البوسنة: مكتبة الغازي خسرف بك تنهي فهرسة المخطوطات الإسلامية

مصطفى يحييتش: مخطوطاتنا موجودة في الجامعات العالمية وعلى موقعنا على الإنترنت

TT

أنهت مكتبة الغازي خسرف بك، التابعة للمشيخة الإسلامية، في البوسنة والهرسك، فهرسة جميع المخطوطات لديها، والبالغة حتى الآن 17 مجلدا من الحجم الكبير، ولم يبق سوى بضعة مخطوطات تم حفظها لإصدارها في وقت لاحق في مجلد خاص. وبذلك يبلغ عدد المجلدات 18 مجلدا، قام على فهرستها ثلة من المتخصصين، في مقدمتهم الدكتور مصطفى يحييتش مدير المكتبة. كما قامت المكتبة بإصدار المجلد الأول من أرشيف سراييفو التاريخي، وهو باكورة أعمالها لفهرسة جميع المخطوطات في البوسنة، بما فيها المخطوطات الموجودة لدى مراكز أو حتى أفراد في محافظات البوسنة المختلفة. ورغم أن عملية العناية بالمخطوطات والحفاظ عليها وفهرستها قد بدأت منذ أكثر من قرن تقريبا، فإن عملية الفهرسة في البوسنة لم تبدأ بشكل وظيفي ومكتمل سوى قبل عقد من الزمن.

وقال الدكتور مصطفى يحييتش، مدير المكتبة، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا العمل قبل عدة سنوات بمساعدة من مؤسسة (الفرقان)، لفهرسة المخطوطات في مكتبة الغازي خسرف بك، وجمعناها في 17 مجلدا، وبقي مجلد واحد أجلنا طباعته للعام المقبل، ثم بدأنا بفهرسة المخطوطات الإسلامية في المؤسسات البوسنية الأخرى، منها مخطوطات أرشيف سراييفو التاريخي، وعددها 1200 مخطوطة، وقد أصدرنا المجلد الأول، ولدينا أكثر من ألف مخطوطة في المكتبة الوطنية، لم تكن موجودة في المكتبة عندما تم إحراقها من قبل الصرب سنة 1992، حيث كانت في مبنى آخر». وعن عدد المجلدات التي ستضم مخطوطات أرشيف سراييفو التاريخي، قال «بقي هناك مجلد واحد تحت الإعداد، ونعتقد أن مخطوطات المكتبة الوطنية لن تزيد على مجلد واحد كذلك». وأشار الدكتور يحييتش، إلى أن هناك مساعي لفهرسة جميع المخطوطات الإسلامية في البوسنة، تتكلل بالنجاح «نريد فهرسة جميع المخطوطات الإسلامية في جميع المؤسسات والأماكن، ومنها مخطوطات أرشيف ترافنيك (140 كيلومترا شمال غربي سراييفو) وأرشيف توزلا (120 كيلومترا شمال سراييفو) وأرشيف بنيالوكا (240 كيلومترا شمال سراييفو) وأرشيف موستار (120 كيلومترا جنوب سراييفو) وأرشيف كرايينا (500 كيلومتر شمال غربي سراييفو)، وبعض هذه المخطوطات مفهرسة كأرشيف موستار الذي تمت فهرسة 700 مخطوط منه في وقت سابق». وعن موضوعات المخطوطات قال «تشمل جميع صنوف المعرفة، منها الفقه والتفسير والأدب والشعر والتراجم ومؤلفات العلماء والكتاب البوسنيين في القرون الماضية باللغة العربية وغيرها».

