنيات ثلاثية الأبعاد وإمكانات الصوت والنصوص المكتوبة، وأيضا تقليل الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الحجاج قدر الإمكان، التي ترهق السلطات السعودية المعنية بتنظيم شؤون الحج، إلى جانب تعريف غير المسلمين الذين لا يستطيعون زيارة الأماكن المقدسة، بمعنى فريضة الحج.

أوضح هشام جعفر، المشرف على تحرير موقع «أون إسلام» ورئيس مجلس أمناء مؤسسة «مدى» للتنمية الإعلامية، لـ«الشرق الأوسط» أن «جزيرة الحج» تضم مجسما كاملا للحرم المكي بعد توسعته الأخيرة، بالاستعانة بصور واقعية ذات جودة عالية، وتصميما للمسعى بين الصفا والمروة ومناطق رمي الجمرات، ولمحاكاة المناسك بشكل أقرب للواقع يضم المجسم أيضا تصميما لساعة مكة الجديدة، أكبر ساعات العالم، التي تطل على الحرم المكي، ثم محاكاة للقطار الذي يربط بين منى وعرفات، الذي يبدأ تشغيله لأول مرة هذا العام.

وتم افتتاح «جزيرة الحج» مع الإطلاق الرسمي لموقع «أون إسلام» الشهر الماضي، وعلى مدى الأسابيع الماضية - بحسب جعفر - أتاحت «جزيرة الحج» لزوارها من المسلمين وغير المسلمين محاضرات ودورات تدريبية عن الحج، وجولات إرشادية لأماكن الشعائر مجانية باللغتين العربية والإنجليزية، تحت إشراف باحثين من الموقع وعلماء من الأزهر، وتسمح هذه الدورات بالتفاعل المباشر بين المحاضر والمتدربين، وبالتالي يخرج المتدرب وقد استوعب ما عليه القيام به في الأراضي المقدسة.

ويبلغ متوسط عدد زوار «جزيرة الحج» يوميا نحو 400 شخص، واستغرق تصميم وتطوير المناسك لتواكب الواقع نحو 300 ساعة من العمل المتواصل من خلال فريق عمل مكون من 9 أفراد من جنسيات مختلفة حول العالم، وقد استعان فريق العمل بمجموعة من الأقراص المدمجة تحتوي على صور وتفاصيل دقيقة للمناسك، ومجموعة من الكتب المصورة، في مقدمتها موسوعة «الكعبة المعظمة والحرمان الشريفان.. عمارة وتاريخا» المصورة لعبد الله محمد أمين كردي.

أما عواطف محمد فهيم، المسؤولة عن وحدة الـ«سكند لايف» في الموقع، فتشير إلى أن زمن التدريب على مناسك الحج يأخذ 45 دقيقة، فبعد تسجيل الدخول يتجول المتدرب من خلال شخصيته المجسمة بهذا العالم الافتراضي (تسمى أفاتار) في ذلك التصميم لمناسك الحج التي تحاكي الواقع على مستوى الشكل والأبعاد وترتيب الوجود، حيث يبدأ التدريب بارتداء المتدرب ملابس الإحرام، ثم يبدأ التجول في الحرم المكي ومعرفة بداية الطواف، والتعرف على حجر إسماعيل ومقام إبراهيم والحجر السود والمسعى (الصفا والمروة)، مرورا بمنى وعرفات والمزدلفة ومنطقة رمي الجمرات وصولا للحلق والتقصير وذبح الهدي، ويتم ذلك بإعطاء المتدرب المعلومات الكاملة عن المناسك عبر لوحات إرشادية مرقمة، ومن خلال الأسهم والخرائط والصور، وبإمكان المتدرب التنقل بين مكان وآخر بسهولة من خلال أسهم لوحة المفاتيح، بالإضافة إلى الاستعانة بالأدوات الموجودة في أسفل شاشة البرنامج التعليمي، حتى يتمكن المتدربون من معرفة طريقة ترتيب المناسك، وأيضا معرفة الأدعية والأقوال المأثورة.

وتضيف عواطف: «في كل منسك عندما يريد المتدرب السؤال عن شيء ما، يقوم على الفور بإيقاف المحاضر وسؤاله سواء عن طريق الكتابة أو الصوت، فالمحاضر هنا يلعب دور المرشد الذي يوجد وقت الحج، وهذا ما يميز هذا التدريب، حيث يسمح بالتفاعل بين المحاضر والمتدرب، وبالتالي الاستفادة الكاملة، إلى جانب التعارف بين رواده والبيئة المصممة للتعايش، بعكس ما إذا كان هذا التدريب يقدم من خلال فيديو يشرح كيفية أداء المناسك».

وتكمل عواطف: «الهدف الثاني الذي يهدف إليه التدريب تعريف غير المسلمين بالإسلام، خاصة أن عدد المسجلين بـ(سكند لايف) حاليا يبلغ نحو 25 مليون شخص معظمهم من غير المسلمين، فالحج فريضة رئيسية في الإسلام وعند احتكاك غير المسلمين مع المحاضرين وتعرفهم على هذه الفريضة تكون أمامهم الفرصة للتعرف بشكل أكبر على الإسلام، وهم بالفعل يحضرون بشكل مكثف، خاصة في المحاضرات التي تقدم باللغة الإنجليزية، وبالفعل يوجد في التدريب رجال ونساء من أميركا وبريطانيا ودول أوروبا، وفي الأسبوع الماضي حضر التدريب أستاذ جامعي ألماني مع طلبته وهم غير مسلمين وتلقوا التدريب، بل إن إحدى المتدربات وتدعى كيكا فاير لايت من جمهورية الدومينيكان أعلنت اعتناقها الإسلام بعد أن تعلمت مناسك الحج عبر هذا التدريب».

وتبين عواطف أن هناك حجاجا أدوا الفريضة في الماضي، وعندما تلقوا التدريب مؤخرا وجدوا أنهم قاموا ببعض الأمور الخاطئة، وهو ما جعلهم ينوون الذهاب ثانية، لافتة إلى أن الموقع يسمح بدخول الأفراد في أوقات أخرى لا يوجد فيها المحاضرون، وهنا يكون التواصل من خلال النصوص المكتوبة التي تشرح المناسك خطوة بخطوة، أو بالاستعانة بالمتطوعين المسلمين الذين يوجدون خلال الأربع والعشرين ساعة داخل الجزيرة، حيث يقومون بمساعدة زوار جزيرة الحج وإرشادهم.. وبحسب القائمين على الموقع، فتعليم مناسك الحج بهذا الشكل الذي يعتمد على الوسائل المعاصرة في التدريب، نال رضا الكثير من المتدربين الذين أعربوا عن سعادتهم بمعرفة كل ما يخص فريضة الحج المقبلين عليها، خاصة أنه يتم من خلال تسخير التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت في متناول كل فرد.