وحول سير العمل بعد سنوات طويلة من العمل في فهرسة المخطوطات، قال «الآن أصبحت لدينا خبرة كبيرة في ترميم وفهرسة المخطوطات، وقد واجهتنا بعض الصعوبات في البداية، لكن هذه هي البدايات دائما تكون صعبة، لا سيما في كشف هوية الكاتب، والكتاب، والعنوان، والمؤلف، وتاريخ كتابة المخطوط، خاصة إذا كان المخطوط غير مكتمل وناقص في بدايته أو نهايته، وتختلف اللغة التي كتبت بها المخطوطات، فهي عربية وتركية وفارسية، ولا بد من وجود من يعرف هذه اللغات ويتعامل معها بمهنية إذ إن التكلم بلغة ما لا يكفي في البحث العلمي، بل لا بد من معرفة خصائصها وأعماقها ومدلولاتها وتراكيبها أو ما يسمى بعلم اللغة». وأردف «الحمد الله الذي ذلل لنا كل هذه الصعوبات، ويمكننا القول إننا نجحنا في تحقيق الهدف، ونحن في مرحلة الانتهاء من هذا العمل الكبير الذي استغرق وقتا طويلا، فالمجلد الأول من أرشيف سراييفو على سبيل المثال استغرق العمل فيه مدة سنتين، وكما أسلفت فقد طبعنا 17 مجلدا من مخطوطات مكتبة الغازي خسرف بك، ولم يبق سوى مجلد واحد، أي سيكون عدد المجلدات التي تضم أرشيف مكتبة الغازي خسرف بك من المخطوطات 18 مجلدا، ويمكن أن تزيد على ذلك، فنحن ننتظر وصول مخطوطات يملكها أفراد، وإذا ما تم ذلك فسيصبح عدد المجلدات 19 مجلدا».

وعن أسباب إقدام بعض الناس ممن يملكون مخطوطات على تسليمها للمكتبة، قال «سمعوا أن هناك مكانا أمينا لحفظ المخطوطات والعناية بها وفهرستها، لذلك يأتون إلى المكتبة لتسليمها إلينا سواء هبة للمكتبة أو بمقابل مادي يطلبونه، وأحيانا يكون الثمن باهظا ونحن لا نملك ميزانية لهذا الغرض».

ونوه الدكتور يحييتش بالجهود السابقة التي بذلت في دول العالم منذ أكثر من قرن «عملية الفهرسة بدأت منذ أكثر من قرن سواء في العالم الغربي أو الإسلامي، وقد استفدنا من التجارب التي سبقتنا في هذا المضمار، واتبعنا طريقتهم في عملية الفهرسة وتسجيل المعلومات الأساسية عن الكتاب المخطوط والمؤلف وتاريخ الكتابة». كما نوه بالإضافة المهمة التي قدمتها مكتبة الغازي خسرف بك، للمكتبة الأرشيفية العالمية، حيث تتوافر على شبكة الإنترنت جميع المخطوطات الموجودة في البوسنة، سواء كانت مخطوطات مكتبة الغازي خسرف بك، أو كلية الدراسات الإسلامية، أو قسم اللغات الشرقية، وغيرها «فهارسنا موجودة في الجامعات العالمية وعلى موقعنا على الإنترنت، ولدينا قاعدة معلومات واسعة في هذا الخصوص عن المخطوطات المفهرسة».

وأعرب يحييتش عن أمله في أن تحظى مخطوطات البوسنة باللغات الشرقية ولا سيما العربية، بالاهتمام الكافي، قائلا «نحن ننتظر الانتقال إلى المبنى الجديد للمكتبة، وسيكون هناك مكان خاص بالبحوث، والاهتمام بطلبات الباحثين في العالم، ولدينا خطة متكاملة لتوسيع أنشطتنا من خلال مركز خاص للبحوث الإسلامية في المكتبة. ونرى من الضروري تأسيس معهد لهذا الغرض لدراسة التراث والحضارة والثقافة الإسلامية لأن البوسنة جزء من هذا التراث وهذه الثقافة».

تجدر الإشارة إلى أن مبنى المكتبة الجديد، والذي لا يزال ينتظر إكمال عملية تأثيثه منذ فترة طويلة، من قبل حكومة قطر التي تبرعت بتمويله، يقع في قلب سراييفو العتيقة على مساحة 7 آلاف متر مربع، وبه أقسام الفهرسة، والترميم، والتصوير، والبحوث.